مواضيع اليوم

درس عراقي لنا جميعاً..

محمد شحاتة

2010-08-29 14:36:13

0

جندي أمريكي بكامل زيه ولباسه العسكري المموه والمميز ممسك بأكتاف رجل عراقي عادي حافي القدمين يرتدي جلباباً بسيطاً .. الجندي الأمريكي يشبه الجنود المارينز من ذوي البنية القوية الفارعة والجسد الممتلئ في غير إفراط ..

تستشعر حين النظر إليه أنه قد أوتي شيئاً من بأس شمشون وقد كساه الزي العسكري هيبة ورهبة في مواجهة مواطن مدني عراقي عادي يرتدي جلباباً بسيطاً ..

كان الجندي الأمريكي منحنياً على العراقي ممسكاً به يحاول أن يسيطر عليه ويوقعه على الأرض .. بينما كان العراقي يقاوم .. ويجتهد ألا يمكن منه الجندي الأمريكي ..

كان الجندي الأمريكي والمواطن العراقي يتصارعان وحولهما تحلق بعض العراقيين بينما كان هناك من يصور هذا الحدث بكاميرا المحمول ..

الناظر لطرفي المصارعة ولأول وهلة لا ينتابه أدنى شك في أن الجندي الأمريكي سيطوح الرجل العراقي ربما لأقصى مرمى البصر وفي أقصر وقت ممكن .. هناك تفاوت كبير بين المتصارعين يصب في صالح الأمريكي حتماً ...

 فالأمريكي رجل عسكري أختير على عناية وخضع لتدريبات قتالية فائقة ومميزة إضافة إلى بنيته الجسدية القوية وكذا النظام الغذائي المميز الذي يتمتع به ..

وعلى الجانب الآخر تلحظ أن العراقي المبارز له أو المتصارع معه رجل عادي تستشعر أنه من عامة الناس .. قامته وجسده أقل وأضعف من الأمريكي .. علاوة على أنه باعتباره من عامة الناس فلا يبدو عليه أنه مارس الرياضة من قبل أو أنه خضع لأي نظام تدريبي أو حتى غذائي في ظل ما يعانيه العراق من سلسلة أزمات وحصار وحروب تخر من هولها أعتى الجبال ..
فوق هذا وذاك فإن الزي العسكري الذي يرتديه الجندي الأمريكي يساعده تماماً ويكسبه ميزة المرونة والمناورة وسرعة الحركة أثناء المصارعة ..

بينما جلباب الشاب  العراقي يعتبر أول معوقاته لأنه يعتبر نقطة ضعف تمكن الخصم من السيطرة عليه وتضعف مرونة  الشاب العراقي ومن قدرته على المناورة والحركة الخفيفة ..

دارت المباراة وبعض العراقيين متحلقين حول المتصارعين .. الأمريكي ظاهر على العراقي .. وضع المتصارعين يهيئ الناظر لحكم سريع بتفوق الأمريكي على الرجل  العراقي .. يعضد ذلك قيام الأمريكي بمحاولة خاطفة للإطاحة بالعراقي وإلقائه أرضاً إلا أن العراقي تماسك واستعصى على الأمريكي الذي أعاد المحاولة .. ثم حاول مرة أخرى .. ولم يستطع .. ثم أنكفأ على العراقي ليبحث في جسده عن ثغرة أو منطقة لدنة يمكنه أن يسيطر منها على العراقي ليطرحه أرضا ..

وفي ظل هذه المحاولات .. أمسك الشاب العراقي بإحدى قدمي الجندي الأمريكي ورفعها بعد أن تمكن منها ومنه .. فقد الجندي الأمريكي توازنه .. حاول أن يستعيد ثباته ..

إندفع المواطن العراقي وهو يدفع خصمه الأمريكي بقوة حتى طرحه أرضاً وصرعه في حركة مباغتة وسريعة أعلنت تفوق هذا المواطن العراقي البسيط على الجندي الأمريكي وسط تهليل وصياح العراقيين الذين شهدوا "المقابلة" ..

إنقطع المشهد عند لقطة بدا فيها الجندي الأمريكي يمد يده لمصافحة "الإنسان" العراقي الذي صرعه ... رغم أنها "مقابلة" عفوية تدخل في دائرة التسامر .. إلا أن لها ألف مغزى ومغزى .. فالسينما الأمريكية والدعاية الهوليودية التي تصور الأمريكي على أنه بطل أسطوري خارق وفوق العادة ... كمثل سلسلة أفلام سيلفستر ستالوني (رامبو).. وأرنولد شوازينجر وغيرهما ..

وهي الصورة التي اهتزت بشدة وعنف بأحداث 11 سبتمبر والتي بصرف النظر عن النظرة الإرهابية فيها فإنها من زاوية أخرى هزت صورة البطل الأمريكي الخارق المحصن والذي لا يستطيع أحد في الكون المساس به أو هزيمته ..

وها هو مواطن عراقي عربي بسيط يرتدي جلبابا .. وحافي القدمين يصرع أحد أبناء المارينز الخوارق !!!
صورة الأمريكان كما هي صورة أبناء الصهاينة المجرمين تغذيها آلة الدعاية الإعلامية الرهيبة لتغذي عقول العرب أنهم جيوش لا تقهر وأنهم أبناء الأساطير والخوارق ..

هذه الصورة هدمها الفلاح العربي المصري .. الجندي عبد العاطي الذي اصطاد 27 دبابة من دبابات الصهاينة "الأسطورة " في حرب أكتوبر المجيدة .. كان يصطادها كما يصطاد الطفل الصغير العصافير ..

بينما كان زميله الصول (عبدالعظيم) يصعد الساتر الترابي وعلى ظهره يحمل مدفعاً يزن 170 كجم على ظهره في إعجاز حي رصدته ووثقته الأفلام الوثائقية التي صورت لقطات حية من حرب النصر..

الإنسان العربي حين تشتد عليه الشدائد ويجد نفسه في موقف التحدي فإنه يتفوق على نفسه ويثبت للدنيا كلها أنه على قدر التحدي وأنه يستطيع أن ينتصر على أعدائه ويدحرهم .. وسيدحرهم ... إن شاء الله ..
تحية من قلبي إلى ابن العراق البسيط الذي لم يظهر وجهه واضحاً في الصورة وربما ليكون رمزاً لكل العراق الأبي الشامخ العزيز ..

تحية للعراقي ابن دجلة والفرات ..

ابن التاريخ والحضارة التي علمت البشرية ما لم تكن تعلم ..

ونرجو أن يعود ليقود البشرية إلى حيث يعلمها مبادئ الحضارة من جديدة ..


أدعوكم معي لكي تشاهدوا مباراة المصارعة بين الجندي الأمريكي والمواطن العراقي ...

http://www.youtube.com/watch?v=nzoDu4oiAuo&feature=related




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !