كل الذين تحدثوا عن دعارة القاصرات بالمغرب من قبل، تحدثوا عن مدن بعينها: طنجة، مراكش، البيضاء … حقاً كانت هذه المدن قبلة مميزة للأجانب و المغاربة على حد سواء من عشاق هذا النوع من الدعارة، و لم تكن مدينة محافظة كفاس تذكر من قبل من ضمن المدن التي تزدهر فيها السياحة الجنسية عامة و دعارة القاصرات خاصة، عاصمة العلم و المعرفة و حاضرة ا لادارسة و المرينيين، مهد أفئدة العلماء و الشعراء و رجال الأدب، إبن خلدون و أبن الخطيب و ميارة الفاسي و… صارت واحدة من المدن ا لتي تنشط فيها تجارة الجنس ككل و تجارة القاصرات على مرأى و مسمع أجهزة الأمن التي تحصي أنفاس المواطنين و لكنها تغض الطرف عن إنتهاك أعراض الصغيرات.
ينص القانون المغربي على أن كل ممارسة جنسية مع فتاة دون الثامنة عشرة من العمر تعد إغتصاباً، و تقيم جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة الدنيا ولا تقعدها حين تحكم محكمة مغربية بزواج فتاة قاصر من عشيقها حفاظاً على شرفها ولكن حين يتعلق الأمر بفتيات يمتهن أقدم مهنة في التاريخ لم يبلغن بعد سن الرشد فالكل يدير ظهره لمعاناتهن … كان لنا لقاء مع عاملات الجنس القاصرات بفاس و دار بيننا و بينهن حوار إنصب على وجه التحديد حول دواعي تعاطيهن للفساد و حول البؤر التي ينشطن بها و كذا نوعية الزبناء الذين يقبلون على خدماتهن … لم يكن أمر الوصول إلى عاهرة قاصر شاقاً بالعاصمة العلمية إلتقينا بإحدى محترفات القوادة بمرقص “فيليبوووس” و بعد أخذ و رد قبلت بأن تكون دليلنا في عالم الصغيرات اللاتي يتلمسن طريقهن في دنيا الدعارة ….
مرافقتنا جشعة إلى أبعد الحدود أجبرتنا على أداء ثمن مشروباتها بالمرقص و عمولة لحراس المرقص قدرها 100 درهم ثم إنطلقنا في رحلة البحث، ظل هاتفها يرن دون إنقطاع … هذا يبحث عن عاهرة شاذة و ذاك عن فتاتين مستعدتين لمضاجعته في آن واحد، وحسب إختلاف الطلب عن المألوف يرتفع ثمن الممارسة، و طلبنا كان مصنفا ضمن نفس الخانة… نادت القوادة “وداد” و هو إسمها الحركي على منال هذه الأخيرة كانت تقضي ليلها بمرقص آخر في فندق مصنف يقع في الطريق المؤدية إلى مكناس
منال فتاة تبلغ من العمر 17 سنة إحترفت الدعارة منذ كان عمرها 13 سنة بعد إنفصال والديها تدخن و تشرب الخمر و تقضي الليل في أحضان معجبيها …سألناها عن الأماكن التي تتحرك فيها بلا تردد أخذت تسرد جملة من الفنادق و المقاهي الراقية … شيراتون كراون بلوبابل تياترو زلاغ … لا تقل أجرة منال في كل ممارسة عن 500 درهم، و إذا كان الزبون ميسوراً فإنها لا تتردد في طلب 1000 درهم … زبناؤها من مختلف الشرائح على نحو ما ذكرت فمنهم ضباط أمن و موظفون بسلك القضاء و …
منال تحدثت عن مأساتها الأسرية بحرقة و حكت أنها السبب في إنحرافها ، والدتها على علم بنشاطها لكنها لا تستطيع كبح جماحها، غادرت الدراسة مبكراً منذ الأولى إعدادي و إنغمست في دنيا المجون ، منال تلبس لباساً متأنقاً و بإمكانها إرتياد الأماكن الراقية و إقتناء العطور و الألبسة الغالية الثمن، فدخلها يتجاوز في غالب الأحيان 1000 درهم في الليلة.
عرفتنا “وداد” على “هدى” أيضاً و هي فتاة تتابع دراستها بمدرسة خاصة في المرحلة الثانوية عمرها 16 عاماً، و إنحرافها مختلف نوعاً ما فهدى لا تشرب ولاتدخن ولا تقضي الليل خارج بيتها.
