خيارات فشل الحوار الوطني الفلسطيني
بقلم/ حسام الدجني
انطلقت جولات الحوار الوطني الفلسطيني التي ترعاها جمهورية مصر العربية الشقيقة, وسط تفاؤل ساد الشارع الفلسطيني والعربي بإنهاء حالة الانقسام, ولكن سرعان ما انقلب هذا التفاؤل إلى تشاؤم بعد أن ألقت اللجنة الرباعية بشروطها الظالمة, واستأنفت الأطراف المعنية حملاتها الإعلامية, وسلوكها السياسي والأمني ضد الآخر, حتى أصبح تاريخ السادس عشر من مايو والذي يصادف يوم النكبة, هاجسا يؤرق الساسة والنخب والقيادات والشارع الفلسطيني والعربي, وكأن نكبة ثانية قد تحل على شعبنا لا سمح الله...
فشل الحوار الوطني الفلسطيني المزمع استئنافه في الأسبوع المقبل قد يمثل نكبة على الشعب والقضية, فالفشل يحمل في طياته مجموعة من الخيارات والسيناريوهات المتوقعة كما يلي:
السيناريو الاول:
الكونفدرالية
قد تدفع الإجراءات التي قد يتخذها كل طرف في حق الطرف الآخر إلى تجسيد الكونفدرالية دون موافقة أي طرف, ولكنها ستفرض بشكل قسري على السلوك السياسي الفلسطيني. وقد يتم دعمها دولياً وإقليميا في حال توفر البيئة السياسية الدولية وخصوصا الأمريكية, وتحمل الكونفدرالية الفلسطينية جملة من السلبيات والايجابيات:
1- السلبيات:
تدمير المشروع الوطني برمته, من خلال تعزيز الانقسام بل الفصل التام بين قطاع غزة والضفة الغربية.
ضعف النظام السياسي الفلسطيني من خلال غياب الديمقراطية, حيث لن يسمح أي طرف بسلب الشرعية منه لصالح الطرف الآخر.
ستزيد من تأزم النظام الإقليمي العربي, المتأزم أصلا.
تساعد في تعميق الشرخ المجتمعي الفلسطيني الداخلي.
ستعمل على تغييب قضايا اللاجئين والقدس والمستوطنات والأسرى والمعتقلين, وحلم الدولة الفلسطينية المستقلة.
الايجابيات:
الايجابيات ستتمحور فقط ولا غير في مصالح حزبية فئوية شخصانية جهوية, حيث سيستفيد كل فصيل في التمتع بالحكم في فضائه الإقليمي, على حساب المشروع الوطني وعلى حساب الكل الفلسطيني.
السيناريو الثاني:
تشديد الحصار والإجراءات بحق حركة حماس في قطاع غزة:
قد يتم التوافق دوليا وإقليميا على تضييق الخناق على قطاع غزة, وإعلان غزة إقليما متمردا من قبل الرئاسة الفلسطينية برام الله, وقد يتعدى ذلك إلى عدول بعض المؤسسات الدولية الإنسانية العاملة في القطاع إلى الاستنكاف عن العمل, من أجل زيادة الضغط على حركة حماس وإزاحتها عن السلطة والحكم. وقد تلجأ إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية ضد قيادات ومؤسسات حمساوية بهدف تقويض نظام الحكم في قطاع غزة والذي تديره حركة حماس.
قد يحمل هذا السيناريو معه مواقف سياسية من حركة حماس والمقاومة الفلسطينية قد تتمثل في الخيارات التالية:
1- تشكيل فصائل المقاومة مرجعية سياسية قد تكون بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية.
2- إعلان حركة حماس ومن خلال المرجعية البديلة عن حل السلطة الفلسطينية لأن الجهة المخولة في حل السلطة الفلسطينية هي م.ت.ف, وتشكيل إدارة مدنية, أو تشكيل حكومة مقاومة, لإدارة شؤون القطاع في الأمور الملحة, وقد تتشكل هذه الإدارة من فصائل المقاومة الفلسطينية, وقد تشهد المنطقة تصعيدا عسكريا في كل الاتجاهات.
3- تبني حماس لإستراتيجية إعلامية هجومية على الجهات التي تشارك في هذا الحصار المتوقع.
4- تصعيد عسكري للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل تنطلق من قطاع غزة ومن الضفة الغربية.
5- التلويح ببعض أوراق القوة التي تمتلكها حماس مثل الجندي الإسرائيلي الأسير وتفاعل الجماهير العربية والإسلامية مع حركة حماس.
السيناريو الثالث:
حالة اللا سلم واللا حرب بمعنى أن تبقى الأمور كما هي عليه قبل الحوار,
أي تهدئة سواء كانت معلنة أو غير معلنة, من طرف واحد أو متبادلة, مع تخفيف جزئي للحصار على قطاع غزة.
السيناريو الرابع:
سيناريو الانفتاح المتبادل بين حماس والأطراف الإقليمية والدولية, وهو الأكثر واقعية, ولكن يلعب في هذا السيناريو لاعبان رئيسان هما:
التهدئة مع الجانب الإسرائيلي
إبرام صفقة التبادل (صفقة شاليط)
قد يدفع المجتمع الدولي والمحيط الإقليمي بما فيه دولة الاحتلال الإسرائيلي, إلى التفاعل والتعامل بواقعية سياسية في حال الوصول إلى توافق حول الملفين السابقين, من خلال فتح المعابر وتخفيف الحصار, وتطبيق خطة السلام الاقتصادي الإسرائيلية, والتي طرحها السيد نتانياهو في برنامجه الحكومي. وقد نشهد ذوبان شروط الرباعية في بوتقة المتغيرات السياسية على الصعيدين الدولي والإقليمي, في إشارة إلى استيعاب حركة حماس في اللعبة السياسية الفلسطينية.
عند قراءة سيناريوهات وخيارات فشل الحوار الوطني الفلسطيني, نجدها تتقاطع في لوحة سوداوية على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني, وهذا يرسل رسائل سياسية إلى المتحاورين أن البديل هو الأسوأ, فالمركب تحتاج إلى فتح وحماس وباقي القوى الفلسطينية, نتمنى جميعنا أن تتكلل جهود الشقيقة مصر بالنجاح, وان يتحول يوم نكبتنا إلى يوم وحدتنا.
حســام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
التعليقات (0)