خلجات إلى حبيبتي
التي تتراءى لي صباح مساء في كوكب بعلبك المنير
بقلم: حسين أحمد سليم
شاء الله في الأزلْ, فكان الوجودْ, كُنْ, فكانْ, بديع الصّنعْ, وحدة نسيجْ, نفخ فيه من روحهْ, فارتعش بانتظامْ, فتجلّت عظمة اللهْ, وتراءت قدرة اللهْ...
استوى على العرشْ, نور السّماوات والأرضْ, تحفّ به ملائكة أطهارْ, تقدّس لهْ, تهلّل لهْ, تسبّح وتتهجّدْ, ليل نهارْ...
شاء أن يعرفْ, وشاء أن يعبدْ, فأخذ من التّراب قبضةْ, حوّلها إلى طينْ, سوّاها بشراً, من حمأ مسنونْ, نفخ بها الرّوحْ, فانتعشت بالحياةْ, فكان آدم أبو البشرْ, وكان الإنسانْ...
عدالة شاءْ, رحمة ومودّةْ, من طينة آدمْ, كانت حوّاءْ, لآدم قرينْ...
سرّ الأسرارْ, نفح الحبّْ, أمانة اللهْ, ومض من وهجْ, وقبس من اطمئنانْ, أودعها في الصّدورْ, سيّالات أملْ, في القرار المكينْ, لتطمئنّ القلوبْ, وتستمرّ الحياةْ...
الحبّ, ما الحبّْ؟! لمن يتفكّرْ؟!
الحبّ ناموسْ, الحبّ مبدأ وعقيدةْ, الحبّ دينْ, الحبّ نظامْ, الحبّ وعد صادقْ, الحبّ عهد واعدْ, الحبّ إيمانْ...
الحبّ, ما الحبّْ؟! لمن يتأمّلْ؟!
الحبّ قداسةْ, الحبّ طهارةْ, في الفكر الحرّْ, في القول الجريءْ, في العمل الهادفْ, وفي الموقف الصّادقْ...
الحبّ الحقيقي, عقل مقلبنْ, وقلب معقلنْ, واستنارة في البصيرةْ, ووعي في الباطنْ, وعرفان في الذّاتْ...
الحبّ روح شفيفْ, ونفس مطمئنّةْ, وقلب طيّبْ, ووجدان نظيفْ, وعقل سليمْ, وخواطر أثيريّةْ...
الحبّ الصّادقْ, شاكرة من طيفْ, أثيريّة شفيفةْ, وومض من ضوءْ, وهالة من نورْ, تتوامض بين الرّوح والرّوحْ, وتعرج سموّا في العلا, عبر الخيط الفضّيّْ, بين الأرض والسّماءْ...
الحبّ النّاضجْ, قلب نابضْ, وشوق متشاغفْ, وعشق طاهرْ, وشعاع من الحقّْ, بريقه باهرْ, يضيء الصّدورْ, والأبصار والبصائرْ, والأفئدة والعقولْ...
الحبّ العظيمْ, وعي وإدراكْ, جلاء في الفهمْ, وصفاء في التّفهّمْ, دون همسْ, ودون كلامْ, وجلاء في السّمعْ, دون بوحْ, ودون قولْ, وتلبية نداءْ, دون طلبْ, ودون رجاءْ...
الحبّ الكبيرْ, تقدير واحترامْ, حرّيّة وانعتاقْ, وصون ودفاعْ, ووفاء وإخلاصْ, وحفظ ومحافظةْ, وأخذ وعطاءْ, وتبادل آراءْ, وحوار واقناعْ...
الحبّ الصّحيحْ, دفاع عن الحرّيّةْ, وحفاظ على الخصوصيّةْ, واحترام للرّأيْ, وإن الرأي اختلفْ, دون إفسادْ, للودّ قضيّةْ, ودون جفاء يقعْ, ودون فتنة تثارْ, ودون قطيعة تكرّسّْ, ونسيان الأشياءْ, في لحظة صفاءْ, وتجليّات نقاءْ, ليبقى الحبّْ, دون سواهْ...
الحبّ حلاوة النّفسْ, وهجران المراراتْ, ونسيان الآلامْ, وأوجاع الذّكرياتْ, وترك ماض مضى, وحياة حاضر واقعْ, ورؤى غد آتْ...
الحبّ فضاء واسعْ, يتّسع ويتوسّعْ, وسماء ممتدّةْ, صافية نقيّةْ, تمتدّ وتمتدّْ, وآمال مرتجاةْ, في البعد تتشكّلْ, كما النّجوم اللوامعْ, تتوامض وتتلامعْ...
ليس في الحب ضغائنْ, وليس في الحبّ أحقادْ, وليس في الحبّ مظالمْ, وليس في الحب مكارهْ, وليس في الحبّ حسدْ, وليس في الحبّ غيرةْ, وليس في الحبّ نكدْ, وليس في الحبّ بخلْ, فالحبّ رفعة في المناقبْ, وعظمة في مكارم الأخلاقْ, والحبّ كرم وعطاءْ, وبذل وفداءْ, وذروة في التّضحيةْ...
