قرار المغرب بقطع علاقته مع جمهورية إيران هو قرار شرعي وسيادي، اتخذته دولة ذات سيادة، لم تتقبل التصرف الانفرادي وغير اللائق لإيران، وتهجمها في حق المملكة المغربية بسبب دعمها للبحرين، جمهورية إيران أصرت على تحويل انتباه مجموع البلدان الإسلامية والعالم، في محاولة لإقناعها بأن موقف المغرب وراءه أطراف خارجية معادية لإيران، وبلغت هذه المزاعم أوجها المزايدة واللعب على مسألة التضامن مع القضية الفلسطينية، التي يعتبرها المغاربة من صميم قضاياهم الوطنية في محاولة إيرانية للتشكيك في الموقف المغربي تجاه فلسطين، بينما تناست عمدا فتوى آية الله علي خامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عز العدوان الصهيوني على غزة و التي قضت منع الإيرانيين من الجهاد في سبيل فلسطين
غير أن القضية اتخذت شكلا من الحروب الدبلوماسية الغير المعلن عنها بعدما كشفت مجموعة من المصادر الإعلامية و الأمنية و الحكومية المتعددة الجنسية أن تحركات الإيرانيين المقيمين بالمغرب و بأوروبا وضعت تحت مراقبة الاستخبارات المغربية، منذ سنة 2004 بعدما كشفت التحريات الأولية أن الإيرانيين يسعون إلى نشر المذهب الشيعي بالمغرب، عن طريق الجالية المغربية المقيمة بأوروبا، خاصة دولة بلجيكا، بهدف تشييع أكبر نسبة ممكنة من الشباب وسطهمحينها تحركت عناصر مديرية الدراسات وحفظ المستندات لادجيد ومديرية مراقبة التراب الوطني الديستي بتنسيق مع الاستخبارات الأوربية، و أنجزت عدة تقارير مفصلة، تبين من خلالها أن هناك محاولات حثيثة ومكثفة من طرف حكومة طهران لخلق تيار شيعي يمتد داخل المملكة، انطلاقا من مناطق الشمال، عن طريق أفراد الجالية المغربية المنحدرين من منطقة الريف من الذين جرى استقطابهم كما أفادت نفس المصادر أن هذا الملف كان حاضرا بقوة في اجتماعات مسئولو أجهزة الاستخبارات في الدول المغاربية و المتوسطية بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث تداولوا جميع التحركات المسجلة في الفترة الأخيرة التي عرفت تنامي النشاط الشيعي على أراضي المغرب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر ما يسمى منظمات غير حكومية تسعى من خلالها نشر المذهب الشيعي غير أن المغرب ليس الوحيد من بين الدول العربية الذي يشهد المد الشيعي فالتحريات كشفت وجوده أيضا في إفريقيا جنوب الصحراء دول الساحل، وفي بلدان إسلامية أخرى، و قد ثبت لدى السلطات المغربية ب أن عدد من الدبلوماسيين والأعوان بالسفارة الإيرانية في الرباط، على رأسهم، السفير الإيراني ومستشاره الإعلامي الذي كان يقود بتوجيهات من رئيسه، حملة اتصالات وتعبئة واستقطاب أفراد وتنفيذ مخططات لاختراق أحزاب وجمعيات، وحسب معطيات صحفية التي نجد أن السفير الإيراني بالرباط، وحيد الأحمدي، لم يكن أبدا دبلوماسيا في وزارة الخارجية الإيرانية، بل جرى استقدامه من المجمع العالمي لأهل البيت، الذي يوجد مقره بالعاصمة طهران، حيث كان يشغل منصب معاون ثقافي للمجمع، وأمين عام للمؤتمر العالمي، الذي يعقده المجمع لأتباع المذهب الشيعي في العالم، ما يفسر الهدف الحقيقي لوجود سفير رجل دين متخصص في نشر التشيع في العالم، الشيء الذي يؤكد أن إيران كانت تخطط لاستهداف العقيدة الدينية للمغاربة ومن المعروف أن المجمع العالمي لأهل البيت مؤسسة دينية تحظى بدعم مرشد الثورة الإيرانية، آية الله خامنئي، ويترأسها وزير الخارجية الإيراني السابق، علي أكبر ولايتي، وهي مؤسسة متخصصة في التعريف بالمذهب الشيعي عبر العالم، واستقطاب النخبة الثقافية والأكاديمية والدينية والإعلامية في العالم الإسلامي وتضع ضمن أهدافها نشر المذهب الشيعي في سائر أنحاء العالم، والمساهمة في رفع مستوى الظروف المعيشية والأوضاع الاجتماعية لأتباع المذهب الشيعي، وطبع ونشر كتبهم ومؤلفاتهم وتراثهم الثقافي، وإقامة مشاريع اقتصادية لهم؟؟! ومن المعروف أيضا، أن هذه المؤسسة أسست بطهران جامعة أهل البيت لتدريس العلوم الإسلامية وفق المذهب الشيعي، ويوجد ضمنها طلاب من المغرب العربي
السفير الإيراني وحيد الأحمدي واحد من القادة وكبار أطر المجمع المذكور، وتعيينه على رأس البعثة الإيرانية بالرباط يحمل الكثير من الدلالات، أما مستشاره الإعلامي، محمد الشريف العسكري، الذي كان مثار شبهات منذ أن عين بالرباط، كان يشغل منصب مستشار إعلامي في المجمع العالمي لأهل البيت، بالإضافة إلى أنه تولى مسؤولية الأنشطة الثقافية الشيعية للسفارة الإيرانية في العاصمة العراقية بغداد، وكان مكلفا بالتواصل مع الهيئات والأحزاب الشيعية في العراق قبل مجيئه إلى المغرب و هكذا يتضح بالملموس أن إيران كان هدفها الأول هو تشييع المغاربة و تمزيق وحدة الصف المغربي من خلال إذكاء الصراع الطائفي ذو الصبغة الدينية و السياسية على غرار ما قامت به في العراق وفلسطين و قبلها في البحرين و لبنان
التعليقات (0)