ما أكثر ما وجدنا أنفسنا مجبرين على الإنتظار،في محطة من محطات الحياة ،وما أكثر ما نفذ صبرنا واحترقت اعصابنا في انتظار حافلة لعينة أو عزيز غائب او وردة لم يحن في الواقع اوان انفتاحها...طبيعتنا جبلت على أن تكره كلمة انتظار.. فترانا نسرع ونستبق الثواني،أحيانا من أجل لا شيء، وأحيانا أخرى بنكهة الأبدية..كأن العمر كله معلق بلحظة..بنظرة طرقت بابنا حين كنا عن الزمن غائبين ، أو بذكرى كالطيف برقت فاستحال العيش دون لهفة انتظارها تعود رغم أنها في الواقع لن تعود..ويبقى الإنتظار أمل من لا أمل لهم.. بوصلة التائهين في خضم زمن بالكاد نستشعر انوجادنا بين ثناياه. لهفة الإنتظار وحدها تعطي الزمن معنى..
درس من كاماسوطرا
بكأس الشراب المرصع باللاّزورد
انتظرها
على بركة الماء حول المساء وزهر الكُولُونِيا
انتظرها
بصبر الحصان المعد لمنحدرات الجبال
انتظرها
بذوقِ الأميرِ الرفيعِ البديعِ
انتظرها
بسبع وسائد محشوة بالسحاب الخفيف
انتظرها
بنار البخور النسائي ملء المكان
انتظرها
برائحة الصّندل الذكريةِ حول ظهورِ الخيلِ
انتظرها
ولا تتعجّلْ ،
فإن أقبلت بعْد موعدِها
فانتظرها
وإن أقبلتْ قَبل موعِدها
فانتظرها
ولا تجفل الطير فوق جدائلها
وانتظرها
لتجلس مرتاحةً كالحديقةِ في أوج زينتها
وانتظرها
لكي تتنفس هذا الهواء الغريب
على قلبها
وانتظرها ...
لترفع عن ساقها ثوبها غيمة غيمة
وانتظرها
وخذها إلى شرفة لترى قمرا غارقا في الحليب
انتظرها
وقدم لها الماء قبل النبيذ
ولا تتطلّع الى توأمي حجلٍّ نائمين على صدرها
وانتظرها
ومس على مهل يدها عندما تضع الكأس فوق الرخام
كأنك تحمل عنها الندى
وانتظرها
تحدث اليها كما يتحدث ناي إلى وترٍ خائف في الكمان
كأنكما شاهدان على ما يعد غد لكما
وانتظرها
ولمع لها ليلها خاتما خاتما
وانتظرها
إلى أن يقول لك الليل:
لم يبق غيركما في الوجود
فخذها ، برفقٍ إلى موتك المشتهى
وانتظرها... !
من ديوان : سرير الغريبة ،1997.
التعليقات (0)