لم تكن الحادثة الاولى من نوعها في القطاع الخاص، لكن ما يحدث الآن داخل جدران فندق شيراطون الجزائر له أكثر من دلالة. ومع الدخول الاجتماعي الحالي، دخل مئات عمال المؤسسة الفندقية العملاقة بالجزائر في إضراب مفتوح عن العمل، تسبب في خسائر مالية كبيرة، من اجل هدف واضح ومطلب بسيط وهو السماح بتنظيم إطار نقابي.
إنها الحادثة التي لم تكن معزولة وتأتي في إطار سلسلة إضرابات وحركات مطلبية اخرى تؤكد على بروز ظاهرة جديدة تتعلق بالمشاكل المتعلقة بالقطاع الذي جاء بديلا عن العمومي الذي شهد مشاكل بالجملة وظل محور الاهتمام بعد سلسلة التأميمات الكبرى التي شهدتها البلاد في السنوات الأولى للاستقلال وبلغت أوجها بداية سبعينيات القرن الماضي، لكنها انتهت نهاية دراماتيكية نهاية ثمانيات القرن الماضي وكان أكبر تعبيرا عن ذلك الإضراب الكبير الذي شهده مصنع الرويبة للعرابات الصناعية /صوناكوم/ الذي مهّد بشكل مباشر لأحداث الخامس من أكتوبر 1988 التي غيّرت وجه البلاد، وكان ذلك منعرجا نحو نصفية القطاع العام الذي ارتبط بجملة التناقضات التي رأى فيها الكثير ضرورة تصفيته لصالح القطاع الخاص.
هي المأساة التي تتكرر تاريخيا بشكل تراجيدوكوميدي، ومعها أصبح الكثير من المكتوين بنار القطاع الخاص يحنون إلى القطاع العام بكل تناقضاته، فهو على الأقل يتوفر على تقاليد العمل النقابي المطلبي المضمونة في إطار القانون مع أن ظروف العمل فيها لا يمكن مقارنتها بنظيرها في القطاع الخاص الذي يكاد العامل فيه لا يتوفر على أي حق بما في ذلك الحق في التأمين، ويبقى الحق في العمل النقابي بعيد المنال مع أنه دستوري. وتقاليد العمل النقابي متوارثة من زمن سابق كان فيه القطاع الخاص يتوفر على نقابات قوية قبل ان تنهار مع القطاع ذاته تحت ضربات التأميم، ورغم أن القطاع عاد من جديد إلا أنه جاء في ظروف استثنائية سيطرت فيها المركزية النقابية على غيرها من النقابات المستقلة التي وإن حصل بعضها على الاعتماد الرسمي إلا أنها من الناحية العملية تبقى غير معترف بها، لأنها لا غير ممثلة في الثلاثية.
والنقابات المستقلة التي أجبرت الحكومة في كثير من المناسبات على التفاوض معها، تغيب هي الاخرى عن القطاع الخاص ولا تتدخل في مآسي عماله المحرومين من العمل النقابي رغم أنف القانون والدستور نفسه.
لقد كسر عمال القطاع الخاص جدار الصمت وفصحوا المركزية النقابية والبترونة والحكومة التي اكتفت بدور المتفرج وكأن الامر لا يعنيها، فهل هي بداية مرحلة مطلبية جديدة؟
التعليقات (0)