ماهر حسين.
ففي الوقت الذي يقدم هنيه به المِنح يجري الحديث لدى السلطة عن تقليص المصاريف وعن التقاعد المبكر مما يعطي مؤشر على أزمة السلطة الوطنية وبالمقابل فإن جولان هنيه ومِنحِه تعطي مؤشر على القدرة المالية لحكومة الانقلاب خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار ما أشار له هنيه خلال زيارته إلى تونس حيث قال بأنه تسلم حكومة مدانة ولم يعد عليها أي ديـــــــــون!!!!!!وهو يفاخر بان جزء من موازنة حكومته يٌستخدم لدعم القدس !!!!!!
فكم هو غريب هذا الحــــال ففي الوقت الذي تعاني به السلطة الوطنية من مصاعب مالية جَمة تنعكس سلبا" على المواطن وبنفس الوقت نجد بان حكومة الانقلاب تسدد ديونها وتقوم بإعطاء منح للمُعلمين .
إن هذا الواقع المالي الذي يٌعبر عن عجـــائب المال السياسي فهناك حكومة انقلابيه محاصرة تمتلك المـــال ولا ديون عليهـــــــــــا وبالمقابل هناك حكومة شرعية مُعترف بها من كل العالم ومُعترف بشفافيتها وحسن أداءها من قبل مؤسسات دولية ولكنها تعاني من الديون المتراكمة .!!!!!حقا" إنها عجائب المــــــــــــال .
أعتقد بأن على حكومة السلطة أن تقوم بتدريب كوادرها لدى سلطة هنيه بدلا" من تدريبها لدى صندوق النقد الدولي !!!!!!
إن أزمة حكومة فيــــــــاض ومِنح هنيه تعبير عن شكل المرحلة القـــادمة التي تشهد اجتياح الإخوان المسلمين للمشهد السياسي العربي سواء في دول الثورات على شاكلة تونس ومصر وليبيا أو في دول أخرى على شاكلة المغرب وغيرها من دول تنتظر .
ومن غرائب توقيت منحة هنيه بأنها تأتي في وقت يجري فيه الحديث عن خليفة مشــــعل بعد رفضه الترشح لقيادة حماس حيث يبرز أسم هنيه وتتراجع أسماء أخرى أمام (كاريزمـــــا) هنيه و منحه وجولاته ونفوذه.
قد يكون هناك فرصة كبرى ليكون قائد حماس القادم من دولة حمـــاس التي أقسمت قسم الولاء للإخوان فهي دولة الإخوان المسلمين الأولى التي أقاموهـــا بغزة وهذا سيكون تعبير حقيقي عن ثقل حماس بغزة ولكن على كل من يتخذ القرار حول شخصية رئيس المكتب السياسي لحمـــاس أن يحاول أن يدرس ويفهم ويعي تجربة حمـــاس بغزة فحمـــاس لم تقدم أي نموذج تتشرف به حركة الأخوان بل إنها قدمت نموذج انقلابي تعامل مع المعارضين والمخالفين بعنف شديد طال كل من يقول رأيه وكذلك عبرت حماس ومنذ انقلابها على تعامل ذو طابع منحــــــاز لأنصارها على حساب الشعب وعلى حســـاب القضية .
فحماس التي انقلبت على شعاراتهـــــــــا استطاعت أن تقوم بترويض معارضيهــــــــا بالعنف واستطاعت أن تقوم بحشد جمهورها خلف خطـــاب جديد تجاوزت به شعارات (التحرير ) و(ارض الوقف) و(حرمة التعامل مع العدو) و(فلسطين من النهر للبحر ) و ( الجهاد الفرض ) ووو ...وبنفس الوقت تغيرت حماس بوضوح منذ ثورة الشعب السوري فتحدث مشعل عن (الدولة ) و(جدوى المقاومة الشعبية ) ومن قبله تحدث البعض عن حُرمة إطلاق الصواريخ التي كانت أبان سيطرة الشرعية الوطنية على غزة واجب ديني ووطني حيث تم الترويج من قبل قيادات حماس في ذلك لمفهوم فضفاض عن (توازن الرعب) فعاش المواطن الفلسطيني بغزة الصامدة بحالة رعب دائم مرتبطة بتجاوزات حماس التي خلقت بلبلة داخلية ومنحت الاحتلال فرصة لممارسة إجرامه.
إن جماهير حماس لا تمتلك أي موقف تجاه ما يحدث فهي جماهير تابعه وتبعيتهـــــــا يتم تمريرها من خلال استخدام حماس المميز للدين كشعـــار ومنذ أيام شاهدنــــا وسمعنا وقرانا تصريحات هنية التي وصف بها منتسبين أجهزته الأمنية بأنهم (تربوا على موائد القران ) وكان هذا التصريح تعبير عن لعبة تجاذب داخلي في حمـــاس يجيدها هنيه وهي كذلك ضربة لجهود المصـــالحة التي تقوم وبشكل أساس على تجاوز أثار الانقلاب المشئوم ومن ابرز التداعيـــات التي خَلَفهـــــا الانقلاب التشكيلات الأمنية التي شكلتها حماس للحفاظ على الهدنة ولقمع المخالفين والمعارضين حتى ولو رفعوا راية (لا اله إلا الله ) وكما شاهدنــــــــــــا في أحداث مسجد ابن تيميه !!!!!!!!
إن منح هنيه وتصريحاته حول موائد القران تصب في إطار معركة الزعامة القادمة بحمـــــــاس ولكن كل ما سبق لا يستطيع أن يتجاوز الانطباع السيئ لدى المواطن الغزي من أفعال حمـــــــاس بغزة .
وأخيرا" أقول بان هنيه قد يكون من أفضل قيادات حماس شعبيا" ولكنه تعبير عن حالة التضليل السياسي وعدم القدرة على اتخــــــاذ القرار وبنفس الوقت أقول بان منح هنيه ليست قادرة على شراء ذمم أهلنا في غزة وكما أن تصريحات هنيه وموائده لن تكون قادرة على جعلنــــــــا نتقبل أفعال أتباعه التي مارسوهــــــا باسم الدين ...فالقتل تم باسم الدين والتعذيب تم باسم الدين والاغتيال تم باسم الدين والتمثيل بالجثث تم باسم الدين ....وبل أن قتل المصليين بمسجد إبن تيميه تم باسم الدين !!!!!!
ان هنيه يستطيع ان يمنح من يريد ما يريد ويستطيع أن يوصف من يشاء وكما يشــــــــاء ولكن كل ذلك لن يكون قادرا" على أن يُبرر لشعبنــــــــا أفعال حماس .
من المهم الإشارة وبنهاية هذا المقال إلى أن تصريحات هنيه عن سماحه بعودة أبناء فتح للقطاع بفعل الانقلاب هي تعبير أخر عن عنجهية تُمارس بها حماس الإبعاد لمواطني القطـــــــاع وأبناءه مما يٌشكل وصمة عار على هنيه وعلى انقلابه المشئوم ...فعودة أبناء القطاع للقطاع حق وليست منحه على طريقة هنيه ....
وستبقى شعارات (الإسلام هو الحل ) شعارات يمكن لها أن تكون أساس للخداع وللتضليل ولكنها ليست كافية لحرف مسار شعبنا المؤمن بأن الحل لكل مشاكلنا هو الديمقراطية وأقول ما قلته سابقا" بان الديمقراطية هي الحـــــــــــل للتعامل مع ما يحدث داخليا وكما أن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هو طريق الاستقرار والنماء والتقدم والسلام لنا ولكل الجيران .
التعليقات (0)