مواضيع اليوم

درس فرنسي.

محمد مغوتي

2010-08-12 12:57:10

0

                       درس فرنسي.
        في أحدث استطلاع للرأي نشرته صحيفة لوجورنال دو ديمانش قبل أيام حول الشخصيات الأكثر شعبية في فرنسا، احتل ثلاثة فرنسيين من أصول إفريقية مراتب متقدمة جدا. حيث تصدر القائمة لاعب التنس
السابق ذو الأصول الكاميرونية يانيك نواه. و جاء بعده نجم كرة القدم زين الدين زيدان ذو الأصول الجزائرية. بينما احتل الفكاهي جاد المالح و هو من أصل مغربي المرتبة السادسة في الإستطلاع. و دخل القائمة الممثل الشهير جمال دبوز المغربي الأصل أيضا في المرتبة الثالثة عشر.
    قد يكون الموضوع عاديا جدا بالنسبة للكثيرين، لكن النقاش الساخن الذي تشهده عدد من الدول الأوربية بخصوص مسألة الهوية و اندماج المهاجرين في النسيج المجتمعي يمنح لهذا الإستطلاع بعدا آخر. لذلك ينبغي وضعه في سياقه الحقيقي من أجل استخلاص الدلالات و الرموز التي يشير إليها. فنحن بصدد دولة أوربية تعتبر إحدى القلاع الديموقراطية في العالم. و قد نجح الفرنسيون إلى حد بعيد في تجاوز عقدة الصفاء العرقي بسبب دينامية المجتمع و تقبله للآخر في إطار القوانين و الأنظمة المعمول بها. لذلك نجح هذا البلد في استقطاب عدد كبير من الراغبين في النجاح من مختلف دول العالم. و أصبحت فرنسا تجمع شعبا فسيفسائيا منقطع النظير. و الإستطلاع يؤكد قيمة العمل و الجهد في خلق النجومية. و لا يهم في ذلك اللون أو الأصل أو الجنس بقدر ما يهم الدور و الحضور الوازن في الواقع العملي.

    إن النتائج المذكورة تفند كل ما يقال عن العنصرية و التمييز في الغرب. و المشاكل التي يتحدث عنها البعض لا ترتبط بطبيعة البنية الثقافية للمجتمعات الغربية، بل تتعلق بالمهاجرين أنفسهم. فهؤلاء الذين فرضوا أنفسهم نجوما في سماء فرنسا و احتلوا عقول و قلوب الفرنسيين يقدمون نموذجا واضحا على أن الإندماج في المجتمع هو الطريق الصحيح للمواطنة الحقة التي لا تلغي كونية الإنسان. و بعد ذلك يكون لكل مجتهد نصيب. و كل من استطاع أن يندمج في الثقافة الغربية لا يجد أية عوائق تحول دون طموحاته الحياتية. لذلك فإن هذا الإستطلاع ينبغي أن يقدم درسا لكل الذين ينظرون إلى الغرب نظرة عداء بسبب الإختلاف الثقافي أو الديني فقط. فالمجتمعات الغربية مؤهلة لتحقيق التعايش بين الجميع نظرا لأنها تجاوزت نقاشات الإنتماء العرقي أو الديني و رفعت لواء الإنسان كغاية سامية. وهذا هو الأمر الذي يعجز الكثيرون عن استيعاب دلالاته لأنهم مازالوا يفكرون بعقليات العشيرة و القبيلة.

محمد مغوتي. 12/08/2010.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !