نزار جاف من بون
يشهد العراق تصاعدا غير عاديا في درجات الحرارة هذا الصيف، حيث تجاوزت درجات الحرارة حاجز الخمسين درجة مئوية، وهو أمر بات يعاني منه العراقيون نفسهم و يولد عامل ضغط على الاداء الحکومي بهذا السياق، لکن وعندما ينظر الى الوضع داخل معسکر أشرف الذي يقطن فيه أکثر من 3400 معارض إيراني ينتمون لمنظمة مجاهدي خلق(أکبر فصيل معارض في إيران)، فإن هذه المسألة تتخذ بعدا أشد قساوة و کثر سوءا، إذ وبعد المواجهات التي إفتعلتها أطراف في الحکومة العراقية ضد سکان مخيم أشرف بضغط و إيعاز من النظام الايراني، سلکت الحکومة العراقية سياسة أکثر تشددا ضد مخيم أشرف و فرضت عليه مجموعة إجراءات و قيود من أجل جعل الحياة لاتطاق داخل المعسکر و حث المقيمين فيه على مغادرته و العودة الى أحضان النظام الايراني، وقد فرضت الحکومة العراقية بالاضافة الى نصبها آلاف مکبرات الصوت الموجهة من أجل إزعاج سکان المخيم، فرضت أيضا حضرا على المحروقات و الادوية و المواد الطبية و الاغذية الواردة الى داخل المخيم، وقد ظهرت تأثيرات و إنعکاسات هذا الحظر غير الانساني و غير القانوني و غير المبرر على مختلف الاصعدة، على سکان أشرف إذ فقد العديد من سکان أشرف حياتهم من جراء الحظر الدوائي و لاسيما الذين تعرضوا لإصابات من جراء الهجمات المتکررة على المخيم، کما أن حالة الکثير من أفراد المخيم"وخصوصا الذين يعانون من أمراض) قد ساءت أيضا وقد باتت حياة البعض منهم مهددة بالفعل من جراء حظر المحروقات التي کانت تصل کميات قليلة جدا من بعضها فيما إنعدم دخول البعض الآخر منها تماما في الوقت الراهن، الى داخل المخيم لتشغيل مولدات الکهرباء أثناء فترات إنقطاع التيار الکهربائي التي تتکرر يوميا بصورة لافتة مما يستدعي تشغيل المولدات لمواجهة قيظ حرارة الصيف مثلما هي ضرورية أيضا لتشغيل البردات الحافظة للمواد الغذائية، وهو أمر بات يسبب مشکلة بالغة الصعوبة و التعقيد لسکان المخيم ولاسيما المرضى و المصابين منهم و الذين تتجاوز أعدادهم المئات، وأکد محمد إقبال المتحدث الاعلامي بإسم سکان أشرف في إتصال هاتفي معنا من داخل المخيم انه لم يدخل المخيم منذ 7 أشهر قطرة واحدة من البنزين فيما دخل فيما دخل زيت الغاز(الديزل) کميات محدودة جدا وذلك لتشغيل محطة الکهرباء الواقعة تحت سيطرة القوات العراقية وان وصول المحروقات لتلك المحطة لايعتبر بالضرورة الى داخل المخيم و تلبية إحتياجاتهم، إذ أن سکان المخيم بحسب ماأضاف السيد إقبال يحتاجون للوقود من أجل إستمرار الحياة في داخل المخيم و بشکل يومي ومن ضمنها في مخازن المواد الغذائية و أماکن النوم و الاماکن التي يرقد فيها المرضى و الجرحى و المطابخ و مضخات المياه و أماکن عمل السکان، حيث يعتبر زيت الغاز ضروريا و حيويا في جميع هذه الاماکن.
وقال الناطق الرسمي باسم سکان المخيم، ان ساعات إنقطاع الکهرباء والتي تصل يوميا الى 15 ساعة، يضطر المقيمون داخل المخيم لتشغيل مولدات الکهرباء الصغيرة الموزعة داخل المخيم ليؤمنوا التيار الکهربائي لتشغيل أجهزة التبريد و حفظ الموادالغذائية و تشغيل المخابز و إنتاج الثلج و الامور الاخرى ذات الصلة، لکن الحظر المفروض على دخول المحروقات الى الداخل يحول دون تشغيل هذه المولدات مما يجعل الحياة جحيما لايطاق.
واضاف المتحدث أنه وعلاوة على هذا، هناك سيارات لوجستية مختلفة تحتاج للوقود ويجب أن تعمل بشكل يومي لحل المشاكل اليومية في المخيم ولا يمكن ايقاف عملها، وعلى سبيل المثال أنه بسبب شحة المياه، يجب ايصالها إلى بعض المناطق داخل المخيم بواسطة عشرات من صهاريج المياه، كما هناك سيارات اخلاء مياء الصرف الصحي وسيارات حمل النفايات وسيارات نظافة الشوارع وسيارات ايصال المؤونات والمواد الغذائية إلى السكان والسيارات الخاصة لنقل المرضى والجرحى الى المستشفى، وجميع هذه السيارات والاجهزة والآليات تحتاج الى الوقود.
وقال اقبال أن أي تحرك داخل المخيم وبين اماكن السكن والاماكن الخدمية التي كانت تجري سابقا بواسطة السيارات تجري في الوقت الحالي مشيا على الاقدام بسبب انعدام المحروقات وتحت حرارة اكثر من 50 درجة مئوية في هذه المنطقة الصحراوية. وهذا في وقت فيه السكان صائمون في شهر رمضان المبارك طبقا لعقيدتهم الاسلامية.
وأضاف أنه وفي غضون الاشهر الثلاث الماضية دخل المخيم 5 بالمئة فقط من حصة الوقود المحددة للسكان وهذا في ظل ارتفاع درجة الحرارة حيث اكثر بكثير مقارنة مع الاشهر المماثلة في العام الماضي، والامكانيات والاجهزة الموجودة في أشرف اقل واغلبها في حالة رديئة أو معطوبة وهذا يدل بوضوح على الحد الاعلى للضغط والتعذيب والجريمة ضد سكان أشرف وخاصة في ظل وجود كارثة انسانية حدثت إثر هجمات القوات العراقية وأخيرها هجوم الثامن من أبريل الماضي على أشرف، حيث خلف عدد كثير من الجرحى المحرومين من الحد الأدنى من الامكانيات الطبية والدوائية. ويعيد المتحدث الاعلامي باسم سكان أشرف إلى الاذهان أن الامين العام للأمم المتحدة وفي جانب من تقريره الدوري الذي رفعه إلى مجلس الأمن الدولي في السابع من يوليو 2011 أكد: «إنني أحث السلطات العراقية على ضمان حصول سكان المخيم على حاجاتهم من السلع والخدمات بشكل كاف..» ولكن الحكومة العراقية وبعدم السماح لدخول المحروقات واستمرار الحصار الظالم واللاشرعي على سكان أشرف العزل تستمر في التنصل عن تعهداتها الدولية وتأمين الحد الأدنى من حاجيات سكان أشرف.
وإستنادا لتلك الاوضاع المأساوية والنهج القاتل للحياة عمدا يتقدم سكان أشرف مطالبين الأمين العام للأمم المتحدة والممثل الخاص للأمين العام في العراق للتدخل بشكل سريع في هذا الأمر الحيوي والزام السلطات العراقية المعنية بالالتزام بواجباتها تجاه سكان اشرف وفق الاسس والمبادىء الدولية وأن لا تمنع دخول الوقود الذي يتم شراؤه على نفقه سكان المخيم.
التعليقات (0)