مواضيع اليوم

دا .. تمسييييييييل

زكي السالم

2008-06-18 22:51:11

0

رغم ما أتمتع به من جثة فيلية لا بأس بها إلا أنني سقطت على الأرض في نوبة هستيرية من الضحك المتواصل وأنا أتابع حوارا تلفزيونيا مع أحد الممثلين الكبار إذ سأله المذيع بخبث بيّن عن كميات القُبل والأحضان الحميمة «الملهلبة» بين الفنانين والفنانات والتي تزخر بها أفلامنا العربية العامرة.. فأجابه فناننا القدير بقهقهة استهزائية تشبه قهقهتي آنفة الذكر: «هههه.. دا مش حقيقة،، دا.. تمسيل دول ما بيفهموش حاجة.. دي زي أختي.. وبعدين حبوسها بحرارة إزّاي وجيش من البشر ورا الكاميرا بشفونا.. أيه التخلف دا»..
وباعتباري أحد المتخلفين وعديمي الفهم الذين أومأ لهم فناننا «الحليوه» فإني هنا سأنبري بكل ما أوتيت من قوة لدفع هاتين التهمتين عني وعن كل متخلف مثلي لا يؤمن بالقبل والأحضان البريئة..
أولا: إشكالية أن ما يجري هو محض تمثيل إشكالية تحتاج إلى توقف هنا فنحن ندرك أن فن التمثيل والذوبان في الشخصية بما لا يرتقي بها إلى مستوى الفعل أو يتحول فيها النظري إلى عملي أمر متفق عليه.. بمعنى أن من يتقمص شخصية السارق مثلا ويمثل ذلك المشهد الذي يختطف فيه مبلغا من المال ويدسه - تمثيلا طبعا - في جيبه، فإنه بنهاية المشهد سيكون أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن يُعيده إلى صاحبه الحقيقي «سواء كان المنتج أو غيره» باعتبار أن الحاجة إليه انتهت بانتهاء المشهد.. أو يدسه في جيبه ويأخذه أخذ عزيز مقتدر.. فإن فعل الأول فهو تمثيل في تمثيل وسنعبر عنه بكل شفافية بـ «دا تمسيل»..

ولكن إن دعته نفسه الأمارة بالسوء لفعل الآخر «أي أخذه أخذ عزيز مقتدر» فهو هنا سارق ولا يمكن وصفه بغير ذلك أي أن السرقة أثناء تأدية المشهد تمثيل والاحتفاظ به بعد انتهاء المشهد سرقة مع سبق الإصرار والترصد ولا يمكن تفسيرها بغير ذلك..
وبوضوح أكثر إن أي مشهد لم يتجاوز أثره إنتهاءه فإنه تمثيل في تمثيل.. كأن يضرب ممثل آخر «كفا» على وجهه.. فإن كان هذا الضرب خدعة سينمائية فهو تمثيل.. وإن كان الضرب حقيقيا فهو تمثيل في دوافعه.. وحقيقي في أثره..
ثانيا: إشكالية أن هناك جيشا من القابعين خلف الكاميرا والذين يستحيل بوجودهم التفاعل الجسدي بين الممثلين إشكالية غريبة، فالممثل «الحليوه» يقصد هنا أن الحياء سيمنعه من الانغماس في الفعل الجنسي بشكل يمنعه من الاستجابة للشريك «وعفوا لا أريد أن أدخل في الجزئيات أكثر فالمعنى مفهوم»..

والسؤال الذي «يسدح» نفسه هنا بكل عفوية، هل الكثافة البشرية المتراكمة في مكان ما تمنع الناس من التفاعل الجسدي بين بعضهم البعض.. وأجيب هنا نعم.. ولكن بشرط واحد هو حضور الحياء بينهم بقوة.. ولكن لو اضمحل هذا الحياء فلا غرابة هنا من أي شيء والدليل على ذلك «أفلام البورنو».. فلا شك أن الممثلين يتفاعلون فيها تفاعلا «يحللون فيه راتبهم» مع وجود هذا الكم الهائل من البشر من فنيين وغيرهم خلف الكاميرا، ولم أقرأ في حياتي أن هناك ممثلا من هؤلاء لم يستطع أن يؤدي دوره على أكمل وجه بسبب التزاحم البشري أو الحياء المفترض ..

وعليه واستكمالا للمخطط الكبير في استغفالنا بهذه المسلسلات العربية التافهة.. وهذه الأغاني الهابطة.. وهذا الرقص الانحلالي البعيد عن كل فضيلة بعد السماء عن الأرض،، وهذا الأداء السمج فإن هؤلاء لم يرضوا بهذه الوجبة الدسمة من الاستغفال فانطلقوا متأبطين خيلاءهم وممتطين صهوة غرورهم ليكملوا علينا بهذا التفسير «المشخلع» الذي لا نستطيع إلا أن نصفه بأنه سطحية في الفكر واضمحلال في العقل وضآلة في التحليل خرجت من جامع لكل ما تقدم..
زكي السالم غير متواجد حالياً  




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات