خليل الدخيل ابن العيون الوالي عليها والأدرى بشعابها
اختار منهج الصرامة المنصفة لإصلاح ما أفسده السابقون
بعد أن عصف ما سُمّي بالاثنين الأسود بالعيون بصديق فؤاد عالي الهمة، الوالي، محمد جلموس، وجملة من المسؤولين المدنيين و العسكريين في أكثر من قطاع،عيّن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،خليل الدخيل واليا على جهة العيون-بوجدور-الساقية الحمراء وعاملا على إقليم العيون.
ويُعد خليل الدخيل من ثلة الولاة والعمال من أبناء الأقاليم الجنوبية، ومنهم كذلك الشريف الدليمي، عامل سابق لمدينة الداخلة، ورشيد ولد ادويهي، عامل سابق لمدينة بوجدور، والغيلاني الدليمي، عامل سابق لإقليم وادي الذهب، وعمر الحضرامي (محمد علي العظمي)، والي سابق بمدينة السطات، وأغلبهم ولاة ملحقون بوزارة الداخلية.
وقد رأى المتتبعون في تعيين خليل الدخيل واليا على جهة العيون تحولا نوعيا في الإدارة الترابية للدولة للأقاليم الجنوبية، بالنظر إلى حجم الملفات الساخنة التي تنتظر الوالي ابن الصحراء، من قبيل ملف السكن والعقار بكل تشعباته، ومشاكل التوسع العمراني للمدينة، و ملف العائدين إلى أرض الوطن وما أصبح يفرضه من تحديات الإدماج، علاوة على الملفات الاقتصادية والتنموية التي تتميز بها جهة العيون-بوجدور-الساقية الحمراء دون سواها من الجهات بالأقاليم الجنوبية، لاسيما مع تراكم انعكاساتها السلبية وتداعياتها على امتداد سنوات خلت. في حين اعتبر البعض أن تعيين أحد أبناء العيون وليا وعاملا عليها سيعيد الروح والحماس إلى سكان العيون الذين عاشوا تداعيات الاثنين الأسود. لكن أجمع المتتبعون أن تعيين خليل الدخيل وليا على العيون يُعد خطوة جريئة للرد على الانفصاليين الذين يعيشون بين ظهرانينا وفي عقر دارنا، ورسالة قوية إلى المخابرات الجزائرية، وإلى المتربصين بالمغرب، وباستقراره ومساره التنموي والإصلاحي و طمأنينته. ولعل من أهم القضايا الموضوعة أمام خليل الدخيل، الحد من نفوذ آل ولد الرشيد.
وقد تمّ الإعلان عن تعيين خليل الدخيل واليا على جهة العيون-بوجدور-الساقية الحمراء بعد 20 يوماً فقط عن الأحداث التي كانت مدينة العيون مسرحا لها .
شرع خليل الدخيل على التو في التصحيح لكن...
ما إن تسلم مهامه حتى اعتكف خليل الدخيل على الملفات، وتفقد عن قرب جميع الأمور التي تهم الساكنة؛ ليشرع في اتخاذ ما يلزم من تدابير وقرارات معتمدا الصرامة المنصفة والعزم على إقبار الاكتفاء بتدبير الرداءة . لاسيما وأنه يواجه مجموعة من الملفات الاجتماعية الموروثة عن الولاة السابقين، كما يواجه لوبيات متفشية بمختلف المصالح الإدارية وبعض الجهات، ذات النفوذ، والمتورطة في ملفات الفساد، خصوصا في القطاع العقاري.
كان أول اجتماع عقده الوالي الجديد مع رجال السلطة خصّ موضوع تقريب الإدارة من المواطنين والإنصات إلى مشاكلهم وحثهم على حلها ، والتعامل معهم بروح من المسؤولية والاحترام، بعيدا عن سياسة التعنيف أو تصرفات من شأنها خدش الكرامة بشكل أو بآخر. كما شدّد خليل الدخيل على ضرورة إنصاف المواطنين، وتمكينهم من الاستفادة من كافة حقوقهم المشروعة، ونبّه أيضا رجال السلطة من التمادي في نهج السلوكيات غير ذات صلة بالمفهوم الجديد للسلطة؛ كما يرتضيه صاحب الجلالة.
وكانت البداية بالاعتماد على أطر صحراوية محلية عارفة بشعوب عقلية أهل الأقاليم الجنوبية، وعلى دراية بدروبها؛ إذ قام خليل الدخيل بتعيين كل من احميدة الغيلاني، شقيق الغيلاني الدليمي الوالي الملحق بالإدارة المركزية بوزارة الداخلية، و بوشرايا لمباركي المراقب السابق مع بعثة مينورسو بالصحراء، وكلفهما بمهمة بديوانه، وذلك قصد دراسة وتمحيص الملفات الاجتماعية .
كما أقدم خليل الدخيل على إعفاء رجلي سلطة من مهامهما، وألحقهما بالكتابة العامة بدون مهمة، في أقل من شهر فقط. وقام بتكوين فريق عمل جديد، من أجل تحقيق جملة من الإصلاحات خطّط لها . كما كلّف قائدا ممتازا، قادما من الإدارة المركزية بالرباط، بالاضطلاع بمهام مدير ديوانه، وقام أيضا بجلب كاتب عام كان قد اشتغل معه كرئيس لقسم الشؤون العامة، عندما كان خليل الدخيل عاملا على إقليم السمارة.
ذو عزم صارم ورجل تواصل
ولد خليل الدخيل في15 يونيو سنة 1955 بالعيون، متزوج وأب لطفلين . إنه ترعرع في شعاب الساقية الحمراء، وهو عرف المنطقة، وخبر تضاريسها، وطباع وعقلية بشرها، وعلى دراية جيدة بمعطياتها السوسيو- ثقافية، وخبير بالتوازنات القبلية؛ مما سيسهل عليه ، لاشك، مأمورية تدبير شؤونها بشكل يخدم الصالح العام والمصالح العليا للوطن الآنية والاستراتيجية.
ينحدر خليل الدخيل من عائلة صحراوية معروفة وذائعة الصيت ، تنتمي إلى أولاد الشيخ بقبيلة الركيبات، اشتهرت بوطنيتها. وهو ابن أحد الشخصيات المعروفة في جيش التحرير الجنوب الذي قاوم الاستعمار الإسباني. وقد أعتبر تعيينه عاملا على السمارة نصرا كبيرا لجلالة الملك الراحل الحسن الثاني، وقتئذ، في عزّ حرب الصحراء .
ومعروف عنه العزم الصارم، الشيء الذي جعله رفض الالتحاق بإقليم بوجدور عندما كان إدريس البصري وزيرا للداخلية؛ وهو القرار الذي أخرجه إلى الأضواء .
ويعد خليل الدخيل رجل تواصل، منفتح وصبور في التعاطي مع المشاكل الإدارية. يجيد الحوار الدبلوماسي، و يحظى باحترام كبير من قبل الصحراويين. وليس من الصدفة أن يبدأ مشواره كسفير في دول معروفة بمساندتها للانفصاليين.
فكّ الارتباط مع الفكر الانفصالي مُبّكرا
كان خليل الدخيل قياديا و مسؤولا سابقا في "بوليساريو"، وعاد مبكرا إلى المغرب؛ إذ كان من الأوائل الذين التحقوا بالوطن قبل سنة 1976. لقد ظل وحدويا في أعماقه وقرارة نفسه حتى في عزّ فورة حماس الشباب في ظل سيادة المد الثوري الذي كان يشهده العالم وقتئذ، والذي جرف أغلبية الشباب من حيث يدرون أو لا يدرون.
إنه من الرعيل الأول لقادة "بوليساريو"، الجيل المؤسس، ساهم في النقاشات الأولى وحضر الاجتماعات التحضيرية، ومنها اللقاءات التي احتضنتها مدينة العبور، طانطان، لكنه سرعان ما انشق عن المسار الانفصالي ليعود مبكّرا إلى أحضان الوطن قبل رفاقه المؤسسين بأكثر من عقد من الزمن. إنه عاد إلى أرض الوطن، بعد أن اقتنع بضرورة التشبث بالوحدة الوطنية. ومنذ رجوعه لم يتملص من مسؤولياته الوطنية، كما فعل بعض العائدين. وبعد التحاقه بالمغرب أسندت إليه عدة مهام.
أقنع خليهن ولد الرشيد بالعودة وساهم في رجوع الكثيرين
كان يعد خليل الدخيل أحد عناصر النخبة الصحراوية التي وضعت السلطات الإسبانية عيونها عليها لتدجينها وتجنيدها للحرص على مصالحها وخدمتها، إذ خطّطت ليكون ضمن الحكومة التي طمحت في فبركتها لتعطيل استرجاع الصحراء المغربية. وكان خليل الدخيل لا يرى بعين الرضا لـ "البونس"، وهو حزب يضم صحراويين أُنشئ بدعم وتخطيط إسباني لحكم الصحراء المغربية خلافا لأقرانه، وكان خليل الدخيل أحد الوجوه البارزة، وقتئذ، في الصحراء. وقد لعب دورا كبيرا في عودة مجموعة من الشخصيات الصحراوية إلى المغرب، وشاءت الصدف أن يكون ضمن هؤلاء خليهن ولد الرشيد، بعد أن أقنعه في أواسط سبعينيات القرن الماضي بالعودة إلى المغرب بعد رحلة معه إلى بيروت ، كان خليل الدخيل آنذاك بمعية عبد الرحمان الهيبة (القنصل المغربي بلاس بالماس)، ضمن اللجنة التنفيذية لـ"البونس".
التعيين و التنصيب
كان التعيين خلال حفل ترأسه صاحب الجلالة الملك محمّد السادس، يوم الجمعة 26 نونبر 2010 بالقصر الملكي بالرباط، حيث قام جلالته بتنصيب عدد من العمال والولاة، حضره وزير الداخلية، الطيب الشرقاوي، وكاتب الدولة في الداخلية، سعد حصّار، إلى جانب الحاجب الملكي، ابراهيم فرج - خصّ تعيين 5 ولاة-عُمَّال و 25 عاملا ضمن الإدارة الترابية، إلى جانب 25 مسؤولا آخر ضمن رتب ولاة وعمّال بالإدارة المركزية لوزارة الدّاخلية. وجاءت هذه التعيينات في إطار حركة واسعة لرجال السلطة لتعزيز الإدارة الترابية بالموارد البشرية ذات الخبرة الميدانية والمؤهلة لإرساء الحكامة المحلية الجيدة، ونهج سياسة القرب لخدمة المواطنين.
وأشرف على تنصيبه، يوم الاثنين 29 نونبر2010، وزير الداخلية، الطيب الشرقاوي، بالعيون. وحضر حفل تنصيب الوالي، خليل الدخيل، أطر وزارة الداخلية المرافقين للوزير والسلطات المدنية والعسكرية والقضائية بالإقليم وبرلمانيي ومنتخبي الجهة، فضلا عن عاملي بوجدور وطرفاية السابقين. وبعد تلاوة الظهير الملكي، من قبل أحد قضاة محكمة العيون الذي بمقتضاه تمّ هذا تعين، طلب وزير الداخلية من خليل الدخيل أن ينفتح على مشاكل الساكنة تنفيذا لسياسة القرب التي ندى بها صاحب الجلالة محمد السادس منذ اعتلائه العرش. كما التمس أيضا من المنتخبين وشيوخ القبائل وأعيانها وفعاليات المجتمع كافة أن يمدوا يد العون والمساعد ة للوالي الجديد، ابن المنطفة، من أجل النجاح في مهمته الجديدة قصد تحقيق التنمية المنشودة بجهة العيون-بوجدور-الساقية الحمراء، وسعيا ليكون في مستوى الثقة المولوية التي وضعها فيه صاحب الجلالة. وهذا ليس بعزيز على أهل الصحراء بما عُرفوا به، على مرّ التاريخ، من تشبث بالوحدة الوطنية وبالبيعة وبالعرش العلوي المجيد.
مشوار حافل
حصل خليل الدخيل على دبلوم المدرسة العليا للتجارة، ووشّحه صاحب الجلالة الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1985 بوسام العرش من درجة ضابط .
وفي31 دجنبر1999 عيّنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، واليا ملحقا بالمصالح المركزية لوزارة الداخلية.
وقد شغل السيد الدخيل مهام سفير للمغرب بكل من هافانا من1975 إلى1979 ، وبلغراد من1979 إلى1982 .
كما عين عاملا على إقليم السمارة في12 غشت1983 ، ثم عاملا على إقليم شفشاون في 25 يناير1994 . وفي27 شتنبر1998 عين عاملا على إقليم بولمان.
وقد كان مرافقا للوفد المغربي المشارك في الجولة الثالثة من المفاوضات حول الصحراء بمنهاست بضواحي نيويورك. وفي نونبر 2011 عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، واليا على جهة العيون-بوجدور-الساقية الحمراء وعاملا على إقليم العيون.
إدريس ولد القابلة
الصحراء الأسبوعية
التعليقات (0)