خلفيات أحداث الداخلة
عبـد الفتـاح الفاتحـي
لا يزال الكثير من الغموض يلف أحداث أعمال الشغب بمدينة الداخلة، حتى أن حزبا طالب بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، وعلى قدر غموض صناع فتنة الداخلة تتحفظ الجهات الأمنية على تسريب أي معلومات حول نتائج التحقيق، وإن تسربت معلومات شحيحة تفيد بأنه تم اعتقال مواطن يحمل الجنسية الجزائرية كان يدوس المواطنين بسيارة رباعية الدفع، حيث ادعى عند اعتقاله أنه مواطن مغربي ينتمي إلى مدينة أسفي.
المصادر ذاتها أكدت أن شرطة العيون المكلفة بالتحقيق في أحداث الداخلة تجري حاليا تحقيقات متواصلة مع مواطن أخر يحمل الجنسية الإسبانية.
وإذا كان وزير الاتصال المغربي خالد الناصري قد أكد بأن أحداث الداخلة فيها بصمة البوليساريو، فإن عددا من المراقبين لم يستبعدوا تورط الجزائر والحزب الشعبي الإسباني في الحادث لدفع الأمن المغربي إلى استعمال العنف المفرط لتفريق المشاغبين بما يوقع عددا كبيرا من الضحايا يعتمد دليلا لإدانة المغرب حقوقيا في منظمة الأمم المتحدة.
ويؤيد هذا التحليل تزامن أحداث الشغب بالداخلة مع الحراك الدبلوماسي الذي تقوده الجزائر والبوليساريو مدعومة بأعضاء من الأحزاب الإسبانية اليمينية المتطرفة في دهاليز الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى هامش انعقاد اللجنة الأممية المكلف بملف حل النزاع في الصحراء للرفع من ورقة الضغط الحقوقية والمزايدة بها لتحقيق تقدم في توسيع صلاحيات المينورسو في الصحراء لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي.
ولا يخف المهتمون بالشأن المحلي الصحراوي مساهمة عدد من رؤساء الانتخابات في الإقليم، غداة الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات، ذلك أن مطلب "ترحيل سكان حي الوكالة" -باعتبارهم كثلة انتخابية هامة في التوازن الانتخابي بالداخلة- النقطة التي قد تكون السبب الوجيه لتفجر الصراع بين شباب الحيين، ويبقى هذا التوازن الانتخابي مختلا مما جعل العودة إلى الهدوء في المدينة مرهونة بمفاوضة وزارة الداخلية بضرورة ترحيل سكان حي الوكالة أو السماح لسكان حي الصحراويين بالرحيل إلى خارج المدينة.
وقد شكل هذه النقط عامل تهدئة الوضع في الداخلة وفيها الكثير من المساومات الانتخابية على الوحدة الوطنية لأن بعض ظل يردد لازمة "سكان حي الوكالة مستوطنون" في حين أن حقيقة الأمر تكمن في أن الكتلة الانتخابية لسكان حي الوكالة باتت تشكل حاجزا لوصول بعض الأسماء إلى قبة البرلمان المغربي، مما كان يقتضي من الهؤلاء إلا أن يثيروا شغبا يمكنهم من القفز بسهولة نحو البرلمان، أو لإجبار وزارة الداخلية على إجراء تقطيع انتخابي يراعي مصالحهم.
هذه القراءة لها ما يبررها عقب استدعاء وكيل الملك بالداخلة أحد برلماني الداخلة للتحقيق معه فيما اتهم به من المساهمة في أحداث الشغب، حيث قصد سكان المخيم حي الوكالة مؤسسته التعليمة الخاصة والقيام بإحراقها احتجاجا على مواقفه.
التعليقات (0)