دراسة تحليليةدراسة تحليلية لقصة نظرة للقصاص يوسف ادريس
يوسف إدريس علي قصاص وروائي مصري ولد سنة 1927 وتوفي سنة 1991 مارس الطب العام وتخصص في الطب النفسي من مؤلفاته مجموعته القصصية (أرخص ليالي) ومنها أخذت القصة التي بين أيدينا وتحمل عنوان (نظرة) فما موضوع هذه القصة وما هي عناصرها الفنية والحكاية؟
تدور هذه القصة حول طفلة في عمر الزهور استوقفت السارد فجأة طالبة منه مساعدتها في تعديل حمل كان يثقل رأسها الصغير. كانت عائدة من الفرن والحمل يوشك على السقوط . ساعدها السارد بحماس وإشفاق . وراح يتابعها وهي تعبر الشارع مخافة أن تفقد توازنها من جديد. بغتة تتوقف الصغيرة وحين لحق بها كانت تنظر إلى أطفال يلعبون بكرة مطاط في مرح وحبور. نظرت إليهم مليا ثم تابعت سيرها واختفت عن عين السارد.
إنها لحظات وجيزة ولكنها حافلة بأشد القضايا تعقيدا في عالمنا المعاصر. فقبل أن تتوارى الطفلة عن الأنظار ألقت نظرة نحو الأطفال, نظرة ذات دلالة كبرى ومعنى عميق. ربما من هنا تولد عنوان القصة (نظرة ) أليس هذه النظرة تعبيرا عن معاناة نفسية تتأجج بمشاعر الغيرة والحرمان؟ ألم تكن نفس الطفلة تثوق إلى التخلص من أشغالها الشاقة لتنطلق إلى عالم المرح والحبور عالم الطفولة التي حرمت منها ظلما وقسوة ؟
يا لها من معاناة.. طفلة في براءة الزهور تدفعها ظروف قاهرة إلى عالم الشغل والمسؤولية والعقاب . تعمل خادمة لدى من لا تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا.فمن أباح للأغنياء تسخير الأطفال ؟ وكيف تحرم هذه الطفلة من الاستمتاع بطفولتها؟ ألم يكن مكانها الطبيعي ساحات اللعب أو فصول الدرس والتعليم؟ كم هو قاس هذا المجتمع المتسلط الغشوم..
لقد استطاع السارد أن يحرك تعاطفنا مع هذه الطفلة منذ اللحظة الأولى حين سألته العون والمساعدة. صحيح أنه اعتبر ذلك غريبا: طفلة صغيرة تسأل رجلا غريبا مثله لا تربطها به أي صلة. لقد أدرك أنها مستعدة في ضائقتها تلك أن تستنجد ولو بالشيطان. ذلك أخف عندها من سقوط الحمل من على رأسها مما سيعرضها لشديد العقاب. وقد فهم السارد ذلك من تلفظها بعبارة (سيتي ) اللفظ المقابل لسيدتي.
وحين كسب السارد تعاطفنا مع هذه الطفلة انتقل للزج بنا في دوامة القلق والإشفاق, وقد سلك في ذلك مسلكين : الأول هو تتبع حركة الحمل فوق رأسها كلما تحركت الطفلة. الثاني عرض أوصاف الطفلة.في المسلك الأول نجد تعدد الإشارة إلى الحمل الثقيل فوق رأس الطفلة كما في الفقرتين الأولى والثانية . المسلك الثاني توظف فيه صفات الطفلة بعناية قصد كسب مزيد من التعاطف مع الطفلة الصغيرةومن الإشفاق عليها. وقد ركز الوصف على ثيابها وذراعيها وساقيها ( ثوب واسع مهلهل يشبه قطعة قماش التي ينظف الفرن ) ( رجلاها كمسمارين دقيقين ) ( وحهها المكمش الأسمر) ( قدميها العاريتين كمخالب الكتكوت)
من هنا يكون الكاتب قد نجح في رسم شخصية الطفلة رسما لا يدخل في التفاصيل ولكنه قادر على إقناعنا بأننا أمام طفلة تعاني وإن كانت لاتبوح بمعاناتها . فهي لم تطلب مساعدة السارد إلا بعد أن أوشك حملها على السقوط . أما حينما وقع بصرها على الأطفال يلعبون , فإنها لزمت الصمت حين استسلمت لمصيرها يقنت من أنه قدرها . ولم يتمكن السارد من الكشف عما يدور برأسها . (ولست أدري ما دار في رأسها ) لأن السارد رغم حضوره ومشاركته في أحداث القصة ( وأسرعت لإنقاذ الحمل ...) ( وكادت عربة تدهمني وأنا أسرع لإنقاذها )فإنه لم يكن ملما بكل شيء ولم يكن مطلعا على خبايا شخصيات القصة . وربما استعماله لضمير المتكلم جعل رؤيته للأشياء لا تصدر من فوق .. وإنما تأخذ زاويتها من خلف .
احصائيات: توري - رحال - علمي- 13 علاك - منتصر 11.5 طالبي- قصطالي لقطيب 11 نبيه 9.5 شديد-كاموني11.5 دخوش بوساف بوتجورين8
............................................................................يتبع
التعليقات (0)