الحبّ الحقيقي, لا يعروه الذّبولْ, مخضوضر يتنامى, طريّ العودْ, لا تتكسّر أغصانهْ, وإن مالت مع الرّياحْ, تعودْ واقفةْ, تنتصب في عنفوانْ...
الحبّ لا يعاني الأمراضْ, ولا يخاف الأخطارْ, ولا يقربه العجزْ, ولا الشّيخوخةْ, يولد بروح الشّبابْ, ويعيش بروح الشّبابْ, ويستمرّ بروح الشّبابْ...
ليس في الحبّ قلقْ, ولا حيرةْ, ولا إرباكاتْ...
يولد الحبّ عملاقا, ويعيش عملاقا, ويبقى عملاقا إلى الأبدْ...
يا توأم الرّوحْ, يا نجمة مدينة الشّمسْ, أنت في الله حبيبتي, أنتِ في الله عشيقتي, أنت في البعد معلّمتي, وأنت في الابداع ملهمتي...
ذات يوم كانْ, تعارفنا في الله فتآلفنا, وتآلفنا في الله فتكاملنا, تكاملنا في الله فانسجمنا, وانسجمنا في الله فتوحّدنا, وتوحّدنا في الله فتماذجنا, وغدونا روحا في جسدينْ...
تحاببنا في الله, وتعاشقنا في الله, فتشاغفنا في الله, وتوالهنا في الله, وتهايمنا في الله, وتيّمنا الحبّ في الله, فخشعنا لله إيمانا, وعبدنا الله, فتجلّت أفكارنا, خلجات بوحْ, حبّا وعشقا للهْ...
في البدءْ, حملتني أمّي, جنينا في الرّحمْ, سابحا في ماء الحياةْ, تدثّرني أغشية الحبّْ, أتغذّى بدماء العشقْ, وولدتني أمّي, وأرضعتني الحبّْ, ولقّنتني العشقْ, فغدوت عاشقا, منتعشا بالحبّْ, أعشق حبيبتي, وأموت بمن أعشق...
في طفولتي الأولى, رضعت حليب الحبّْ, من ثدي الحبّْ, في طفولتي الثّانيةْ, تعلّمت أبجديّة الحبّْ, في كرّاسة الحبّْ, في طفولتي الثالثةْ, نطقت بكلمات الحبّْ, وغنّيّت الحبّْ, وتموسقت بالحبّْ...
ولجت الحياةْ, أبحث عن الأمانْ, أفتّش عن الحنانْ, إلتقيتك قدرا, فأحببتك قدرا, على حين ومضةْ, بين يديك كانتْ, ولادتي الثّانيةْ, وأبصرت النّورْ, من عينيك يشعّْ, وصوتك سمعتْ, في أذني, يهمس الحبّْ, واسشعرت الإطمئنانْ, بالحبّ قلبي تموسقْ, وبالخلق وجداني تجلّى, فأبدعت للحبّْ, وللحبّ كتبتْ, النّثر والشّعرْ, وللعشق رسمت الجمالْ...
الحبّ في قاموسي, نقاء وصفاءْ, وإخلاص ووفاءْ, وبذل وعطاءْ, وتضحية وسخاءْ, وصبر وانتشاءْ, وشوق وحنانْ...
الحب عقار ودواءْ, فيه تندمل الجراحْ, الحب سعادة وأفراحْ, ليس في الحب من عسرْ, فالحب يسر على يسرْ, وليس في الحب من ضيقْ, فالحبّ فرج عميقْ...
الحبّ حياةْ, مزيج متناسقْ, من الإيمان والصّبرْ, والصّدق مع الذّاتْ, ورؤى الأملْ, والتّضحية والوفاءْ, لم ولن ولا يفشلْ, اذا الحبّ كانْ, قوام الحياةْ...
الحبّ الصّادقْ, بلسم شافْ, يداوي الجراحْ, وهمسة دفءْ, تشعل الأشواقْ...
الحبّ الصّادقْ, للنّفس طمأنينةْ, وللذّاتِ راحةْ, وهو شعور سامْ, وبراءة وطهرْ...
الحبّ الحقيقي, سعادة وانتعاشْ, وذكرى الجمالْ, ودفن الأحزانْ, وعيش الواقعْ...
سكنني الحبّْ, فتشكّلت روحي, بكلّ ذرّةْ, من روحك وكيانكْ, فأحببتكْ, وغرقت أكثرْ, في بحار الحبّْ...
الحبّ الحقيقي, توحّد في الرّوحْ, وتكامل في الذّاتْ, وتطابق في الفكرْ, وهو عهد دائمْ, ووعد قائمْ, وهو انتظار للأملْ, ليبقى الإنتظارْ, أحلى اللحظاتْ, وأجمل الذّكرياتْ...
الحبّ الحقيقي, لا يعرف الكذبْ, ولا يعرف الخيانةْ, ينمو بالحنانْ, ويعطي دون حدودْ, وهو بسمة صافيةْ, وصدر طيّبْ, وملجأ أمانْ, ويد حانيةْ, تمسح الأحزانْ, تحمل الدّفءْ, والثّقة والإطمئنانْ...
الحياة بلا حبّْ, شجرة بلا ثمرْ, ووردة بلا عطرْ, وليل بلا نجومْ, وقمر بلا نورْ, وألم بلا أنينْ, وغربة بلا حنينْ, وغناء بلا شجنْ...
أيّها القمر المنيرْ, والنّجم الثّاقبْ, والأمل المرتجى, تفيّأت في أنواركْ, ورنوت إليكّ في العلا...
يا نجمة الصّبح المتلألئةْ, تمنّيت ريادة أسراركْ, وشاء القدر وإلتقيتكْ, ذات يوم ضحويّْ, عند شاطيء الحبّْ, لمدينة الحبّْ, وكان البوح بيننا إطمئنانْ, وكان همس الرّوح الدّافيءْ, فعشقت بعلبك لعشقنا, وتتيّم موج الهواء لحبّنا, ولانت الصّخورْ لنبلِ مشاعرنا, وشكّلت شمس الشّروق والغروبْ, لوحة الشّفق تكريما لنا...
لمْ نتكلّم كثيرا, إنّما تكلّمت أعيننا, لمْ نقرأ الشّعر طويلا, إنّما تموسق بالشّعر قلبينا, لمْ نعانق بعضنا, إنّما تعانقت روحينا, لمْ نعقد وعدا بيننا, ولا عهدا واعدا, إنّما , في قلب الوعد وجدنا, وفي روح العهد إنتعشنا...
قرأنا في البعد خواطرنا, وقرأنا في القرب وجداننا, فقصرت ألسنتنا في القولْ, وقالت بوحا نظراتنا, فإنتعشنا بالحبّْ, وتكاملنا بالعشقْ, فإستشعرت بوحك الصّامتْ, وتفرّست وجهكِ المشرقْ, فرأيتكِ قمرا منيرا مشرقا في فضاءاتي, فتجرّأ قلم الرّصاص الذي بين أناملي بوحا, واختصر لك كلّ الأشياءْ, وكتب لكِ إيمانا, في وعد صادق وعهد واعد وبيعة كاملة وميثاق مقدّس وعقد مطهّر وفاء وإخلاصا... أنتِ حبيبتي, أنتِ حبيبتي في الله ورضى الله وتقوى الله, لم ولن ولا يفرّق بيننا إلاّ الموت... فهوت كلّ أشجار الدّلب في مرجة رأس العين راكعة, تُكبّر الله في حبّنا, وسجدت أعمدة جوبّيتير لله وعظمة الله, تبريكا لقداسة وطهارة حبّنا وعشقنا, وانتصب حجر الحبلى عند مدخل بعلبك رافعا هامته لله مُكبّرا له في حبّنا وعشقنا, وتوامضت بالنّور مئذنة مقام خولة بنت الحسين ابتهاجا لحبّنا وعشقنا, ورفعت التّكبير حجارة مسجد رأس الحسين عند رأس العين تبريكا لحبّنا وعشقنا, وتدفّقت مياه نبع رأس العين تيمّما بحبّنا وعشقنا, وكلّ رفات الأموات في قبور بعلبك ارتعشت لحبّنا وعشقنا, وتماهى بدر الدّجى وما زال, وتألّقت نجمة الصّبح وما زالت, وتوامضت شمس الصّباح وما زالت, في فضاءات طباق, فوق قبرين ساكنين روضة الأبديّة, حتّى في ضجعة الموت غديا ملتصقين مودّة ورحمة بالحبّ والعشق...
حبيبتي... الوعد الصّادق, والعهد الواعد, والبيعة الأمانة, والميثاق الشّرف, والعقد المقدّس, والقسم المعظّم... وفاء وإخلاصا... لم ولن ولا يُفرّق بيننا إلاّ الموت... وحتّى الموت سيجمعنا في رحاب الأبديّة... نحيا الحبّ والعشق في ضجعة الموت...
حبيبتي... حتّى وإن جرّدوكِ من كلّ شيء, وكبّلوكِ بالسّلاسل والحديد, وسجنوكِ في البئر الباردة الجدران, وأحاطوكِ بأبالستهم وشياطينهم, ومنعوكِ من كلّ شيء, ومنعوا عنكِ كلّ شيء, ورموا بكِ في المتاهات... إصبري وصابري, فالفجر لا بدّ آت... واضرعي لله يغفر لهم فهم لا يعرفون ماذا يفعلون لأنّهم أغبياء مغفّلون ومنافقون... وهم أوهى من خيوط العنكبوت أمام الله والحقيقة في رضى الله...
لا تقلقي حبيبتي... الأصالة تتجلّى بحفظ الكرامات والشّرف في المواقف الحرجة... وتتجلّى أكثر بكتم الأسرار عن الأشرار... وكلٌّ يا حبيبتي المعذّبة يعمل على شاكلته التي ولد ونشأ عليها إيمانا أو كفرا أو نفاق... وما يستتبع من زور وبهتان وحيف وظلم وغدر وخيانة... يتستّر أصحابها تحت عباءة فضفاضة من الإيمان ويتّخذون ربّهم الشّيطان...
التعليقات (0)