وزعت رقم هاتفها الخاص على قوادات تثق بهن يرتبن لها لقاء ات مع زبناء من طينة خاصة ولا تتجاوز مدة اللقاء أربع ساعات حسب أجندتها الموزعة بين الدراسة النظامية ومدرسة اللغات و قاعة الألعاب الرياضية. تتقن هدى لغتين هما الفرنسية و الانجليزية وتحلم بمستقبل مشرق، أخبرتنا أنها عندما تكبر ستودع هذا العالم إلى غير رجعة، بدت أكبر من سنها بكثير وهي تتحدث عن المستقبل، توفي والدها منذ كانت في سن السادسة و تربت في كنف جدتها إلا أن ضيق ذات يد جدتها دفعها للتخطيط لمستقبلها بطريقتها الخاصة. أول مغامرة لها في دنيا العهر درت عليها مبلغ مليون سنتيم دفعها أحد الخليجين كاملة غير منقوصة … ودعنا “وداد” و إتجهنا نحو عوالم الدعارة الرخيصة … مقاهي الشيشة في المدينة كالفطر “طريق صفرو”، المدينة الجديدة”، و حتى “عوينات الحجاج” الحي الشعبي” لا يخلو منها ,مليئة عن آخرها بفتيات المدارس، بعد تردد قبلت “ريم” أن تحدثنا عن تجربتها عمرها 15 عاماً … في البداية كانت تغادر مقاعد الدراسة و تلجأ لمقهى ا لشيشة القريب من مدرستها كنوع من إثبات الذات، و هناك تعرفت على ألوان من الشباب… في هذه البؤر تعلمت كيف تحصل على مصروفها، لم يكن الأمر في البداية يتجاوز حدود المداعبة و الممارسة السطحية و لاحقاً ستفقد عذريتها في بيت أحدهم ـ كان محامياً على حد إدعائها…في مرات عديدة لا تتجاوز أجرتها عن ممارستها للجنس 50 درهماً … يكفيها أن تقتني بعض الملابس و أن ترتاد أماكن اللهو رفقة صديقاتها … لا أحد يسأل عن غيابها في المدرسة، مقاهي الشيشة كما تقول “ريم” عالم ينطوي على آلاف المآسي لكل فتاة فيه قصة مميزة … ولتجارة الجسد داخل فضاء ات الشيشة طقوس خاصة،يندر أن تقتحم هذا العالم فتاة جديدة دون إذن الفتيات المواظبات على الحضور لمقهى بعينه، إن دخول أنثى جديدة معناه إندلاع حرب … لكل مقهى إناثه اللائي يؤثثن فضاءه … “ريم” واحدة من ضحايا الإهمال الأسري، ربما كانت رسالة من مؤسستها لولي أمرها كافية لردها إلى جادة الصواب و ربما كان التفات وليها لضرورة زيارتها بين الفينة و الأخرى في المؤسسة التي تدرس فيها، سينتشلها من براثن الفساد … في تجوالنا قادتنا مغامرة البحث عن عاهرات قاصرات إلى إكتشاف صنف أخر لا يعيره أحد الإهتمام الذي يستحقه، غير بعيد عن محكمة الإستئناف و في شارع الحسن الثاني الذي تؤثثه كراسي الرخام التي يتباهى شباط بإقامتها في عهده المجيد …. عثرنا على فتيات في الرابعة عشرة من العمر يخطرن جيئة و ذهاباً على طول شارع الحسن الثاني بحثا عن زبون … “سناء” و “حليمة” نموذج آخر للعاهرات القاصرات … لا يطلبن أكثر من عشرين درهماً عن كل ممارسة … تحتضنهن فنادق غير مصنفة بالقرب من محكمة الإستئناف، يقدنك إليها بسرعة خاطفة إذا وافقت على السعر… “سناء” و “حليمة” بدون مأوى، هربتا من منزلي أسرتيهما منذ زمن و لا أحد يسأل عنهما.
غير بعيد عن مكان وقوفهما يجلس في مقهى مقابل ضباط أمن و رجال استعلامات معروفون بالمدينة يراقبون كل شاردة وواردة، يكتبون تقارير و يرفعونها لرؤسائهم …خمنا أنهم يستهلونها هكذا : ”الأمن مستتب و الهدوء يعم أرجاء المدينة”
التعليقات (0)