خلافات الجنوبيين عشية إلإنتخابات السودانية
بدأت ترشح إلى السطح مؤخرا العديد من مؤشرات الاختلاف والمنافسة وعدم التنسيق داخل أروقة قيادة الحركة الشعبية التي تحكم جنوب السودان والتي تلخصت في الآتي:
1) أن ترشيح الحركي ياسر عرمان لرئاسة الجمهورية تم بمبادرة شخصية من الأمين العام للحركة "باقان أموم" . ثم لم تجد قيادة الحركة في جوبا مناص بعد إعلان ترشيحه في الخرطوم عن المسايرة بإعلان ترشيحه رسميا.
2) إعلان ياسر عرمان تاليا وبعد أن إستهلك نفسه ، إنسحابه عن الترشح مؤكدا قرار الحركة الإبقاء على قرارها بالمشاركة في الانتخابات التشريعية.
3) نقض "باقان أموم" الأمين العام للحركة الشعبية ما جاء على لسان خادمه المطيع "ياسر عرمان" أعلاه . وإعلانه إنسحاب الحركة الشعبية من المشاركة في الإنتخابات التشريعية في ولايات الشمال ماعدا النيل الأزرق وجنوب كردفان وأبيي.
4) خروج رئيس الحركة الشعبية "سيلفاكير ميار ديت" عن صمت أبو الهول عشية الإنتخابات بتصريح أكد فيه أن الحركة الشعبية لم تتخذ قرارا رسميا بعدم المشاركة في الانتخابات التشريعية بالولايات الشمالية .
5) رد ياسر عرمان (المحسوب على باقان أموم) بجرأة وعنترية بدوية عربية لم نعهدها فيه من قبل على سيده الأفريقي "سيلفاكير" بما يؤكد أن قرار الحركة الشعبية بعدم المشاركة في الإنتخابات بالولايات الشمالية قد أتخذ على مستوى المكتب السياسي .... أو بما معناه فليحيا أفندينا ومولانا "باقان أموم" و طـوووز في معسكر سيلفاكير.
............................
وبالطبع ما كان ياسر عرمان ليتجرأ على رئيس الحركة بهذه الطريقة الفجة الواضحة لولا أنه يدرك أن هناك خلافا وتنافسا عميقا يدور بين كتلة المدنيين التي يترأسها سيده العرفي باقان أموم وبين كتلة العسكريين في الحركة التي يترأسها سيده الشرعي سيلفاكير .......
........................
وإزاء ما يجري في داخل الحركة الشعبية من خلافات ومنافسات حادة للسيطرة على مقاليد الأمور فيها ؛ والتي لا نشك في أنها ستنتهي على الأرجح بخسارة جناح باقان أموم وتقديم ياسر عرمان كبش فداء رخيص لهذه الخلافات الجنوبية الجنوبية . لاسيما بعد أن إحترق كارت ياسر عرمان جراء حملته الهزلية الفاشلة مؤخرا وسط ولايات الشمال في محاولة منه لإقناع الرأي العام بإنتخابه رئيسا . والتي إستنفذها ياسر عرمان في محض شتائم ومناورات مكشوفة ، وهجوم عاطفي نزقي السمات على نظام الحكم القائم ؛ دون أن يفلح في تقديم برنامج عمل مقنع ...... بل على العكس مما يظن ياسر عرمان نفسه . فقد كان لشخصه غير المحبوب وغير الموثوق به لدى أهل الشمال بوصفه قد باع نفسه إلى أعداء أهله ؛ إضافة إلى حملته المليودرامية الساذجة ، كان لها الأثر الأكبر في زيادة شعبية وأسهم الرئيس المقبل "عمر البشير" وفوزه الكاسح المؤكد.
........................
إن السبيل لفهم تكتيك الجركة الشعبية وإستراتيجتها العامة خلال الفترة الماضية ربما يكون أكثر وضوحا إذا قرأنا جزءاً من رسالة المبعوث الأمريكي للخرطوم (الجنرال سكوت غريشون) في رسالته تلك التي بعث بها لأحد أصدقائه ونشر نصها موقع "سودانايل" حيث جاء في بعض فقراتها الآتي: (والحديث هنا عن الجنوبيين ودميتهم ياسر عرمان)
[وهم مع تناقضاتهم التفصيلية الكثيرة، لكنهم في النهاية كم من القومية السوداء غير المسلمة التي يمكن توجيهها إلى خط المصالح الغربية إذا أقاموا دولتهم الخاصة التي تبدو ملامحها في التبلور هذه الأيام، وهم يستمعون لنا جيداً، وأحسن دليل على ذلك ترشيحهم لأحد العرب المتمردين «واسمه عرمان» ثم سحب ترشيحه بعد أن شتم حكومة الشمال في الإعلام السوداني والخارجي بما يكفي لتشويه وجهها، وإحراق عرمان هذا لا يحرج الحركة بشيء فهو ليس جنوبياً ولا مسيحياً، ونحن والحركة نعرف أنه إذا صمد إلى نهاية الصراع الانتخابي مع البشير سيفضح حساباتنا كلها. فسحبه يعبر عن زهدنا في التنافس على رئاسة السودان المتحد، وإبقاء الحركة على عدم الانسحاب النهائي من السباق الانتخابي يمنع البشير من التمكن من تنفيذ تهديده بمنع الاستفتاء الذي ستمرر من خلاله دولة الجنوب المستقلة، مع ما في ذلك من التضامن الجزئي غير المفيد مع الأحزاب الشمالية الأخرى].
على أية حال فلا يبدو نجم ياسر عرمان الآن في أفضل منازله أو أبراج حظه ..... وهو لن يستطيع بعد أن باع نفسه لشيطان الجنوب الوثني والصليبي ثم احترق ؛ لن يستطيع أن يعود أعرجاً إلى مُرَاحِه في الشمال حتى لو أخضع نفسه طوعا وعلناً وعن طيب خاطر إلى عمليـة إعـــــادة خِــتــَــان.
التعليقات (0)