دبابيس نابلسية .. (1)
كتبها الاستاذ عمر الغوراني
لا تشوّه الوجه الجميل .. !
نابلس مدينتي ؛ التي تتبعها بلدتي ، و تقع منها غير بعيد . أحبها ، و بها ارتبطت ذكريات من صباي ، و على مقاعد درسها نلت قسطا من تعليمي . جميلة ، و هواؤها طيب ، و جبلاها الشامخان مثل ذراعين يحتضنانها بحب و كبرياء ..
الحدائق المعلقة ..
ساءني يوما و أنا أزور المدائن و العواصم في الأقطار المجاورة و قد رأيتها تكبر كل يوم و عمرانها يتسع ، ثم أعود إليها بعد ذلك فلا أجدها قد كبرت مثلما كبرت تلك و اتّسعت . و كم سررت و أنا أراها و منذ حين و هي تكبر و تتسع رأسيا و أفقيا ؛ بنيانها الشامخ يتطاول ، و أحياؤها الجديدة تتسلق الجبلين و معها الحدائق و المتنزهات الجميلة ، حتى كادت أن تبلغ القمتين ..
هذه المدينة الضاربة جذور تاريخها الحافل المجيد في الأعماق .. و هذا الوجه النابلسي الجميل ، يعزّ عليّ و على كل محب أن يرى شيئا – و لو يسيراً – يسيء إلى جماله الفاتن ..
في الوادي العريض الممتد ، حيث مركز المدينة و أحياء الوسط ، و حيث الأسواق الشعبية القديمة ، و كذلك الجديدة ، تتزاحم الأقدام و تتقارب المناكب . هناك .. ترى كثيرا مما يسر العين و يبهج النفس ..
دجاج و حلوى .. !
غير أن الذي لا يسرّ الناظرين و لا يبهج الأنفس ، أنّك لا تزال ترى – لاسيما في السوق القديمة ؛ خان التجار و امتداده إلى السوق الشرقي – مما لا يجمل أو يليق .. ترى جزارين في السوق قد عرضوا اللحوم مكشوفة ، من غير واقٍ زجاجي أو نحوه ، و ترى بائع حلوى يعرض بيعه كما عرض الجزار .. فهل يليق بالحلوى أو اللحوم أن تكون مكشوفة أو يصح ّ .. ؟ و كذلك بائع المكابيس و الأجبان و غيرها من صنوف الطعام ..
و لا تزال ترى كذلك بائع الدجاج اللاحم ، الذي يعده في المكان ذبحا و سلخا – و إن شئت معطاً – يجاوره بائع حلوى مكشوفة ، أو مطعماً بلا واجهات زجاجية واقية ، أو صاحب مطعم بلغت ثقته بنظافته الشخصية أن يغرف بيديه المجردتين – و أمام الزبون – ما سيضعون في بطونهم ..
و إلى هذا كله ، تجد البائع و الشاري و المقيم و الزائر ، يلقون – أو أكثرهم – بالنفايات ، و بكل صنوفها ؛ الرطب و اليابس و الورقي و الزجاجي و الجارح و الملوِّث إلى الأرض و حيثما كان ، بلاحساب من نفس أو رقيب ..
الجريمة و العقاب ..
كنت – غير مرة – قد دعوت إلى عقوبات توقعها الجهة المختصة ، و أظنها صحة البلدية ، جزاءً وفاقاً رادعاً على ملقي النفايات ، كتحرير مخالفات مالية تُدفع في المحكمة ، تتدرّج قيمتها بحسب التكرار و الأسبقيات .. و ها أنذا أكرر الدعوة و بقناعة راسخة .
و رغم أنّي – تربوياً – من غير المتعجلين بالعقوبات على الذنوب ، و أؤمن بالتدرج التربوي قبل العقاب ، غير أنّي أرى ، و بخصوص النفايات ، أن البشرية ليست قريبة عهد بأبينا آدم .. و ليست في مهدها الاول حتى يعلم الناس أنّ النفايات لا يجمل إلقاؤها في غير موضعها اللائق ..
فإذا ارتأت صحة البلدية أن تسبق العقاب بملصقات لافتات ، تجمع صيغها بين التنبيه و التحذير بعقاب وشيك ، فقد يكون ذلك أليق و أجمل ..
مع تحيات عوني ظاهر
التعليقات (0)