مواضيع اليوم

دارفور .. القصة كاملة 1874م -1916م (1)

عبدالرحمن محمد

2011-10-07 12:27:39

0

بسم الله الرحمن الرحيم
دارفور .. القصة كاملة 1874م -1916م
الحلقة (1)
لا يمكن تقديم قصة كاملة لأي شيئ على الإطلاق ، فالكمال لله وحده وهو وحده من بيده مفاتح الغيب ويعلم أسرار كل شيئ كيف تم وكيف حدث وكيف كان سيكون لو لم يكن ما كان ، ولكننا نقول القصة كاملة من باب التأكيد على السعي لمعرفة الحقيقة بأقصى ما نستطيع ، فإن وفقنا فالله الحمد والشكر ، وإن قصرنا وأخطأنا فيا ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنا واغفر لنا وأرحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
ما حملني على هذه الدراسة عن دارفور خلال هذه الحقبة الزمنية وعمرها 42 عاما فقط من 1874م إلى 1916م صارت فيها دارفور وظلت سياسيا جزءا لا يتجزأ من السودان ؟
أقول وبالله التوفيق ، أن ما حملني على ذلك كثرة التكرار الذي لا يفتر من السياسيين والإعلاميين من أبناء دارفور وغيرهم أن دارفور كانت سلطنة مستقلة إنضمت للسودان سنة 1916م ، ولهم جميعا إحترامي بغض النظر عن المواقف السياسية وما يحدث حاليا من حمل للسلاح أراه خلافا بين الأشقاء يريد له المغرضون والمحرضون أن يصب في مصلحة أجندتهم الخاصة وهيهات أن يتم لهم ذلك إذا تسلحنا جميع بالوعي ، وحقائق التاريخ درجة من درجات الوعي.
سأحاول في هذه الحلقات تتبع قصة دارفور مع السودان منذ 1874م مع إضاءات متفرقة عن حوادث قبل ذلك التاريخ أراها ضرورية ، لأن قصة دارفور مع السودان لم تبدأ عام 1874م حين دخل جيش الزبير باشا رحمة الفاشر وفقدت دارفور استقلالها ، بل إن قصة دارفور مع السودان قديمة وممتدة عبر القرون منذ أن بدأ الحزام السوداني في التشكل عبر الصحراء الأفريقية الكبرى من سواحل البحر الأحمر حتى ساحل الأطلسي في أقصى الغرب الأفريقي ، وكانت سلطنة دارفور وظلت جزءا من سلطنات هذا الحزام تحمل السمات والخصائص السودانية ، وظلت هذه السلطنات والممالك تمارس التحالفات والحروب والتوسعات فيما بينها وداخل محيطها الجغرافي دون تدخل خارجي ، ففي 16 أبريل 1821م كانت معركة بارا شمال الأبيض بين جيش محمود بك الدفتردار وجيش السلطان محمد الفضل سلطان دارفور وانتصر جيش الدفتردار بصعوبة ثم سيطر على الأبيض وبهذا انكمشت سلطة دارفور داخل حدود دارفور الحالية بعد أن كانت تضم دارفور وكردفان ، وكانت دارفور في تخوم أم درمان الغربية .
بعدها بعشرة أعوام فقط في 8 يوليو 1831م سيولد الطفل الزبير رحمة الجميعابي الذي سيصير في مستقبل أيامه الرجل الذي ستنضم بسببه دارفور إلى السودان بعد ان امتنعت على الأطماع المصرية نصف قرن من الزمان. وبعدها بعام واحد 1832م في زنجبار في شرق أفريقيا ولد حمد بن محمد بن جمعة بن رجب بن محمد بن سعيد المرجبي‎ الشهير بـ: تيبو تيب

صورة تيبو تيب
وفي 28 يناير 1833م ولد غردون الذي سيصير لاحقا الجنرال غردون أوف خرطوم
ثلاث رجال ولدوا على التتالي في أماكن متفرقة ستجعل لهم الأقدار الإلهية دورا في تاريخ السودان ودارفور ، إثنين لعبا دورا مباشرا هما الزبير وغردون ، وثالث لم ير السودان لكنه أثر في السياسة الدولية آنذاك وأثر في طريقة سير الأحداث بالنسبة للسودان وهو تيبو تيب الذي ولد وعاش في زنجبار وتشابه سيرته إلى حد كبير سيرة حياة الزبير رحمة الجميعابي .
تأسيس تجارة الرقيق في السوادان :
والزبير على عمر 24 عاما فقط وفي عام 1853م تأسست تجارة الرقيق على يد القنصل الإنجليزي جون باتريك والقناصل الأوربيين الآخرين في الخرطوم وذلك وفقا لما ذكره إي بي سكوت مؤلف كتاب ستانلي وحملته البطولية لإنقاذ أمين باشا (STANLEY AND HIS HEROIC RELIEF OF EMIN PASHA - BY E.B.SCOTT)

في 14 سبتمبر 1856م تحرك الزبير رحمة نحو بحر الغزال وكان سبب سفره رغبته في إثناء ابن عمه من السفر لبحر الغزال ولما فشل سافر معه في خدمة التاجر أبي عموري من نجع حمادي (تاريخ السودان – نعوم شقير) وكان الزبير رحمة في الخامسة والعشرين من عمره.
بعدها بستة سنوات وفي 1862م زار صمويل بيكر الخرطوم وكتب مؤكدا أن التجارة في الخرطوم في ذلك الوقت كان يسيطر عليها السوريين والأقباط والأتراك والشركس وبعض الأوربين

ولم تكن هذه التجارة بالأساس سوى تجارة الحصول على العاج من أعالي النيل الأبيض ثم نشأت لاحقا تجارة الرقيق كمنتج ثانوي لتجارة العاج .
إن تجارة العاج هي التي كانت رابحة وتدر الأرباح المضاعفة وتضاعف الثروات وليست تجارة الرقيق، وكان طن العاج يكلف 1300 جنيه حتى وصوله ميناء الإسكندرية وما أن يوضع على ظهر الباخرة المتجهة إلى أوروبا حتى يصير ثمنه 6000 جنيه !!
وفي 1863م بدأ العهد الكارثي للخديوي إسماعيل باشا بن إبراهيم بن محمد علي باشا وهو العهد الذي استمر 16 عاما حتى 1879م وتبلورت في عهده أسباب ودوافع السيطرة المصرية على دارفور وتزامن ذلك مع بزوغ نجم الزبير رحمة الجميعابي ودخوله في الخلافات مع زعماء الرزيقات حول سلامة طرق التجارة في شكا في جنوب دارفور ، وهذا ما سنحاول تناوله بشيئ من الإيجاز في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.
كمال حامد

 

الحلقة (2)

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !