مواضيع اليوم

درع الاتحاد العام للآثاريين العرب.. وانتصار القادمين


عبد الهادي فنجان الساعدي
الاثنين 21-11-2011

كتبنا في مقال سابق عن بعض الانواع من البشر وقلنا بان هناك بشرا وان هناك ظواهر. وعندما ابلغني صديقي الاستاذ حيدر فرحان بنيل الاستاذ الدكتور ناهض عبد الرزاق درع الاثاريين العرب صباح يوم 15 اكتوبر 2011 في مقر الجامعة العربية بالقاهرة كان العراق على موعد بتكريم ثقافته وحضارته التي تجسدت بشخص احد علمائها وابنائها البررة، ابن العراق الكبير وابن الجنوب الرائع.
لقد تجسدت امامي صورته وهو يقف على منصة مسرح الهيئة العامة للاثار والتراث ليعيد امجاد اساتذة الاثار العراقيين الكبار وتمكنهم من هذا الجانب الحضاري المهم الذي لولاه لكنّا "بدون".
لم يمنحني الفرصة ان اشكره، بل انه كان البادي بالشكر وكان يكبر بنظري ونظر الاخرين في كل لحظة وفي كل اجابة كان يجيب عليها خلال عمر اللقاء. يقول العلامة العراقي هبة الدين الحسيني الشهرستاني "خير المخلفات المؤلفات" وقد اثرانا ومايزال ينسج خير المخلفات وخير المؤلفات. لم استطع ان استوعب كل هذا الكم الهائل من الكلمات والمعلومات التي تخيلتها كالنهر الذي كسرت ضفافه ففاض ليسقي كل الجوع والعطش الذي تشعر به ارض بلاد ما بين النهرين وابناؤها.
وقد استحق بالتاكيد وصف "الرجل الظاهرة" الذي سيبقى مصطفا مع من تركوا خير المخلفات وخير المؤلفات.. للاجيال القادمة.
كيف منح درع الاثاريين العرب لحضرتك؟
- يمنح درع الاتحاد العام للاثاريين العرب من قبل مجلس ادارة الاتحاد العام للاثاريين العرب، الذي يتعين عليه النظر في الشخصية المرشحة من حيث مكانتها العلمية ودورها الفاعل في ترسيخ مفهوم التراث الاثاري والحضاري، بحيث يكون ممن ساهموا في تقدم الدراسات الاثرية والحضارية في الوطن العربي او يكون ممن اسدوا عملا جليلا مرموقا في مجالات الدراسات الاثرية والحضارية او اعمال التنقيب والاكتشافات الاثرية، او في تحديث طرق عرض وادارة المتاحف او ترميم وصيانة الاثار، ويجب ان لا يقل عطاؤه الاثري عن ثلاثين عاما في مجال التخصص، على ان يتم ترشيح الشخصية لادارة المجلس من قبل ثلاثة اعضاء على الاقل من اعضاء مجلس الادارة ويشترط موافقه كافة اعضاء مجلس الادارة على منح الدرع للشخصية المرشحة.
هل كانت هناك منافسة مع علماء اثار اخرين ام كنت المرشح الوحيد حسب الشروط؟
- بالتاكيد كان هناك مجموعة من العلماء العرب البارزين الذين تم ترشيحهم من قبل ثلاثة اعضاء على الاقل من اعضاء مجلس الادارة لاتحاد الاثاريين العرب الذي مقره في القاهرة، وتدخل اسماء المرشحين لنيل الدرع في تصفيات بعد دراسة مستفيضة لما قدمه المرشح من انجازات خلال مسيرته العلمية والوظيفية كالتاليف والبحوث المنشورة فضلا عن الشروط الاخرى الواردة في شروط منح الدرع ويتم اختيار احد المرشحين لنيل الدرع وبالاجماع وليس بالاغلبية. ولذلك كانت المنافسة شديدة مع باقي الاخوة والزملاء من علماء والاثار العرب والحمد لله كانت لنا الكفة الرابحة في التنافس سيما وان مقر الاتحاد في مصر وهذا يعتبر انجازا اضافيا لما للاخوة المصريين من باع طويل في علم الاثار عن المستوى العربي ولذلك فوزنا بالدرع من بين هذه الكوكبة الجليلة من العلماء العرب يعتبر مفخرة للعراق ووسام للعراقيين.
هل هذا اول درع من نوعه يحصل عليه عالم عراقي؟
-في الواقع كان الدرع يمنح سنويا لاحد علماء الاثار العرب من المتوفين حصرا، وقد حصل العراق على درع مماثل سنة 2004 للعلامة الاستاذ طه باقر (رحمه الله) رائد علم الاثار بالعراق وتم ترشيحه في حينها من قبل جمعية الاثاريين العراقيين التي تاسست بعد سقوط النظام البائد عام 2003 حيث قمت بدرج اسمه خلال مشاركتي باعمال المؤتمر في تلك السنة واحضرت انا شخصيا الدرع للعراق وسلمته الى عائلة المرحوم طه باقر بعد ان اقمنا احتفالية بهذه المناسبة في بغداد وقمنا بدورنا كجمعية وكرئيس لجمعية الاثاريين العراقيين باستحداث درع مماثل سميناه (درع الاثاريين العراقيين) وحضر الاحتفالية حينها السيد مفيد الجزائري مدير الثقافة السابق من الاثاريين الرواد الذين عاصروا حياة المرحوم طه باقر فضلا عن اعضاء جمعيتنا المهتمين بالشان الثقافي والحضاري في العراق.
اما الدرع الذي حصلت عليه هذا العام فهو الاول للعراق بعد ان حصل تعديل على شرط منح الدرع حيث شمل العلماء الاحياء.
ماذا يمثل درع الاثاريين العرب للثقافة العراقية؟
- للدرع دلالات معنوية كبيرة اذ انه يبرز دور العراق في الثقافة العربية بشكل خاص والثقافة العالمية بشكل عام في هذه المرحلة التي تمر بها امتنا العربية و العراق الحبيب، وحصول احد ابناء العراق كان محط فخر وتشجيع من قبل جميع الاخوة العرب بما فيهم من تنافسوا معي للحصول على الدرع.
وانا شخصيا لا انسى منح هذه الجائزة والتي ضجت قاعة الجامعة العربية بالقاهرة بالتصفيق. في الواقع لم يخطر ببالي باني انا صاحب التكريم، بل ان التكريم كل التكريم للعراق العظيم الابي الشجاع... كان الدرع ردا على الارهاب.. كان الدرع ردا على من يتربص بثقافة العراق.. وانا اقف واسم العراق يبعث بصداه في كل زاوية من زوايا القاعة وانا احمل على صدري خارطة العراق.. وقد حييت منذ اللحظة الاولى امام فضائيات عدة جميع افراد الشعب العراقي واهديت لهم هذه الجائزة وقلت (هذا غيض من فيض... هذه اثارنا تشهد لنا، فانظروا من بعدنا للاثار) ان الدرع لا يمثلني انا فحسب... بل يمثل حضارة بابل واشور، ويمثل الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسامراء... يمثل كل عراقي... كل مثقف... انه انجاز للثقافة العراقية... وانا اشعر بالفخر وارى نفسي اساهم في رفع اسم بلدي العظيم في هذا المحفل الثقافي العالمي المتميز.
هل كان العراق مشاركا في فعاليات اتحاد الاثاريين العرب منذ مؤتمره الاول؟
- في الواقع كان اول مؤتمر للاتحاد عام 1998 ولم يكن العراق عضوا فيه حتى عام 2001 عندما شاركت بشكل شخصي في مؤتمرات الاتحاد وهي السنة الاولى التي ادرج فيها اسم العراق في هذا المحفل العربي، وفي عام 2003 ادرج العراق كعضو فاعل في الاتحاد بعد تاسيس جمعية الاثاريين العراقيين والتي كنت انا احد الاعضاء المؤسسين فيها ورئيسا لها.
هل يرى أ. د. ناهض بانه امتداد طبيعي لعلماء الاثار العراقيين؟
- منذ ان وطأت قدماي قسم الاثار تاثرت باساتذتي الذين تتلمذت على ايديهم في مرحلة البكالوريوس ولعلي لا اخفي سرا ان قلت ان درجة تاثري بعمالقة علم الاثار في العراق انني الى الان لم أنس تفاصيل محاضراتهم. واخص بالذكر منهم الاستاذ الدكتور المرحوم فيصل السامر الذي درسني في مرحلة الماجستير واثناء حديثه عن ثورة الزنج وذكر عاصمتهم (المختارة) وهي مدينة في البصرة حيث سُكت فيها بعض النقود وقد نصحني هذا العالم الجليل باختيار مادة (النقود) للدراسة وسجلت الموضوع في حينها عن (النقود البويهية في العراق) باشراف أ. د. عبد العزيز حميد في بداية السبعينات من القرن الماضي. واكملت الدكتوراه في جامعه لندن بين عامي 75-1979 وتخصصت بالمسكوكات ايضا حيث كانت اطروحتي بعنوان (صناعة النقود في مدينة السلام) ولازلت افتخر منذ اول دراسة لي وحتى اللحظة باني قد عاصرت وزاملت العديد من العلماء الكبار ليس على مستوى العراق فحسب، بل على مستوى العالم وفي مقدمتهم الاستاذ طه باقر، د. تقي الدباغ، د. رضا الهاشمي، د. وليد الجادر وعيسى سلمان و د. خالد الاعظمي (رحمهم الله جميعا). ومن الاحيّاء امد الله في عمرهم د. عبد العزيز حميد، د. غازي رجب، د. طلعت الياور، د. صلاح العبيدي.
وقد شعرت من مرافقتي لهؤلاء العلماء مسؤولية كبيرة حيث علي ان اواكب العلوم بكافة مجالاتها واظهار حضارة العراق وثقافته عبر التاريخ لتكون مناراً تهتدي به اجيالنا اللاحقة وليكملوا مما تركه عظماء العراق من تراث.
لذا ارى نفسي امتدادا تاريخيا طبيعيا لعلماء الاثار العراقيين.
في اخر اللقاء ماذا تحب ان تقول؟
- احب ان اشكر جريدتكم الغراء لاهتمامها البالغ بالشان الثقافي، واطمح بان يكون العراق ارضا لملتقى العلماء والمثقفين العرب والعالم وان يقام المؤتمر القادم في ارض الرافدين.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !