كبر الخط صغر الخط استعادة الافتراضي
خيانات الحياة
تلك أيام ، أمسيات مليئة بالخبايا متشعبة بالأسرار حتى تكاد تعجز عن تذكرها دفعة واحدة
تحتاج لجلسات متتالية لتربط الأحداث مع بعضها البعض لتخرج بصورة متكاملة
أما ما يتدفق من أحلام كثيرة في أثناء نومك وأحيانا في لحظة غفوة أثناء النهار قد تكون دليلا آخر حلقة جديدة في سلسلة الأحداث التي مرت
شوبرت يقول : أن الحلم خلاص للروح من قصر الطبيعة الخارجية ، تحرير للنفس من أغلال الحس
أما يسُن فيقول
إنا لا نصير في الحلم أحسن أو أفضل بل على العكس يبدو الضمير في الحلم اخرس فلا يستشعر المرء أثرا من شفقة ولقد يرتكب أقبح الجرائم فيسرق ويغتصب ويقتل دون أن يكترث اقل اكتراث لما هو فاعله ودون أن يلحقه الندم
والحلم أيضا كما يقول آخر هو سندا لنا مرشدا وحلال لمشاكلنا في بعض الأحيان
وأيضا الأحلام التي يراها المثالي أو الإنسان الذي يعلو بغرائزه تختلف عن أحلام الإنسان الذي يعاني من كبت ما
أحلام المثقف تختلف عن أحلام الإنسان العادي
أحلامنا تترك أثرا واضح في نفوسنا خاصة عندما نكون في حالة اشتياق لشيء ما ، أو أن نكون متضورين جوعا فنشاهد طاولات من الأطعمة بما لذ وطاب
وينفصل ذاك الجزء الذي يسمى الرؤية التي لا تتجاوز الثواني عن الأحلام
الحلم قد يكون البداية كما قلت أو حلقة من سلسلة متتالية من الأحداث التي مرت معنا في حياتنا ويكشف ما يدور في الخفاء
ليكن ذاك حقيقة حتى وان كان جزء من حلم لكنه كشف الكثير لي
لم أكن في ذاك العمر على علم بما يحاك لي
فتاة في الثالثة عشر من عمرها ماذا يمكن أن يحصل أو أن يتدبر لها مكيدة فقط لأنها تحاول أن تبني عالما خاصا بها
هذا ما كنت أظنه في ذاك الوقت بناء عالم خاص ، حياة أفضل
أكون فيها صاحبة القرار ، لكن الأمور تدهورت بشكل لا يمكن أن أعيه
فالحياة لا تمنحنا الكثير دائما وعندما نعتقد أننا قادرون على قيادة حياتنا نكون قد أسسنا للخطوة الأولى لدمارنا
ذاك اليوم ذهبت إلى بيت إحدى زميلاتي - دون علم والدتي التي أخفيت عليها الأمر وأخبرتها أنني متوجهة الى زيارة صديقة اخرى - بعد أن كانت قد ألحت علي مرارا أن آتي
لكني وافقت بعد أن قامت بدعوة بعض الصديقات الأخريات
دخلت إلى بيتها جلسنا في غرفة واحدة جميعا وبعد لحظات دعتني لأخرج بحجة أنها تريد أن تأخذ رأي بأحد الأمور دخلنا إلى غرفة مجاورة يفصلها غرفة ثم مدخل مظلم الغرفة كانت أشبه بمستودع صغير للبيت توجهت إلى احد الزوايا وأخرجت لعبة قديمة لتريني إياها لكني شعرت بالخوف ، شعرت أن هناك أمر ما ليس على ما يرام نظرت إليها خوفي زاد تراجعت إلى الوراء لأضع نفسي في مكان يسمح لي بالهروب ان دعت الحاجة لكني فوجئت بإحداهن تدخل إلى الغرفة وتقفل باب الممر ومن ثم باب الغرفة التي أتواجد بها بعد أن دفعتني إلى داخلها
شعرت أن الأرض تحتي بدأت تهتز وما لبثتا حتى هجمتا علي وبدأتا بضربي وركلي وتمزيق ثيابي صرخت وصرخت لكن لم يكن احد هناك ليسمعني أو يساعدني غبت عن الوعي مدة من الوقت نظرت حولي كنت ما أزال في نفس الغرفة حاولت النهوض لكن كان الوجع بقدمي اليسرى شديد استندت إلى إحدى الكراسي القديمة نفضت الغبار عن ثيابي ورتبت هندامي على الأقل لكي لا يستفسر احد ما في الطريق أو من عائلتي عن ما حدث
، كان هناك بقع من الدم المتناثرة على ثيابي لا ينفع معها اي شكل من الإشكال لإخفائها كنت في حيرة من أمري توجهت الى باب الغرفة لكنه كان مقفلا عدت الى مكاني انتظر ما سيحدث وبعد دقائق سمعت المفتاح يدور في الباب تراجعت قليلا للوراء وأمسكت بيدي بقضيب حديدي على الأغلب كانوا يستخدموه بضربي ، نظرت باتجاه الباب مستعدة لأي هجوم آخر دخلت الزميلة وبيدها وشاح كبير نوعا ما رمته بوجهي وقالت : ضعيه عليك واخرجي من هنا و استدارت لتخرج ثم التفت إلي وقالت: الأحسن الك ما تخبري حدا عن يلي صار وإلا بتآكلي غيرها وبتنسي معها حليب أمك .
رميت الوشاح بعيدا عني استندت على إحدى الكراسي لاقف مجددا استجمعت بعض قواي وتوجهت الى الباب خارجة من ذاك البيت إلى الشارع متجنبة المرور بأماكن فيها ناس حتى وصلت إلى البيت تسللت بهدوء إليه دخلت إلى غرفتي تناولت ثياب جديدة من الخزانة و توجهت إلى الحمام اغتسلت وغسلت ثيابي ورميت الممزق منها
لم اهتم كثيرا بالجروح والكمدات التي على جسدي و وجهي فالجرح الداخلي اشد واكبر والأشد خطورة انه لا يرى ويبقى جرحا نازفا ، حمدت الله أن أهلي كانوا في المزرعة عند خالي
والجواب كان جاهزا عن حالي عند سؤالهم سقطت من على الدرج
ذاك الحادث بقى حتى اللحظة محفورا بذاكرتي لا يبرحها
و طوال السنين الثلاثة تجنبت تواجدها بالأماكن التي نتواجد بها كباحة المدرسة كذلك تجنبت المرور بشارعهم
أدركت أن الثار العائلي يكون أكثر فتكا من غيره
مع ذلك وبعد مرور خمس عشر عاما على ما حدث عندما أراها ابتسم لا احمل ضغينة لأحد حتى لها
أو لعائلتها ، حاولت مرارا أن تعتذر أن تبرر فعلتها لكني أسكتها لأن ما جرى أصبح من الماضي
إما والدتي التي كانت تنبهنا منهم وتنصحنا أن واجهونا في الطريق يجب أن نواجههم أن نرد الصاع صاعين كلامها تلاشى لكن في ذات الوقت عندما حاول احد من عائلتهم ضرب أختي أو أخي الأصغر مني لم أقف دون حراك تعلمت بعض الحركات و وضعت خططا عديدة للصد لا للهجوم ،عندما هجم علينا وقفت بوجهه وأكلت الضربة من حجر على عيني احدث جرحا ما زالت آثاره قرب عيني مع ذلك شعرت بالراحة لأني دافعت و حميت أختي وأخي الصغير من صراع بين عائلتين يدفعه الأطفال في اغلب الأحيان
كنت أريد إخراج عائلتي من هذا الصراع الذي احدث شرخا هائلا في عائلتي نفسها ومع الأقارب والجيران يصعب عليك أن ترى عائلتك تنهار بسبب فكرة أو تقليد أو حتى معتقد وربما حب
لم أكن الأكبر بين أخوتي وأخواتي لكني نجحت بعد أن دفعت الثمن ، دفعت الثمن غاليا وما زلت ادفعه حتى اللحظة
2/4/2010 ميساء شهاب
يتبع ....
التعليقات (0)