علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــــ
قفزت الى ذهني فرضية ابن خلدون في نشوء الامم وتطورها وانهيارها كحال الانسان من طفولة وشباب وهرم كما جاء في (مقدمة ابن خلدون) وانا اتابع مقاطع من بعض المسلسلات المصرية الرمضانية اذ انها تشي بان هذه الدراما ذات العراقة تعيش في قمة مراحل شيخوختها من الضعف والانحلال وفقدان التركيز والتأثير ! ومما يؤسف له ان تبدأ الدراما المصرية بداية قوية في اعمال مثل (خماسية الساقية) لعبد المنعم الصاوي منتصف الستينيات اذ تنبض الأجزاء الثلاثة التي مثلت بالواقعية الفنية وازدهرت الاعمال التاريخية الدينية منتصف السبعينيات باعمال كبيرة مثل (محمد رسول الله) حتى اذا وصلنا الى مرحلة الثمانينيات اتحفنا اسامة انور عكاشة ومحمد فاضل بأعمال باهرة مثل (وقال البحر) و (رحلة السيد ابو العلا البشري) و(الراية البيضاء) و (عصفور النار) وغيرها .
كنت اتابع بعد الافطار مسلسل (رجل الاقدار) لمؤلفه سامي غنيم ومخرجه وفيق وجدي وممثله نور الشريف فهالني الفقر في الامكانات والأداء والمعالجة التاريخية المتهافتة للشخصية محور المسلسل واظن ان اختيارها جاء بسبب كون البطل حاكماً لمصر ! لقد طرح المسلسل الشخصية بطريقة مقدسة مع انه كأي بشر معرض للخطأ ومن المفارقات ان يقارن المرء بين هذا الحاكم وحاكم آخر هو يوسف الصديق عليه السلام جسدته الدراما الايرانية الصاعدة في مسلسل من (45) حلقة فقد عرضه المسلسل بقوة وبطريقة مقنعة جداً وقد استغرق تصويره ثلاث سنوات وبنيت مدينة كاملة لاجله جسدت البلاط الفرعوني والحياة المصرية وكلف سبعة ملايين دولار .
اذن أين يكمن الخلل ؟ هل في ضعف الدعم للاعمال الدرامية وهذا غير وارد لان صناعة المسلسلات في مصر ترتبط بسوق الصناعة اكثر من ارتباطها بسوق العرض الفني . هل في قلة الكتاب او ضعف الاخلاص ؟ هل في ظهور منافسين اقوياء للدراما المصرية مثل الدراما السورية والدراما التركية والدراما الخليجية فضلاً عن الدراما الايرانية !؟ ربما يكون في بعض هذه الاسئلة شيء من الاجابة لكن المظنون ان اغلب موضوعات الدراما المصرية استهلكت الى تاريخ مغنيهم وممثليهم فلم يعد في القوس منزع كما يقال وليس امامها الا اصدار شهادة الوفاة كأختها الدراما العراقية !
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)