منذ أن ظهر اسم "داعش" ونحن نحذّر من الاغترار بما يدّعيه هذا التنظيم الإرهابي من انتسابه الى الإسلام. أكثرنا من المقالات التي توضح أن هذه العصابة من تفقيس حاضنات الاستخبارات السورية-الإيرانية، غُسِلت أدمغتها المختلّة أصلا في السجون السورية والعراقية حيث غُذِّيت بالفكر الإجرامي قبل أن يجري إطلاقها من أقفاصها لتعيث في الأرض فسادا بعد أن وجد الأسد نفسه عاجزا عن الوقوف في وجه الثورة.
استُعملت داعش في خدمة أهداف التحالف الأميركي-الروسي-الإسرائيلي الذي لم يكن مقنعا في اداعائه محاربتها، فامتنع عن استهداف أرتالها مسهّلا مهمة احتلالها المدينة تلو الأخرى. ضربت الثورة السورية أولا عبر قتال الفصائل المعارضة للنظام فحيّدته كما حيّدها هو من نطاق إجرامه وعقد معها صفقات النفط والكهرباء؛ ثم استُخدمت في العراق بعد أن سلّمها الجيش العراقي-الصفوي مدنا بأكملها بسلاسة تامة بما تحويه من أموال وأسلحة تُركت لها عمدا، فاستُعملت أداة لسحق المدن السنية وتهجير أهلها والتنكيل بهم من قبل الميليشيات الشيعية بهذه الذريعة وصولا الى تقسيم العراق. شوّهت الإسلام بجرائمها الوحشية العابرة للقارات، هدمت مساجد وكنائس وأزالت معالم الحضارات السابقة من على وجه الخارطة، اضطهدت الأقليات العرقية والدينية، وكان معظم ضحايا إجرامها من أهل السنة التي تدعي الانتماء إليهم. استثمر فيها النظام الأسدي وإيران للتغطية على طائفيتهما البغيضة، فأعطت صورة مغلوطة للعالم بأن ثمة وحشًا أشد خطرا من الأسد يجب قتاله بالتعاون مع الأسد وإيران، فيما الحقيقة أن داعش الأم أخطر من بناتها، فمن ابتكر لهؤلاء الوحوش فكرهم الإرهابي وأشربهم إياه هو بلا شك أشد وحشية وإرهابا منهم.
رغم كل ما تقدّم، ولاسيما الجرائم المدروسة بعناية من حيث الأمكنة التي تحيّد إيران وإسرائيل وتستهدف الدول السنية، والتوقيتات السياسية بما يخدم محور الشر، بقي كثيرون ينفون عن داعش حقيقة ائتمارها بالاستخبارت الأسدية-الإيرانية، الى أن كشفت داعش بنفسها عن حقيقة أمرها في 4/7/2016 فأعنلت بذاتها براءتها من الإسلام وانتمائها الى إيران والشيطان من خلال تفجير أحد انتحارييها نفسه في ساحات المسجد النبوي في المدينة المنورة في 3/7/2016 تزامنا مع أذان الإفطار في رمضان، ما أسفر عن استشهاد أربعة رجال من الأمن السعودي وإصابة خمسة آخرين وترويع عشرات آلاف المصلّين؛ لكن مهلا، قد نَفهم براءة داعش من الإسلام من خلال تجرُّئها على تفجير مسجد النبي الذي تدّعي انتماءها إليه كما هو مدوَّن زورا على رايتها، لكن كيف يُفهم من جريمتها تلك إعلانها الانتماء والولاء لإيران؟!
بمراجعة تاريخية سريعة، وباستثناء محاولة الانقلاب على الحكم السعودي التي نفّذها من داخل الحرم المكي سنة 1979 جهيمان العتيبي ومحمد القحطاني الذي ادعى أنه المهدي المنتظر... يجد الباحث أن الفئة الوحيدة التي تجرأت على انتهاك حرمة مكة والمدينة وأثناء مناسك الحج أعظم الشعائر لدى المسلمين، وقامت أحيانا بتدنيس مقابر الصحابة في البقيع في المدينة المنورة، إنما كانت الفئات الباطنية المغالية التي تدعي الانتماء الى آل بيت النبوة لضرب الإسلام من الداخل! فمن القرامطة أولا الذين أغاروا على المسجد الحرام بمكة سنة 339هـ فقتلوا الناس وسرقوا الحجر الأسود من الكعبة وغيّبوه 22 عنها سنة. ثم الى الخميني ثانيا الذي بعد أن استثمر عملية القحطاني في الدعاية لثورته زاعما أن أميركا تقف وراءها، استخدم موسم الحج لتصدير الفكر الدموي الفتنوي لثورته المدعومة من الغرب عام 1979؛ ففي عام 1986 اكتشفت أجهزة الأمن السعودية مادة شديدة الانفجار خُبّئت في جميع حقائب الركاب الـ 110 لطائرة حجاج إيرانيين وصلت الى جدة، أظهرت التحقيقات أن هدفهم كان المسجد الحرام. وفي العام 1987 أثار الحجاج الإيرانيون الرعب والموت في موسم الحج إثر قيامهم بالتنسيق مع الحرس الثوري بتظاهرات سياسية وأعمال شغب لتصدير الثورة، راح ضحيتها 402 قتيل من الحجاج ورجال الأمن. وسنة 1989 قام ما يسمى بـ"حزب الله الكويتي" بتفجيرات أدت الى مقتل حاج وجرح 16آخرين. وبعدها بعام سنة 1990 اشتُبِه بقيام ذاك الحزب نفسه بإطلاق غاز سام في نفق "المعيصم" مما أدى الى مقتل نحو 1426 حاجا. أما عام 2015 فكانت أكبر كوارث الحج حيث تسبب خروج 300 حاج إيراني بشكل مريب عن موعدهم المخصص لهم للتفويج في "منى" وسيرهم في الاتجاه المعاكس لجموع الحجاج بمقتل نحو 2121 حاجا، في كارثة لم تخل من رائحة التدبير والتآمر وإن كان في عداد القتلى كثير من الإيرانيين.
الخميس 2تموز2016 أعلنت إيران رسميا منع حجاجها من أداء مناسك الحج لهذا العام رغم كل التسهيلات التي قدمتها إليهم السلطات السعودية؛ فماذا تخبّئ داعش الإيرانية-الأسدية لمكة والمدينة في موسم الحج الآتي بعد شهرين من الآن؟
التعليقات (0)