مواضيع اليوم

دراسة تتنبأ بسلوك روسيا إزاء الملف النووي الإيراني

ممدوح الشيخ

2009-11-11 15:24:55

0

 

تعاون؟ نعم.. تحالف؟ لا
دراسة تتنبأ بسلوك روسيا إزاء الملف النووي الإيراني

بقلم/ ممدوح الشيخ

كل الطرق تؤدي إلى موسكو.
هذه خلاصة المساعي الأميركية الأوروبية خلال سنوات لوقف المشروع النووي الإيراني، ليس فقط لأن روسيا تتولى إنشاء المفاعل النووي الإيراني بل لأن علاقة تحالف قوي ربطت طهران وموسكو خلال السنوات القليلة الماضية في إطار تلاقي مصالحهما الاستراتيجية على مواجهة النفوذ الأميركي، وهو ما جعل إيران تسعى لامتلاك نظام دفاع جوي روسي متقدم يضمن لها الدفاع عن المواقع النووية الإيرانية ضد هجمات محتملة أميركية أو إسرائيلية.
وفي دراسة للبرفيسور مارك كاتز أستاذ العلوم السياسة بجامعة جورج ميسون، يرى أن قرار روسيا الأخير بعدم تسليم نظام الصواريخ S-300 المضاد للطائرات لإيران أنعش الآمال بأن موسكو ستتعاون بصورة أكمل مع جهود منع إيران من تطوير أسلحة نووية. والتصريحات الأخيرة للقادة الروس أشارت إلى أنهم متفقون مع الاستراتيجية الأميركية، وهو ما زاد التفاؤل بصورة أكبر. ورغم وجود هذه المؤشرات، هناك شك في استمرار التعاون الروسي.
السيناتور الديمقراطي جون كيري قال إن الأمر الحيوي في الجهود الأميركية لبناء عالم خال من الأسلحة النووية سيكون بذل روسيا مزيدا من الجهود لمنع تسليح إيران نووياً. ويتحتم علينا تأييد استراتيجية تعامل تكون مربوطة بالتزام بفرض عقوبات متعددة الأطراف تكون أكثر فعالية، إذا أخفقت المفاوضات. ولنفعل ذلك على نحو فعال، نحن بحاجة لروسيا كشريك. أما السيناتور الديمقراطي كارل ليفين فيرى أنه بالنسبة لبعض التحديات الأمنية الدولية، كانتشار أسلحة الدمار الشامل، هناك حاجة إلى تعاون روسيا، وإيران واحدة من هذه القضايا.
من جانبه يرى برينت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي السابق للرؤساء الجمهوريين جيرالد فورد وجورج بوش الأب أنه فيما يتعلق بـ "الخطر النووي الإيراني الذي يلوح في الأفق" فإن "الفرصة الوحيدة لردع إيران هي قيام أميركا وروسيا بالارتباط معا حول إيران".
وروسيا مثلها مثل أوروبا، وإسرائيل، وأميركا، ومعظم الحكومات العربية، لا تريد أن تمتلك إيران أسلحة نووية. ومع ذلك، فإن توقع أن يؤدي ذلك إلى تعاون روسي أميركي، مخطئة بصورة جسيمة. فموسكو لا تريد أن تتخلى إيران طوعاً ولا أن يتم منعها بالقوة من امتلاك أسلحة نووية إذا كان ذلك سيؤدي - كما تخشى موسكو - إلى تضاؤل أهمية روسيا بالنسبة لإيران كحامية أو شريك. وحتى إمكانية قيام موسكو بتسليح إيران نووياً قد يكون الخيار الأفضل لموسكو من هذا الاحتمال. وليس لدى موسكو إلا القليل من المصلحة في العمل مع واشنطن لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، أولاً، لأن موسكو لديها علاقات لا بأس بها مع طهران. والشركات الروسية تحصل على أرباح من بيع التكنولوجيا النووية لإيران، كما تسعى شركات نفط روسية للاستثمار في قطاعات النفط والغاز الإيرانية. وتقدر موسكو تقديراً عميقاً امتناع طهران عن تأييد الشيشانيين وغيرهم من الحركات المسلحة في روسيا، أو تهديد نفوذ موسكو في آسيا الوسطى والقوقاز.
ولا تريد موسكو تعريض أي من هذه العلاقات للخطر بالتعاون مع واشنطن بصورة جدية ضد طهران. وبدلاً من ذلك تفضل موسكو قيام طرف آخر بأخذ زمام المبادرة في مواجهة إيران وإذا نجحت هذه الدول في إقناع إيران بوقف جهودها، ستجني روسيا مكاسب تجنب مواجهة وجود قوة نووية أخرى بالمنطقة. فإذا فشل "الآخرون" في وقف هذا النشاط، ستفضل موسكو أن تكون هذه الجهات (وليس روسيا) محور غضب إيران. ويصدق ذلك بصفة خاصة إذا حصلت إيران بالفعل على أسلحة نووية.
من ناحية أخرى يرى الكرملين أن ما يفعله أوباما هو الطلب من روسيا المخاطرة بإلحاق الضرر بعلاقاتها مع إيران بينما تحاول واشنطون علناً تحسين العلاقات الإيرانية الأميركية. وتخشى موسكو، منذ فترة طويلة أنه إذا حصل تحسن في العلاقات الأميركية الإيرانية ستتقلص أهمية روسيا بالنسبة لإيران. ويقتنع كثير من المراقبين الروس بأن طهران ستفضل شراء الأسلحة والمفاعلات النووية وكل شيء آخر تقريباً، من أميركا والغرب وليس من روسيا. ورغم أن موسكو لا تريد رؤية نزاع مفتوح بين أميركا وإيران، فبالتأكيد لا مصلحة لديها في تسهيل تحسن العلاقات الأميركية الإيرانية التي يخشى الكرملين أنها ستقلص التأثير الروسي على إيران.
يرفض مراقبون هذه المخاوف، ويشيرون إلى تقارير مفادها أن الرئيس الروسي ميدفيديف أخبر الرئيس أوباما بأن روسيا تشعر بقلق متزايد من برنامج إيران النووي وتريد زيادة التعاون بشأنه. لكن حتى إذا كانت هذه التقارير صحيحة، فلا ينبغي الثقة بها. فرغبة ميدفيديف في زيادة التعاون لا تعني أنه سيتابع الموضوع. فهو يعلم أن واشنطن تريد الحصول على المساعدة الروسية، وإنه قد يصبر على إمكانية التعاون ليرى ما التنازلات التي قد تقدمها إدارة أوباما لتأمين دعم موسكو. كما يشير الرد البارد من قبل الرئيس الروسي على رسالة أوباما التي ذكر فيها بأنه لن تكون هناك حاجة لقيام أميركا بنشر الصواريخ الباليستية في بولندا وجمهورية التشيك (وهي فكرة تعارضها موسكو بقوة) إذا لم يكن هناك تهديد إيراني، بأن هذا التنازل غير كافٍ لموسكو. وحتى إذا كان ميدفيديف يعني ما قاله لأوباما فإن الكلمة الأخيرة بشأن السياسة الخارجية الروسية هي لرئيس الوزراء فلاديمير بوتين، وليس لميدفيديف.
وقد ألمح بوتين، الذي أعرب في لقاءات خاصة مع زوار غربيين عن قلقه من البرنامج النووي الإيراني، إلى أن التعاون الروسي بشأن إيران مشروط بتعاون أميركا حول جورجيا. وبالنسبة لموسكو، يدل استمرار دعم واشنطن لجورجيا (وضمن ذلك المناورات العسكرية الأخيرة للأطلسي على أراضيها) على أن أميركا لا تتعاون مع روسيا حول هذه القضية. وحتى لو قدمت واشنطن التنازلات التي تسعى إليها موسكو، فما المساعدة التي يمكن أن تتوقع أميركا بصورة معقولة قيام روسيا بتقديمها بشأن القضية النووية الإيرانية؟ إن روسيا لن تشارك في أي عمل عسكري ضد إيران، ولن تضر بعلاقاتها الاقتصادية معها، خصوصاً أن موسكو تخشى أن واشنطن تحاول انتزاع السوق الإيرانية منها.
ويرى البعض أن قلق ميدفيديف المفترض بشأن البرنامج النووي الإيراني سيؤدي لقيام روسيا بدعم مجلس الأمن الدولي حول فرض عقوبات أشد صرامة على إيران. ومن المرجح أن تعود موسكو لاستراتيجية العمل مع الصين لتخفيف وتأجيل القرار الذي تقدمه أميركا أو أحد حلفائها، وبعد ذلك ستحاول تخفيف الغضب الإيراني وستدعي أنها حاولت بالفعل حماية إيران من عقوبات أشد صرامة كانت أميركا تسعى لفرضها.
إن درجة الجهود اللازمة لتأمين المساعدة الروسية المحدودة لا تستحق الوقت أو الموارد التي سيتوجب على واشنطن أن تخصصها لذلك. فإذا تحسنت العلاقات الأميركية الإيرانية فلن تحتاج واشنطن لمساعدة موسكو؛ وإذا لم تتحسن، فلن تكون روسيا راغبة أو قادرة على عمل شيء ذي أهمية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. فإذا كان على إدارة أوباما محاولة تحسين علاقاتها مع طهران فهذه مسألة مفتوحة للنقاش لكن الفكرة القائلة بـ "أننا نحتاج إلى روسيا لمساعدتنا حول إيران" ليست كذلك.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !