دعوا وائل غنيم برتاح قليلا
دخول الحمام ليس كمثل خروجه
الموقف المهادن الذي بدأ يتجه إليه الناشط السياسي والحقوقي "وائل غنيم" عقب إطلاق سراحه بعد 10 ايام مستمرة في المعتقل وهو معصوب العينين ، أثار عليه غضب من كان يرفعه على الأكتاف وفوق الرؤوس في الساعات القليلة الماضية . لاسيما وأن مصر تتجه بقوة وسرعة نحو العصيان المدني ولا مجال للمناورات والتهدئة الآن وقد قضي الأمر الذي فيه يستفتيان.
وعلى الرغم من أن وائل غنيم قد عاد ونفى على موقع العربية نت ما نسب إليه من أقوال تفيد رضاه وقناعته بتحقيق حسني مبارك لمطالب الثورة المصرية . وأن هناك جدية في الإصلاحات التي وردت في خطابه .... على إعتبار أن تصريحاته تلك كانت قبل إذاعة خطاب حسني مبارك أمس الخميس وليس بعده ، حين ظن هو والملايين أن التنحي قد بات محتوما ومفروغا منه.... نقول على الرغم من ذلك فإن هناك من يرى في مواقف وأدبيات وائل غنيم الأخيرة ميلا للمهادنة.
على أية حال فلا يزال واضحا أن وائل غنيم (صاحب موقع كلنا خالد سعيد) قبل المعتقل ليس كمثله بعد خروجه منه ..... وقد بدأ عليه الإرهاق الجسدي والإعياء النفسي الشديد وجفاف الحلق والأنف والجلد واللسان وماء العينان . وإعترى حديثه الكثير من التشتت والتلعثم والتناقض والإرتباك من خلال اللقاءات التلفزيونية التي أجريت معه سواء داخل مصر أو خارجها . وكذلك من خلال اللقاءات الإذاعية ... فهو يتحدث بميلودية عاطفية تارة وثورية تارة أخرى. ثم يسارع إلى النحيب والبكاء ولطم الذات والتعبير عن تأنيب الضمير تارة ثالثة .. وهكذا دواليك بلا إستثناء وعلى طريقة "ثلاثة في واحد"
وبالطبع فإنه لايشك مؤمنان أو منافقان أن للمعتقل السياسي في مصر نكهته القمعية والإحباطية الخاصة . وأن هناك منهجية وإرث تاريخي يؤطران عموميات وتفاصيل التعامل في ردهات وغرف إستقبال وسراديب وكهوف هذا المعتقل منذ عهد المماليك مرورا بالأتراك وأياديهم القمعية القذرة من الألبان والشركس والأرناؤوط والبلطجية .. ثم إستيعابه للجديد الإسرائيلي والأمريكي على نحو ما جرى وشاهده الكون في أبو غريب . وبشكل يجعل الداخل فيه مفقود والخارج منه مفقود على حد سواء.
وأئل غنيم من جهة أخرى ينتمي إلى طبقة ثرية ويشغل منصب مدير التسويق في شركة غوغل لمصر وشمال أفريقيا البيضاء وربما أفريقيا السوداء بأسرها ، وبما لمثل هذا المنصب من مداخيل نقدية تتبعها روادف من البحبوحة والرفاهية وهو لا يزال يراوح الثلاثين من العمر لا غير . وإعتاد على التعامل الثوري المثالي النظيف من وراء الكي بورد (The key board) وحده ، قبيل تاريخ 25 يناير 2011م وفق ما أدلى به من تصريحات عقب خروجه مباشرة من المعتقل.
كان الأحرى بوسائل الإعلام المصرية المعارضة على نحو عام والتجمعات الثورية في ميدان التحرير بوجه خاص أن تراعي وتدرك حاجة وائل غنيم إلى الراحة والإستجمام والإنفراد بالذات لفترة حتى يستطيع أن يعود ويتأقلم مع نفسه وينفض عن كاهله ظلام وكوابيس وعذابات المعتقل الذي لا نشك في أنها ستخلق منه في المستقبل القريب شخص قيادي جديد صاحب رؤية ثابتة ونظرة ثاقبة إنسلخت منه هالات البراءة والوداعة ، وإنمحى عن عقله وإلى الأبد ذلك الحلم الوردي في السبات واليقظة وهو يعالج أفكاره ويبثها من خلال أصابعه على الكي بورد لجهاز اللاب توب المحمول أو الكمبيوتر الشخصي الثابت عبر غوغل وإلى الفيس بوك وتويتر.
ننصح إذا بعد هذا الحديث الممل المطول أن يخلد وائل غنيم إلى الراحة . وأن تتركه مذيعات ومقدمات البرامج الحسناوات وغير الحسناوات في بي بي سي ودريم وغير دريم في حال سبيله . حتى لا يتعرض لمزيد من الضغوط النفسية ويذرف الكثير من الدموع ويبادر بخلع المايكرفون ومغادرة الأستديو على عجل.
التعليقات (0)