خليل إبراهيم بعيون سودانية
زعيم حركة العدل والمساواة الطبيب خليل إبراهيم (53) عاما، من مواليد قرية الطينة التي تقع على الحدود السودانية ـ التشادية.
ينتمي خليل إبراهيم إلى قبيلة الزغاوة المشتركة بين البلدين، بل ولديه صلة قرابة مع الرئيس التشادي ادريس ديبي.
وقد ظل يتلقى الدعم المالي والعسكري والإستخباراتي من حكومة ديبي لكنه ينفي ذلك دون جدوى.
عرف عن خليل ابراهيم إنتمائه الى الحركة الإسلامية السودانية منذ ان كان طالباً، فيما يعرف بين طلاب المدارس الثانوية والجامعات السودانية بالاتجاه الاسلامي.
وقد تخرج خليل إبراهيم من جامعة الجزيرة (في مدينة ودمدني جنوب العاصمة الخرطوم) كلية الطب وعمل طبيبا لفترة ثم هاجر الى السعودية للعمل فيها، لكنه عاد الى السودان بعد نجاح إنقلاب الرئيس عمر البشير الذي تم بترتيب مع جماعة الإخوان المسلمين في يونيو 1989.
في أوائل التسعينات من القرن الماضي وبدأ خليل إبراهيم نشاطه السياسي العملي مع حكومة البشير . حيث تم تعينه وزيراً للصحة في حكومة ولاية دارفور الكبرى، قبل تقسيمها الى ثلاث ولايات، ثم وزيراً للتعليم، ونقل الى ولاية النيل الأزرق ـ جنوب شرق السودان ـ مستشاراً في حكومة ولايتها، ونقل كذلك للعمل مع حكومة تنسيق الولايات الجنوبية.
أشتهر أبان إنخراطه في حكومة عمر البشير بأنه كان أحد أمراء الدبابين المجاهدين في فترة الحرب الاهلية بالجنوب (قبل إنفصاله) التي اعلن التي أعلن فيها الدكتور حسن الترابي الجهاد على جيش الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كان يقودها جون قرنق،
انشق خليل إبراهيم عن حكومة عمر البشير عام ض1999م وأنشأ حركة العدل والمساواة عام 2001م التي بدأت نشاطها العسكري عام 2003م . وحاول في مايو 2008م غزو العاصمة الخرطوم والإستيلاء على السلطة بالقوة لكنه فشل. ويوم الخميس الماضي أعلن متحدث بإسم حركة العدل والمساواة أن قوات الحركة تتجمع في منطقة شمال كردفان إستعدادا لغزو أمدرمان مرة أخرى ,,, وهو تصريح مثير للجدل ومستغرب أن يصدر من متحدث رسمي في هكذا شأن عسكري يفترض أن يحاط بالسرية والكتمان . ولكن يبدو أن هناك خطأ ما جرى أو ربما عدم تقدير لردود أفعال حكومة الخرطوم ؛ وسوء تقدير لقدرات الجيش السوداني في خوض مواجهة ميدانية عسكرية شبه نظامية ؛ على العكس مما هو الحال بالنسبة لحروب العصابات . فكان أن تم القضاء على خليل إبراهيم وعدد من أركان قيادته بكل بساطة فجر الأحد داخل منطقة "ود بندة" بشمال كردفان ؛ والتي لا تعتبر مجالا حيويا لخليل إبراهيم أو قوات العدل والمساواة التي تتشكل أغلبيتها من أبناء قبيلة الزغاوة الغير عربية . والتي تتركز (داخل السودان) أصلا في إقليم دارفور وليس إقليم كردفان العربي المجاور.
ومن ثم تعتبر هذه هي المرة الثانية التي يخطيء فيها خليل إبراهيم (الغير عسكري) تكتيكيا بعد أن سبق وأخطأ في تقدير إمكانيات الفشل العسكري عند إقدامه على محاولة غزو الخرطوم في مايو 2008م دون أن يفكر في أن من فشل في إحتلال مدبنة الفاشر (عاصمة دارفور) لا يمكن أن ينجح في إحتلال الخرطوم البعيدة عن مجاله الحيوي .... وأكثر ما يقال في هذا الشأن أن خليل إبراهيم ما بين مايو 2008م و ديسمبر 2011م لم يفلح سوى في مـدّ ساقه كي تُـلـَدغ من جحر واحد مرتين .. ولكن اللدغة الثانية هذه كانت القاتلة.
وخليل المتزوج من قرية ود ربيعة بالجزيرة وسط السودان لديه عدد من الأبناء والبنات يدرسون حاليا في المدارس والجامعات السودانية اكبرهم في كلية القانون بجامعة الخرطوم. وهو الأمر الملفت للنظر أن تتعامل الحكومة السودانية في الخرطوم مع أبناء أحد ألد أعدائها بهذا الحس الوطني مقارنة بما يجري في بلدان عربية وأفريقية مثل ليبيا القذافي وعراق صدام وسوريا الأسد .. إلخ حيث يؤخذ الأبناء بجريرة آبائهم بل وتؤخذ أسرهم وعائلاتهم بجريرتهم كذلك.
وعن خليل إبراهيم يقول الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة (احمد حسين) انه من القيادات التي لديها رؤية ثاقبة في قضايا المهمشين، وانه قدم العديد من المشروعات خلال عمله في الحكومة الولائية بدارفور. وأضاف:- «لقد ظل خليل يردد ان الحركة الإسلامية هربت من مسؤولياتها عن المواطن البسيط بعد وصولها للسلطة ولذلك فقدت الشرعية».
وفي أوائل العام 2001م أصدر خليل إبراهيم بالتعاون مع آخرين كتابا أسود عن مشاكل التهميش في السودان . وإدعى خليل في هذا الكتاب ان وسط وشمال السودان يستحوذان على السلطة والثروة . وان ابناء الهامش في دارفور والجنوب والشرق مهمشون بصورة كبيرة.
وقد أختلف أهل السودان في شأن وأهمية وأثر هذا الكتاب حيث يعتقد البعض أنه أطلق شرارة الثورة والتمرد في دارفور، فيما يرى أخرون أنه محض كتاب عنصري محشو بالإفتراءات والأوهام ويقود الى فتنة بين السودانيين.
بعد تدخل القذافي وحسني مبارك لإفشال المصالحة بين حكومة الخرطوم وحركة العدل والمساواة التي رعتها دولة قطر ورمى فيها الأمير حمد بن خليفة آل ثاني بكل ثقله لإنجاحها هرب خليل إبراهيم للإقامة في مصر ثم وبعد إحتجاجات سودانية وضغوط إعلامية ودبلوماسية طلبت منه مثر مغادرة أراضيها فلجأ للإقامة في ليبيا ضيفا عزيزا على القذافي الذي كان قد قدم له الدعم العسكري والمالي والإستخباراتي لغزو الخرطوم في مايو 2008م والذي باء بالفشل الذريع كما هو معروف.
بعد نشوب الثورة الليبية ومقتل القذافي تسلل خليل إبراهيم عائدا إلى السودان وحامت شائعات كبيرة بأنه قدم ومعه أموالا طائلة وأسلحة متطورة بصحبة سيف الإسلام القذافي إلى دارفور .ولكن القبض على سيف الإيلام القذافي داخل ليبيا أجهض هذه الشائعات في مهدها ....
كان لنشوب ثورة 25 يناير في مصر وخلع حسني مبارك ثم مقتل القذافي وزوال نظامه السياسي بمثابة بداية النهاية لمجد وعلو نجم خليل إبراهيم . لكن لم يكن أحد يظن بأنه سبقتل. وعلى كل حال فلا يمكن القول بأن مقتل خليل إبراهيم قد جاء إغتيالا وإنما تم قتله جراء معركة عسكرية بين قواته وقوات من الجيش السوداني التي تعقبته في تلك المنطقة.
الآن لا يعرف على وجه التحديد ما إذا كانت حركة العدل والمساواة ستظل متماسكة فاعلة بعد رحيل خليل أم لا .وربما تظل متماسكة فترة إحتراما لذكرى مؤسسها وقائدها . ثم ما تلبث الخلافات أن تنشأ بين قادتها إزاء الموقف من حكومة الخرطوم ومداولات سلام الدوحة الذي دفع خليل إبراهيم ثمن عناده فيه غاليا.
التعليقات (0)