مواضيع اليوم

دراما ميتة لشعوب تحتضر

كلكامش العراقي

2010-09-28 19:45:38

0

 رمضان آخر مضى تنافست فيه كل القناوت العربية على تقديم أحدث أنتاجات الدراما العربية مع وعود كثيرة بأن هذا العمل أو ذاك سيكون أنعطافة في تاريخ الدراما بحسب ما يصرح منتجوه..وبأستثناء بضعة أعمال عرضتها قنوات عدة فأنك تجد معظم القنوات لها أعمال حصرية بها.جاء الشهر ومضى لنكتشف كما في كل عام أن ماقدمته القنوات على كثرتها ليس ألا نسخا متعددة لنفس المواضيع التي طرحتا المسلسلات الأخرى والتي كانت طرحت أيضا في السنوات الماضية..

لم يستجد أي جديد فهذا التاجر يتزوج سكرتيرته وذاك الشرطي يحاول الوصول الى جناة ما..وصاحب شركة ما يرشي المسؤول الفلاني للحصول على صفقة معينة وفي الحلقة الأخيرة يعود التاجر الى صوابه ويهجر سكرتيرته عائدا الى زوجته المضحية التي أنتظرته ويصل الشرطي الى الجناة جميعهم فيما يقع صاحب الشركة في قبضة العدالة ويسقط هذا المسؤولسقطة مدوية وكأنه اللص الوحيد في النظام الحكومي...
ولكون هذه المواضيع مكررة يلجأ المخرج الفذ الى الحشو الممل فتراه يضيع وقت الحلقة في تصوير الفلة أو الضيعة أو في حوار لا معنى له أو ربما في زحمة طريق حتى يعلق فيها البطل أو حتى في أنفعالات غير مبررة وتمضي الحلقات على هذه الوتيرة منذ الحلقة الأولى حتى الحلقتين أو الثلاث الأخيرة حيث تتسارع الأحداث بشكل غير منطقي ليعتقل المجرم ويتزوج البطل حبيبته بعد أن تتحسن أموره المالية فيما يرزق بالأطفال من كان يعاني طيلة الحلقات الماضية من العقم...كل هذا يجري في الحلقة الأخيرة ولا أدري هل يستهزئ المنتجون بالمشاهد أم بأنفسهم من خلال طرح مثل هذه الأعمال الرديئة.
حتى الدراما التاريخية رغم ضخامة ميزانيتها وتعدد البلدان التي تصور فيها أضحت أبواقا للمديح بهذه الشخصية أو تلك متناسية إن لكل شخص حسنات وسيئات لابد من ذكر كليهما توخيا للدقة والموضوعية.
في الواقع ليس لدى منتجي الدراما العربية أي عذر لرداءة اعمالهم فبعد أن كان الكثيرون منهم يعزون الأمر الى الأمكانيات المادية سحب منهم هذا الغطاء بعد أن دخلت الساحة قنوات عديدة تتنافس من أجل تقديم المسلسلات بشكل حصري وبعضها سخي بالدفع الى حد غير متوقع وبالتالي من المفترض أن يترجم هذا السخاء الى أعمال تليق على الأقل بما أنفق عليها من أموال..ثم أن قلة المال قد تفسر ضعف أمكانيات الأنتاج والتصوير والمؤثرات لكنها بالتأكيد لن تؤثر بالسيناريو الذي نراه متكررا رغم أن لمجتمعاتنا من المشاكل الكثير مما يمكن أن يلهم الكتاب ولله الحمد،فمن التطرف الديني الى الفساد مرورا بالبطالة والأضطهاد والتحرش الجنسي وجرائم الشرف والمساواة...الخ كل تلك المواضيع هي مجالات عذراء لم تطرقها الدراما العربية بعد كما أن طرحها سيسجل كنقطة للدراما لأنها ستطرح مشكلة يعاني منها المجتمع وبالتالي قد تسهم بشكل أو بآخر بتطوير المجتمع وحل  أو المساعدة في حل جزء من مشاكله إذ أن الفن كما الأدب لافائدة ترتجى منه أن لم ينجح في تطوير المجتمع والأرتقاء فيه والعمل الفني الناجح لايؤثر في المتابعين إلا من خلال حبكته التي تمس أوتارا حساسة لدى المتابع..
