دفتر.. "سواءة"
صهيب أيوب
تشبه سيارات الحرب العالمية الأولى، وان سألت عنها يبادلك مالكها بالسؤال: "ليش في شي قطعة وقعت منها بطريقك". "الفيتاس" خارج مكانه المعتاد، وينسحب الأمر في تبديل المواقع على دواسات "الفرام" و"البنزين" و"الدبرياج". ووفق تلك المعطيات يصبح تعلّم قيادة سوق السيارات مغامرة، اما تنجح أو تكون العاقبة "فك رقبة". وفي الحالتين "التلميذ" مرحب به في المكاتب بالاتكال على "زوزو" وأخواتها. والأخيرة سيارة "ربع عمر" جاهزة لتقل المتدربين من دون أسف عليها ان جاءت الدعسة ناقصة .
للمرة الأولى يجلس يوسف وراء مقود. يشعر بالفخر من نفسه لأنه وأخيراً سيحصل على "دفتر سواقة". حماسه يشده للتجربة. لكنه لم يكتشف ما ينتظره، الا بعد ان شاهد السيارة التي قرر "المعلم" تحسين ان يعلمه عليها. يردد تحسين على مسامع يوسف الممتعض قائلاً: "لا يوجد سواها في المركز"، ويضيف بفخر:" لقد مرت عليها أجيال، نصف ابناء الحي تدربوا عليها. شوي شوي وبتاخود اجرك".
كان في حسابات يوسف أنه حين سيذهب إلى "المركز"، سيقود سيارة شبيهة بالسيارات التي يشاهدها في الطرقات، او كالتي يملكها خاله ربيع من نوع "رينو"، والتي كان "يسرقها" ويقودها رفيقه حسن و"يشحطان" بها قرب الكورنيش البحري. إلا ان الصدمة جاءت "قوية" حين وجد السيارة التي سيدربه عليها المعلم تحسين، "مهرهرة" وقديمة ولم يكتشف طرازها "وكأنها منتشلة من كتاب التاريخ" على ما يصف، أو بالأحرى مستوحاة من فيلم بوليسي عن المخبرين الألمان ممن يختبئون خلف نظارات سوداء كبيرة. وقبل ان يقرر يوسف البدء بالتدريب الميداني مع المعلم تحسين، جالت في رأسه أفكار كثيرة. صار يتخيل انه حين سيمسك بالمقود قد يحل من مكانه. او حين سيضع قدمه على "دوسات البنزين" قد تتعطل. وبين الضحك والابتسام وهو يتخيل، كان المعلم تحسين ينظر إليه مشدوهاً، يتساءل عن سبب ضحكه. وقرر المخاطرة.
قصة يوسف لا تختلف عن مئات القصص التي يعيشها اللبنانيون في مخاطرتهم ب"تعلم " القيادة من خلال سيارات "غير آمنة"، وليحصلوا على تقنيات جيدة ويفهموا آلية عمل السيارات. بدر حامندي هو أيضا اكتشف "العجائب" في تجربته المتواضعة مع احد مكاتب تعليم قيادة سيارات. فحين فتح الباب ليدخل، سقط الباب أرضاً. ضحك، فما كان من المشرف على التدريب إلا ان قام برمي الباب الفولاذي الضخم، وطلب من بدر ان يقوم بالتدريب من دون باب. تفاجأ بدر لكنه قرر ان يكمل التدريب، وهو يقول: "بتهون". لكن ما كان ينتظره اكثر "غرابة". اذ وجد ان السيارة عند الانتهاء من قيادتها "ما بتطفي" على ما يقول. ويضيف ساخراً: "يبقى محركها شغالاً إلى حين يقرر المعلم ..".
مغامرات يطول الحديث عنها تخرج "سواقين" احترافهم الخروج على أصول القيادة السليمة، وربما على قاعدة "اذا ضربك اضربوا" و"اذا دوبل عنك اضربوا كمان". وإلى حين يصار إلى إعادة تنظيم هذا القطاع، سيبقى تمني "المعلم" وارداً لكل مكان وزمان: "نظراً للوضع الراهن الرجاء التعامل مع السيارة بانسانية " .
التعليقات (0)