مواضيع اليوم

دستور يا اسيادنا.

محمد مغوتي

2011-02-05 21:19:31

0

    بين عناد الرئيس مبارك في تشبثه بكرسي الرئاسة و إصرار شباب الثورة المصرية على المضي قدما في الإعتصام حتى يسقط النظام، يبدو مستقبل مصر في مهب الريح. و بعد كل المحاولات التي استهدفت إجهاض الثورة، أصبح الدستور آخر قشة يحاول النظام التعلق بها.
    الرئيس مبارك لا يريد التخلي عن السلطة في هذه المرحلة، وذلك من أجل الحفاظ على مصر و حمايتها من الفوضى كما صرح هو شخصيا. و هذا يعني أن فراغ منصب الرئيس هو الذي سيؤدي بمصر إلى الهاوية. و كأن ما يحدث الآن في أرض الكنانة ليس فوضى. لكن تبرير الرغبة في البقاء على رأس السلطة بضرورة احترام الدستور و تفعيله و تجنيب البلاد أزمة سياسية، هو في الواقع ليس إلا مناورة من مناورات النظام المصري الذي فقد ثقة الجماهير الشعبية الغاضبة. و الواقع أن مفهوم " الفراغ الدستوري " لا معنى له مادام النظام القائم قد فقد كل شرعيته في نظر الشعب الثائر. فعندما يطالب الغاضبون في ميدان التحرير و مختلف الساحات و الشوارع المصرية بإسقاط النظام فذلك يعني في الحالة المصرية إحداث قطيعة مع كل السياسات التي انتهجت على مدار ثلاثين سنة من حكم الرئيس مبارك. و بالتالي فإن تخليه الفوري عن الحكم هو الأفق الذي رسمته الثورة المصرية. و بعد ذلك ستدخل البلاد في مرحلة انتقالية تتشكل خلالها لجنة من الخبراء من أجل تعديل بنود الدستور أو إعداد دستور جديد ينسجم مع تطلعات و مطالب الشعب. ثم تنتهي هذه المرحلة الإنتقالية بإجراء انتخابات رئاسية و برلمانية، لأن البرلمان الحالي هو في حكم الغائب مادام يفتقد للشرعية القانونية.
    إن المشكلة الرئيسية في مصر هي انعدام الثقة في النظام. و حتى إذا افترضنا جدلا أن بقاء الرئيس ضروري لاستكمال التغييرات الدستورية و التهييء للإنتخابات المقبلة، فإن من حق هؤلاء الذين يطالبون برحيل النظام الآن و ليس غدا أن يخافوا من المستقبل ما دامت تلك الثقة مفقودة. فخلال 30 سنة كاملة لم يعين الرئيس نائبا له. و في غضون أيام قليلة من الغضب عمد إلى تفعيل منصب نائب الرئيس. و رغم أن هذا القرار يبدو ظاهريا بأنه توجه جديد نحو التغيير، فإنه قد لا يعني شيئا في عيون الشباب المرابط في ساحة التحرير. ففي الفصل الثالث من الدستور المصري، والذي يتعلق بالسلطة التنفيذية، وفي فرع : رئيس الجمهورية نقرأ في المادة 139 ما يلي: " لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، ويعفيهم من مناصبهم. وتسرى القواعد المنظمة لمساءلة رئيس الجمهورية على نواب رئيس الجمهورية. " و واضح أن تعيين عمر سليمان في منصب النائب جاء كتفعيل لهذه المادة. لذلك يتساءل أي مواطن بسيط: لماذا لم يصدر هذا القرار قبل اليوم؟. و هو سؤال مشروع طبعا. ثم إن هذه المادة تمنح للرئيس كل الصلاحية لإعفاء نائبه من مهامه. فمن يضمن أن الرئيس لن يفعل ذلك عندما تهدأ الأمور و تعود المياه إلى مجاريها؟.. و لا أحد يستطيع منعه مادام الدستور يخول له هذا الحق.
    إن الإلتفاف على مطالب الثوار باسم الدستور ليس إلا محاولة لكسب الوقت و شق الصف الشعبي. فقد أثبتت التجارب في عدد من الدول أن الإنتقال من وضع إلى آخر أمر ممكن و طبيعي، وإذا كانت نوايا الإصلاح و الإستجابة لمطالب الشعب سليمة، فإن نقل سلطات الرئيس إلى نائبه يعتبر مخرجا من الأزمة، لأن ذلك كفيل بالحفاظ على السير العادي لمؤسسات الدولة في انتظار المرحلة المقبلة. لكن الرئيس حتى الآن أصر و يصر ... إلحاحا ( على حد تعبير عادل إمام في مشهد من " شاهد ما شافش حاجة" ) على البقاء ضدا على كل الأصوات التي تدعوه إلى التنحي في الداخل و الخارج.
           محمد مغوتي.05/02/2011.



 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !