لا أحد يستطيع أن ينكر حجم التخبط الصهيوني في التعاطي مع ملف إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الوطنية الفلسطينية، لأن من شأن ذلك أن يتسبب في:
1- نزع المبررات الصهيونية بعدم وجود شريك فلسطيني قوي وموحّد للسلام.
2- زيادة العزلة السياسية على إسرائيل.
3- انكماش المشروع الصهيوني.
4- زيادة النفقات على قطاع الأمن الذي سيتأثر في حال أوقفت السلطة الفلسطينية ما بات يعرف بالتنسيق الأمني مع الجيش الإسرائيلي.
5- شرعنة حركة المقاومة الإسلامية حماس دولياً.
ولكن التساؤل الأبرز يتمحور حول خيارات إسرائيل في التعاطي مع المصالحة، ومؤشرات تحقيق ذلك...
أولاً: الخيار الدبلوماسي
لجأت إسرائيل للخيار الدبلوماسي منذ اللحظة الأولى لإعلان الاتفاق، حيث قادت الحكومة الصهيونية سلسلة اتصالات وجولات خارجية شملت أوروبا وأمريكا وغيرهما من الدول والعواصم، من أجل حث الرئيس محمود عباس للعدول عن قراره بالتوقيع على مصالحة فلسطينية مع حماس، ولحتى كتابة هذه السطور لم تيأس إسرائيل، وقد يكون هذا الحراك الدبلوماسي يقف خلف اعتذار وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين اشتون عن حضور حفل احتفال المصالحة الفلسطينية بالقاهرة.
ثانياً: الخيار السياسي
ستعمل إسرائيل على الهروب نحو الأمام من خلال الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لتجديد شروط الرباعية الدولية على حركة حماس، وحثها على مقاطعة أي حكومة فلسطينية لا تلتزم بشروط الرباعية في اعادة لنفس المشهد السياسي الفاشل الذي مارسه المجتمع الدولي على حكومة حماس العاشرة، والحادية عشر، وقد تنجح اسرائيل في تحقيق ذلك كون الرئيس باراك اوباما بدأ يستعد للانتخابات الأمريكية المزمع عقدها قريباً.
رابعاً: الخيار الاقتصادي
بدأت اسرائيل منذ اللحظة الأولى لتوقيع الاتفاق التلويح بالورقة الاقتصادية كإغلاق المعابر، ووقف تحويل المستحقات الضريبية للسلطة الفلسطينية، ووقف التعامل مع البنوك الفلسطينية وغيرها من الخطوات العقابية المخالفة للقانون الدولي، من أجل الابقاء على الانقسام بين شطري الوطن، وقد يرجح البعض سيناريو رفع الحصار عن قطاع غزة ونقله إلى الضفة الغربية، وفي حال تحقق ذلك تكون الشرارة الاولى لاندلاع الانتفاضة الثالثة ضد اسرائيل.
ثالثاً: الخيار العسكري
قد تلجأ اسرائيل إلى الخيار العسكري من خلال اغتيال شخصيات سياسية او ميدانية لاستدراج السلطة الفلسطينية لتبني خيار الكفاح المسلح وممارسته للدفاع عن شعبها وسيادتها، وهذا السيناريو قد يتحقق قبل استحقاقات سبتمبر، لخلط الأوراق في مجلس الامن، وتمرير هذا التاريخ دون تحقيق الشعب الفلسطيني أي انجازات سياسية تذكر، وفرض مزيد من العزلة السياسية على اسرائيل.
رابعاً: الخيار الأمني
قد يكون الخيار الامني من أهم وأخطر الخيارات التي ستسعى اسرائيل إلى ممارسته، كونه يعبر عن السلوك العدواني للصهاينة، ويتمثل في استخدام اسرائيل للطابور الخامس المنتشر في صفوف الفلسطينيين والمسيطر على مفاصل هامة في النظام السياسي الفلسطيني، والذي سيعمل على عرقلة المصالحة من خلال ممارسة الاغتيال السياسي، أو ممارسة الدعاية والتحريض السياسي على طرف من الاطراف، أو رفض الانصياع لأوامر القيادة بالافراج عن المعتقليين السياسيين، أو غيرها من المسلكيات التي تؤجج الصراع وتفسد فرحة المصالحة والوئام...
أعتقد أن طريق المصالحة ليست مفروشة بالورود وإنما هي محفوفة بالمخاطر، ويعترضها ألغاماً كثيرة لذا يجب على ابناء شعبنا مزيد من اليقظة وتفويت الفرص على كل المتربصين بالمصالحة، حتى نصل جميعاً إلى بر الأمان.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)