في أميركا تصنع الدراما البلد..فكلنا يتذكر شخصية ديفد بالمر في مسلسل 24 كأول رئيس أسود للولايات المتحدة والتي سبقت وصول أوباما للمكتب البيضاوي بست سنوات تقريبا يوم لم يكن أحد قد سمع بأوباما،كما ان مسلسل "commander in chief" قد يمثل تنبؤا آخر كاد أن يحصل في الأنتخابات الأخيرة وقد يحصل في المستقبل القريب ربما..حيث يطرح المسلسل  فكرة تولي أمرأة للأدارة الأمريكية.بالطبع نحن لم نذكر هنا كم من الأختراعات الحديثة والأساليب العلمية المستخدمة حاليا سبقت مخيلة الكتاب وأبداعات الفنانين فيها أنجازات العلماء أنفسهم عبر أفكار طرحت خلال أفلام وبدت في وقتها أفكارا مجنونة أو مجرد خيال خصب لكاتب أفلام خيال علمي لكن كثيرا منها أخذ طريقه الى الواقع اليوم..إذن نحن أمام أعمال فنية تصنع المستقبل أو على الأقل تتنبأ به..لكننا في نفس الوقت نجد الدراما العربية لازالت تراوح مكانها مستغلة الأنتشار الواسع للفضائيات ومتثاقلة عن تحمل أي دور في نهضة الشعب ومعالجة قضاياه.
أيضا دعونا نطرح موضوع المسلسلات البوليسية..فكم من مسلسل يختص بهذا المجال،لكن هل هناك تشابه بينها؟؟
بالطبع لا.فكل واحد من هذه الأعمال له ميزته وطابعه الذي يميزه عن باقي الأعمال الأخرى رغم أنها جميعها تتناول الجريمة لكن من زوايا مختلفة ومتنوعة.
إذن ما الذي يميزهم عنا فينتجون ما لاننتج؟؟
قد يتحجج البعض بمساحة الحريات المتاحة وكثرة الخطوط الحمراء والكلام هنا صحيح لكن في نفس الوقت هناك مجالات لاتمس الخطوط الحمراء كالدراما الطبية التي تحقق أعمال تتناولها كغرايس أناتومي و أي.آر وهاوس وغيرها نجاحات باهرة..فهل فكر منتجونا بأعمال لايطالها مقض الرقابة وهي في نفس الوقت أعمال رصينة؟؟
أيضا هناك بلدان مثل العراق ولبنان ليس فيها خطوط حمراء بالشكل المفروض بالدول الأخرى لكن هل ساعد ذلك على تطور الفن؟؟
بالطبع لا ولنا في ماطرحته القنوات العراقية في رمضان دليل على ذلك فهي - اي القنوات العراقية- حتى عندما تنتقد الواقع في أعمالها فهي تنتقده بطريقة أقل ما يقال عنها أنها سوقية رخيصة وبذيئة (الشرقية والبغدادية وحتى العراقية كنماذج)؟؟
اليس هناك من وسيلة محترمة لطرح المشاكل؟؟
لماذا يقتصر أظهار المشاكل على الطريقة الكوميدية المبالغ فيها فقط؟؟
ثم هل عجزت تلك القنوات عن أنجاز عمل كوميدي رصين يخفف من أعباء الحياة على المشاهد وينسيه همومه وفي نفس الوقت يحترمه ولا يقلل من قيمته؟؟
إذا لم يكن التمويل ولاهامش الحريات كافيا للنهوض بالدراما والسينما العربيتين ترى ماالذي سيساعدهما على النهوض؟؟
وهل أن القدرة على الأبداع قتلت فما عاد في الفن من مبدعين؟؟
أم أننا نظلم الفن العربي بتهم لا أساس لها إذ أنه يعبر عن واقع معاش الى الدرجة التي أصبح فيها ميتا مثل واقعنا بالضبط؟؟
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات