مواضيع اليوم

دعم الملكة رانيا المثمر يجب على كل فلسطيني أن يقدم الشكر الجزيل إلى كل المبادرين بدعم شعب فلسطين

احمد خليفة

2010-04-21 10:23:19

0

دعم الملكة رانيا المثمر


 توفيق ابو شومر
 
ليس من عادتي أن أمدح الحكام والملوك والقادة والرؤساء، لا لأنني سأكون في مرمى المشرحين والناقدين فأتهم بالوصولية والتملق ، بل لأنني لا أحب المطربين من الكتاب وما أكثرهم ممن اعتادوا أن يرقصوا على أوتار الرؤساء الخرساء ، عملا بقول نابليون بونابرت: الأقلام العازفة على أوتار الحكام هي التي تطيل أعمارهم

غير أنني هذه المرة أحسستُ بسرور غامر وأنا أقرأ خبرا نشرته الصحف ووكالات الأنباء عن مبادرة أعلنت عنها الملكة رانية العبد الله السيدة الأولى في الأردن، وهذه المبادرة تكاد تكون الوحيدة في موضوعها ومجالها ، فهي أولا تستهدف البنية التعليمية، وثانيا فإن مجالها هو القدس المنكوبة بالاحتلال !

فالملكة وضعت إصبعها على الجرح بمهارة من يعرف معاناة أهل القدس، ويعرف مستقبلها أيضا، فمشكلة القدس ليست مشكلة نزاع بين اليهود والعرب، وهي ليست أيضا قضية جغرافية، ولا هي قضية صراع بين الأديان فقط ، وإنما هي في جوهرها صراعُ على قدرة الإنسان على البقاء والاستمرار، وقدرته على مواصلة الحياة.

 فكيف يمكن لمن لا يجد مكانا لأولاده في المدارس أن يبقى في القدس ؟

وكيف يمكن أن يرضى سكان القدس بإخراج أبنائهم من المدارس، إن مبادرتها جعلتني أهتزّ وأنتفض تأثرا وألما عندما قالت:

هناك عشرة آلاف طفل مقدسي لم يذهبوا اليوم إلى مدارسهم ، وهم بالتالي لن يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس في السنة الجديدة 2011 !!

إذن فإن تلك المبادرة الواعية تعادل عندي كل ملايين الدولارات الجاحظية  نسبة لأحد بخلاء الجاحظ الذي قال لمن طلب منه دَيْنا :

 ((لو كان عندي مائة ألف ، لأعطيتك منها عشرة آلاف، ألم تر كم أنني كريم ؟))

 هذه الملايين الجاحظية التي رصدتها الدول العربية مرات عديدة لسكان القدس، بدون أن يصل منها مليم واحد منذ سنوات وسنوات.

 لقد تجاوزت هذه المبادرة الحدود السائدة للمنح والهبات (الوهمية) للقدس والمقدسات ، لتصب هذه المبادرة في موقعها الصحيح ، وذلك لأن الملكة صاحبة نية صادقة ومعرفة بطبيعة وضع القدس ، وهي تعلم بالتأكيد بأن إعادة عشرة آلاف طالب إلى قاعات المدارس في القدس يعني مئات المليارات المستثمرة آجلا من أجل بناء القدس عقليا وثقافيا ، وليس رقما من الأرقام التي اعتاد الموسرون وقادة العرب أن يتبرعوا بها (إعلاميا) فقط !

نعم أعترف بأن وضع القدس شائك وخطير، وكذلك تعلم صاحبة المبادرة الجليلة، وأن كل المبادرات سوف تصطدم بحائط احتلالي قاس، يحتاج إلى مرونة وقدرة على المناورة ، فمبادرتها ليست لإنشاء مدارس جديدة، في الوقت الذي تتم فيه عمليات والتهجير من البيوت ، فالملكة تعلم بأن إنشاء مدرسة جديدة في القدس يشبه البناء في كوكب عطارد ، فهي قد عمدت إلى أسلوب ذكي، قابل للتنفيذ ، وهو إعادة تأهيل  مائتي مدرسة من مدارس القدس ، وهذا ممكن وضروري !

كما أن المشروع ليس حكوميا كله، بل تشارك فيه قطاعات نسائية عديدة من العالم العربي ، وهذا أيضا يشير إلى وعيٍ بطبيعة الحياة في القدس.

كما أن المشروع ذاته يأتي توأمة لمشروع سابق يجري تطبيقه في الأردن الآن ويهدف لإعادة تأهيل خمسمائة مدرسة في المدن والقرى الأردنية ، وتلك إشارة تضامنية تستحق التقدير والاحترام.

نعم ما أحوجنا إلى هذا الدعم الذكي من قبل كل المخلصين ممن يقدمون الدعم المخلص غير المشروط في مجالاته الحقيقية ، وبخاصة في مجالات البنية الأساسية للحياة، وأهمها قطاع التعليم، والبنية الأساسية للطفولة ، وهي البُنى التي تخدم المستقبل الفلسطيني !

وأنا أعرف بأن هذه المبادرة من الملكة سوف يُنظر لها بخطورة بالغة عند المتطرفين الذين يحتلون القدس اليوم ويتحكمون في مقدراتها ، وهؤلاء هم الذين يسعون أولا لإفساد البناء التعليمي ، بتخريب المدارس ، أو كما كان يحدث في غزة في التسعينيات عندما كان المحتلون يجمعون الرجال والشباب في ساحات المدارس ويحققون معهم ويضربونهم ، حتى يقرن المعذبون بين المدارس والتعذيب .

فهم اليوم في القدس يمنعون المدرسين ممن يسكنون خارج القدس من أن يلتحقوا بمدارسهم في القدس، وهم أيضا لا يسمحون للمدارس أن تتوسع وتبني أبنية جديدة ، ولم تعد هناك منح لإقامة مدراس خاصة جديدة في القدس ، وإذا أضفنا إلى ذلك مسلسل الجدران العازلة فإننا نصل إلى أن ما يجري في القدس، ليس سوى إحلال المتطرفين الحارديم محل السكان الفلسطينيين الأصليين .

يجب على كل فلسطيني أن يقدم الشكر الجزيل إلى كل المبادرين بدعم بنيتنا التعليمية والصحية والاجتماعية ، وعلى رأسهم جلالة الملكة رانيا العبد الله فمبادرتها ومشروعها كان بمثابة حاضنات مملوءة بالأكسجين الصحي لغرض إنعاش أبنائنا ممن أوشكوا على التشرد، فيصبحون عندئذٍ عاطلين مدمنين ، ويتحولون من طاقات إنتاجية إلى أعباء مجتمعية وحالات مرضية.

ليس من قبيل المبالغة عندما أُقرر بأن مبادرة الملكة رانيا الذكية الواعية، هي ردٌ قوي على أغنى أغنياء العالم الملياردير إرفن مسكوفتش، الذي وظف كل ثروته لدعم الحارديم في القدس .

                                                        




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !