مواضيع اليوم

درس من الفتنة الطائفية

مالك الحزين

2010-10-09 23:48:45

0

درس من الفتنة الطائفية

بقلم : السيد سالم

 

لا أحد ينكر دور الظروف الاجتماعية والاقتصادية في تأجيج الفتنة الطائفية في أي بلد، لكن الذين يعولون على الأوضاع الاقتصادية " يتناسون ما هو أهم، ألا وهو الانتماء إلى فكر وعقيدة تسهم في تحريك الأوضاع، وقد تعجبت كثيرًا من الذين يضعون العامل الاقتصادي في المقدمة مع أنه مجرد عامل وحيد في ظل تشابكات أيديولوجية معقدة ترتكز في جوهرها على علماء الدين الذين يرون أن هناك أوقات مناسبة كي يدسوا أفكارهم المتطرفة في العامة.
إن ما يحدث في مصر على سبيل المثال لهو خير دليل على ذلك، فإننا لا نستطيع مثلا أن نقول إن رجلا مثل الأنبا بيشوي تعوزه الحاجة كي يصبح متطرفا، سواء هو أو غيره من علماء الدين المسلمين الذين أدلوا بتصريحات نارية إبان اختفاء زوجات الكهنة اللاتي اعتنقن الدين الإسلامي.


ولا يقتنع عاقل بأن تلك التصريحات وليدة اليوم، بل هي أفكار وآراء ثابتة جاء وقتها للظهور، خاصة بعد محاولات الأمن فرض الوحدة الوطنية بالقوة، فكان الأنباء شنودة وشيخ الأزهر السابق، رحمه الله، يتصافحان ويبتسمان، ووراء كل منهما رجل أمن يقف حاملا سيف الاعتقال أو النفي، أو التهديد بالطرد من جنة الحاكم التي أنعم فيها عليهم بفيض الحرية الدينية المزعومة.


كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال الشفافية المفقودة في التعامل مع هذا الملف، خاصة وأن الأمور تسير في تلك المرات على هوى أصحاب السيادة الذي يستطيعون أن يسجلوا مكاسب سياسية في ظل ضعف قبضة الدولة المتراخية في أشياء كثيرة، فلماذا يتم عمل هجمة إعلامية مقصودة عندما يتنصر مسلم، ويخرج علينا شيخ الأزهر أو المفتي ليعلنا أن الدين يتطهر من براثن هؤلاء ضعاف النفوس مثلما حدث مع محمد حجازي أو نجلاء الإمام، وفي المقابل نجد تمسكا من الكنيسة بعدم إعطاء الحرية لمن أسلم سواء للخروج على الملأ ليقول نفس الكلام غير المقنع الذي قاله محمد حجازي، أو قالته نجلاء الإمام.
وهل التعامل بتلك الكيفية هو الشفافية المطلوبة، بل ولماذا يتشدق المتشدقون بقول: حقوق الإنسان تمنع ظهور مثل كاميليا شحاتة، مع أن المعروف أن المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة، وإلا لما كان هناك فائدة من إقامة الدولة، التي يظلم فيها أفراد كثير من أجل مصلحة المجموع، أم أن وأد حرب طائفية ليس مهما في نظر هؤلاء؟
وإذا كان شيخ الأزهر والأنبا شنودة قد أصدرا بيانا يحض على التماسك والوحدة، فهل هما فعلا مقتنعان بأن هذا البيان له قيمة في ظل عملية غسيل المخ التي من شأنها نشر العداوة والبغضاء بين المواطنين.
قد جربنا كثيرا مثل تلك البيانات والإدانات، بل قد اتهمنا أنفسنا كثيرا بأن هناك متطرفين مسلمين هم من يشعلون فتيل الأزمة، وفي غمرة ذلك نسينا أن هناك أطرافا تغذي مثل هذا الصراع في الخارج، وليسوا قلة متطرفة، في كلا الطرفين، في الداخل فقط.
إن مخططات محو الهوية التي تسير على قدم وساق مدعومة من الخارج هي السبب الرئيسي في تأجيج الفتنة، كما أن سكوت الدولة عن تطبيق القانون على المخطئ بل الأدهى أنه يتم عقد الصفقات السياسية مع هؤلاء الخارجين، مما ساعد في زيادة طمع الطامعين وتماديهم في اختراع المشاكل من أجل اكتساب مساحة أوسع من الصفقات.


وكأنني أرى الآن جميع الخيوط تتشابك وتكتمل، ولم يبق إلا الدستور ليخرج علينا رجل الأعمال المصري المعروف نجيب ساويرس ويطالب بتعديل المادة الثانية بحجة أنها تعوقه كمواطن مصري من ممارسة حقوقه كمواطن، مع أن جميع دساتير العالم الغربي لا تخلو من مادة تنص على أن الدين الرسمي للدولة هو الدين "الفلاني"، وإلا فلماذا تخشى فرنسا على الدين الرسمي لها، ولماذا تخاف بلجيكا أو هولندا أو حتى بريطانيا، وكذلك أمريكا، ولعل الأمور قد اتضحت الآن في السودان بعد مخطط التقسيم من أجل إعادة بناء المملكة النصرانية في الجنوب، وإن القراءة الدقيقة للأمور تؤكد أن ما يحدث في مصر هو مخطط شبيه بما حدث هناك، وإن كانت السيناريوهات مختلفة إلا أن النهاية واحدة.
فماذا يريد نصارى الغرب؟!
إن ما يريده الغرب وفق المخطط الذي يغذونه، هو تفتيت دول المنطقة بحيث تصبح عالة على غيرها، وبالتالي يستطيعون فرض وصايتهم على تلك الأقاليم الضعيفة والتي يحكمها حفنة من الحكام الذين لا يعرفون إلا مصلحتهم بل إن الكارثة أنه يخيل إليهم أنهم حريصون على سلامة أوطانهم، مع أنهم هم المدانون أولاً في كل ما يحدث، لأنهم ارتموا في أحضان الغرب ونسوا نصيبهم من الاتحاد ولو أنهم استمعوا إلى شعوبهم لرشدوا ولكنهم ارتكنوا إلى لغة المصالح مع الغرب فخسروا.
إن كان الأقباط يريدون حقوقهم فإن الدين الإسلامي كفل لهم كل حقوقهم، فلم يكرهم أحد على ترك دينهم، ولم يكرهم أحد على اعتناق الإسلام، بل إن بدءوا حملة تنصير واسعة، وطالبوا بحرية المعتقد وحقوق الإنسان، ومع ذلك جاءوا في النهاية واحتاطوا لأنفسهم، وطالبوا الدولة أن تحميهم من المد الإسلامي الذي كاد يجتثهم في الداخل.
نعم، نحن مع حقوق الإنسان، ومع حرية المعتقد، وليت البابا شنودة خرج علينا عندما اعتنقت زوجات الكهنة الإسلام وقال مثلما قال مشايخنا، وليته يصرح علنا ويقول: من أراد أن يدين بالإسلام فنحن نسمح له بذلك، وليعلنها صراحة، ساعتها سوف يميز الخبيث من الطيب من رعيته.
إن الأمور تتعقد، والحركة أسرع مما نتخيل، ولا أريد من الطرفين أن يتعجلا، لأن الأيام كفيلة بتحقيق النصر للأقوى، وليست مكاسب واهمة لفترة من الزمن.
 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !