مواضيع اليوم

خوازيق السيد الرئيس

حسين جلبي

2011-08-06 19:46:16

0

 يخجل المرء حقاً في الحديث عن الكثير من الجرائم التي ترتكبها قوات النظام السوري هذه الأيام ضد الشعب السوري نظراً لطبيعتها المقززة من جهة و حرصاً على المشاعر الإنسانية للضحايا و ذويهم و كذلك مشاعر العالم المتحضر من جهةٍ أخرى. أما و إن هذه الجرائم قد خرجت للعلن بالزخم المعروف، دون أن يرف للجاني جفنٌ، فلم يعد مبرراً للضحية ـ و هو ليس مسؤولاً عن إرتكابها ـ تجاهلها و عدم مواجهتها، للتغلب على آثارها تمهيداً لإدانة النظام الجاني.   

فقد جاء في الأخبار، أنه و على الأقل في مدينة من المدن السورية المنكوبة بالنظام السوري، تم إستلام جثث بعض الضحايا و هي تحمل آثار التعذيب و الإعدام بإستعمال الخازوق..

هذا ما كان ينقص السوريين حقاً لتكتمل أفراحهم بإصلاحات النظام، بعد أن بدأت هذه الأفراح منذ نصف قرن عندما (حشر) هذا النظام نفسه في حياة السوريين في غفلةٍ من الزمن و من بوابته الخلفية، و هذا ما كان ينقص النظام السوري ليُكمل دُرر إنجازاته بعد أن بدأ بلف حباله على رقاب السوريين منذ ذلك الوقت.

كثيرةٌ هي وسائل التعذيب في السجون و المعتقلات و مراكز التوقيف السورية، حيث أنها عصيةٌ على الحصر و الإحاطة بها كلها، كما أنه لا محرمات لا في هذه المعتقلات و لا حتى خارجها، فكل وسائل التعذيب النفسي و الجسدي مُباحٌ إستخدامها، و يعتبر القتل رحمةٌ مقابل التعذيب الوحشي الذي يلاقيه الشخص الذي يلقي به قدره الأعمى في فك أحد الأفرع الأمنية التمساحية، و ثمة جرائم لم ترد في كتاب و لم يسمع بها المرء من قبل هي من إختراعات النظام السوري و من إبداعته.

و لعل أبسط أساليب تعامل النظام المقاوم الممانع مع السوريين هي الضرب على جميع إنحاء الجسم باللكم و الصفع و الركل و الرفس بإستعمال قبضة اليد و حبال الجلد و الأحزمة و العصي و الأسواط و المطارق و الكبلات الفولاذية المضفورة و الكبلات داخل الأنابيب البلاستيكية ذات النهايات المفتوحة و المهترئة، ثم تأتي الفلقة و الدولاب و الشبح و العبد الأسود و الكرسي الألماني و الكرسي السوري و الغسالة و الحرق و السجائر و الكهرباء و المحاليل الحمضية و التعليق و إبقاء الجسد في الماء لعدة أيام و تغطيس الرأس حتى لحظة الإختناق و الفروج و بساط الريح و قلع الأظافر و العزل التام و الإغتصاب و هتك المحرمات و الجلوس على القناني و إدخالها و إدخال العصي في الشرج، و الحرمان من النوم بإستعمال الإضاءة و مكبرات الصوت و الضجيج و عويل إناس يتعذبون، و الحرمان من الطعام و الماء و الهواء النقي و المرحاض و المعالجة الطبية و غيرها، وصولاً إلى إستعمال الخازوق في التعذيب و القتل. و كل وسيلة من هذه لها أصولها و قواعدها، لكن يترك للقائم بالتعذيب الإضافة عليها مما يبدعه خياله المريض.

و تأتي مسألة الإعدام بالخازوق التي كشف عنها مؤخراً عملاً بتوجيهات القيادة السورية في تطوير و تحديث و إصلاح وسائل التعذيب، صحيحٌ أن بعض هذه الأساليب أخذها النظام عن غيره لكنه ترك عليها بصماته و طورها، كقيام خبراء التعذيب السوريين بإدخال تعديل على الكرسي الألماني و تطويره بإضافة شفرات معدنية على الأرجل الأمامية للكرسي في موضع شد قدمي الضحية ليسبب بالإضافة إلى ما يسببه الكرسي الأصلي من نتائج نزفاً دموياً حاداً في رسغ القدم و كاحله، و ليصبح بذلك الكرسي سورياً خالصاً و فخراً لصناعة التعذيب الوطنية السورية، التي أصبحت في المحصلة مدرسة قائمة بذاتها لا بل من أعرق الكليات في التعذيب الممنهج التي سيتوقف عندها الخبراء و المؤرخون طويلاً و سيخصصون لها كتباً و أبحاثاً، خاصة مسألة الإتقان و التفنن و الإبداع و السادية و الحقد في ممارسته.

الغريب أن التعذيب في سوريا بدأ يخرج من تحت الأرض بشكل متسارع و مكثف، فبعد أن كان مجرد روايات مختصرة ينقلها الضحايا الذين يكتب لهم الخروج من جحيم النظام عما يحدث في العالم السفلي أو تشاهد بعض بقايا آثاره النفسية و الجسدية عليهم، أو على شكل قصص مرعبة ينشرها أزلام هذا النظام للتفاخر و لجعلها عبرةً يتفكر بها المواطنون ذوي الألباب، لجأت آلة النظام القمعية مؤخراً و مع إنطلاق ثورة الكرامة إلى تصوير إنجازاتها في التعذيب و نشرها في الإعلام، كما خرج الزبانية أنفسهم من أوكارهم و إنتقلوا إلى تنفيذ التعذيب في الشوارع و الساحات لا بل نقل (خدماتهم) مباشرة إلى بيوت المواطنين من خلال (خدمة التعذيب المنزلي)، حيث رأينا مثلاً و أكثر من مرة مجموعات تنهال بضراوة بالهراوات على شخص ملقى على الأرض حيث يقوم الشبيح بإمساك الهراوة و ضرب الضحية بأقصى قوة دون شفقةٍ أو رحمة و كأنه يقوم بعمل روتيني أو طقس مقدس، بحيث لو كان المقصود صخرةً لتفتتت، و لو كان الضحية ألد الأعداء الشبيح و سبق له و أن شرب دم عائلته كلها لأستوجب العفو عنه بعد أن سقط على الأرض، و يستمر الضرب حتى الموت لا بل يتم ضرب الميت أيضاً، كما شاهدنا تعذيب طفل و إغتصابه و التبول عليه و جعله يقبل أحذية الزبانية، و شاهدنا إمرأة تخرج لتقول أن خمسةً من الشبيحة قد إغتصبوها، و شاهدنا بتر العضو التناسلي للطفل حمزة الخطيب و إستئصال حنجرة إبراهيم القاشوش، و قتل عشرات الأطفال الخدج بقطع الكهرباء عن المشافي في حماة، شاهدنا القفز على الحيطان لإنتهاك حرمة بيوت المواطنين، و يبدو أنه ليس لمشاهداتنا نهاية إلا بعد سقوط النظام حيث سنشاهد ما خفي الذي سيكون بالتأكيد الأعظم.

لقد أعفى رئيس النظام السوري في مرسوم جمهوري و بشكل صريح و واضح رجال الشرطة و قوى الأمن من العقوبة عن الجرائم التي يقترفونها أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسببها، و بذلك أزال الصفة الجرمية عن جرائمهم هذه و أطلق أياديهم  لإقترافها دون حدود، و ممارسة التعذيب الممنهج بكل حرية و دون حسيبٍ أو رقيب، لذلك فليس من المستغرب مع إعطاء هذا الترخيص و التكليف بإقتراف الجرائم أن يلجأ زبانية النظام إلى إستعمال وسائل قتل و تعذيب كالخازوق.

آخر الكلام: أقدم إشارة للخازوق في كتب التاريخ ذكرها المؤرخ الإغريقي هيرودوت، و ذلك عندما قام الملك الفارسي داريوس الأول بإعدام حوالي 3000 بابلي بالخازوق بعد إستيلاءه على مدينة بابل، ولذلك فمن المرجح أن الخازوق إبتكار فارسي. و وفقاً لما سيذكره التاريخ بعد آلاف الأعوام فإن الوارث السوري الممانع الثاني هو آخر من إستخدمه عندما إستولى على سوريا، و بذلك ستكون هذه آخر إشارة للخازوق في كتب التاريخ.

السؤال الذي يفرض نفسه: هل سيكون بشار الأسد محظوظاً مثل حسني مبارك، فيتمكن من العثور على سرير بمقاسه في قفص الإتهام؟ الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !