بقلم عماد فواز*
لا شك أننا أضعنا ولازلنا نضيع الكثير من الوقت بمحاولات توصيف الوضع الراهن فى مصر وهل ما حدث يوم 30 يونيو يعتبر انقلابا أم ثورة شعبية، وفى سبيل ذلك استنفذنا كل طاقاتنا فى الدفاع عن هذا العبث الذي لا طائل منه سوى اضاعة المزيد من الوقت ، ففريق الشرعية او مؤيدي الرئيس المعزول يرون أنه انقلابا على الشرعية ويجب ان يعود الوضع الى ما كان عليه قبل 30 يونيو، والفريق الآخر يرى ان الفريق أول عبد الفتاح السيسي زعيم ووطني مخلص قاد ثورة شعبية لخلاص البلاد والعباد من الخونة ،و بين هذا الرأي وذاك انصرف الجميع من أنصار المعسكرين عن التفكير فى مستقبل الوطن، وكأن مشكلة البلاد الوحيدة هى البحث والتنقيب عما اذا كانت أحداث 30 يونيو ثورة أم انقلاب؟، ومن الواضح أننا سوف ننفق المزيد من السنوات فى الاجتهاد _الذى اتخذ طابع التصارع شعارا له _من اجل توصيف هذا الوضع ، ولكننا للأسف سوف نفيق بعد سنوات طويلة من الغفلة لنجد أنفسنا لم نحقق شئ ، فلا اقتنع أنصار مرسي بأنها ثورة ولا اقتنع أنصار السيسي بانه انقلاب!، وستظل الصراعات والاتهامات بالعمالة والخيانة والطابور الخامس والكفر أحيانا من كل طرف تجاه الاخر ، ظنا منه ان هذا التعصب هو الحل الوحيد لانقاذ الوطن، وهو في الواقع تعصب ضد مصلحة الوطن.
اعتقد انه آن الأوان لأن نفكر في المستقبل جميعا، وأن ندَع الماضي خلف ظهورنا، فعقارب الساعة لن تدور بالعكس أبدا، وما حدث قد حدث وانتهى الأمر، ويجب أن يفكر الجميع فى مصلحة البلاد على أساس سليم، حتى لا يضيع قاداتنا في دوامة القوانين البالية والأسس المطموسة والمبادئ الغائبة، كما حدث مع مرسي، الذي تعمد ان يحكم البلاد بلا اى أسس ولا اى مبادئ فانهار سريعا وانهارت كل مساعيه ومساعي جماعته.
يجب أن يدرك أنصار المعسكرين – مرسي والسيسي- أن العبور إلى مستقبل آمن لن يتم إلا بثلاثة خطوات أساسية لاغنى عنها : الخطوة الأولى : وهى الأساسية لكنها الأصعب و تبدأ بالاندماج والتعايش وقبول الآخر المبنى على العدل ومحاسبة كل من أجرم وخالف القانون من الطرفين .. والخطوة الثانية : تأسيس دولة مؤسسية يحكمها دستور محترم وقانون عادل و ملزم للجميع، وعدالة ناجزه حاسمة تضمن الحق لأصحابه، وبالتالى عدم تكرار ما عاناه الشعب ولا يزال يعانيه . الخطوة الثالثة : الاتفاق على مرحلة انتقالية ولتكن خمسة اعوام يتولى خلالها قيادة البلاد شخصية توافقية، يثق فيها الأغلبية وليكن مثلا الفريق السيسي، على أن يكون ملزما خلال هذه الفترة الانتقالية بالاتى: _نشر الثقافة السياسية المحايدة من خلال المنابر المختلفة، _توعية المواطنين بحقوقهم وفقا لما جاء بالدستور والقانون، _الاهتمام بالتعليم وإعداد الدولة لمواجهة التحديات المستقبلية. _تأسيس المؤسسات القوية المدعومة بأهل الخبرة وليس أهل الثقة، _القضاء على الفساد. _وأخيرا تحقيق العدالة الاجتماعية.
ولو فنَّدنا الخطوات الثلاثة دون تعصب من جانب اى طرف، ودون تشكيك وافتراضات مستقبلية لا أساس لها، و حماس مبالغ فيه بدعوى الوطنية_ وما هو إلا مُعوِّل هدم للوطن لو تدرون _سوف نجد أنها حلول منطقية لا بديل عنها ، لانه ووسط هذا الجو الملبَّد بالمكائد وسوء النية لن ينصلح الحال أبدا ولن تسير سفينة الوطن.
فالخطوة الأولى تبدأ بالتعايش والتصالح وقبول الآخر، فمن يظن أن المستقبل سوف يأتي آمنا دون تصالح هو فى الحقيقة واهم، والمتعصبون اليوم والمتحمسون للعداوة لن يجنوا من تعصبهم إلا المزيد من التوتر والكره والعداوة والثأر وعدم الاستقرار، بينما الصفح والتسامح وقبول الآخر_ ما لم تلوَث يداه بالدم، ،هو الحل الأمثل بعد محاسبة وعقاب كل من تجاوز في حق الآمنين،و بعدها تتم المصالحة والتعهد بالولاء للوطن والالتزام بالدستور والقانون، ،والمشاركة بإخلاص في بناء الوطن مع غض الطرف عن هجوم المتعصبون ولعنات المتأرعنين من كلا الطرفين، ، الذين حوَّلوا الوطن إلى ما حلبة مصارعة تمارَس فيها هواية التشجيع المتعصب الأعمى.
أما الخطوة الثانية فهى تبدأ من حيث انتهت الخطوة الأولى، حيث ستكون النفوس قد هدأت وقبِل كل طرف رأى الآخر بعد أن تأكد للجميع أن مصلحة الوطن هى الهدف والغاية ، وقتها تتم مشاركة الطرفين _بعد أن يتجرد كل طرف من مطامعه السياسية ومطامع حزبه أوجماعته_ في رسم خريطة الدولة المؤسسية التي يحكمها الدستور والقانون، وان يشاركا في ترسيخ مبدأ العدل والعدالة الناجزه، وذلك بوضع معايير وأسس واضحة لكل ممارسة سياسية ولكل عمل مجتمعي و أن يتوحد الطرفان فى التفكير فى مستقبل لا تتكرر فيه معاناتنا ، وان يعى كل منهم انه مؤتمن على حفظ هذا البلد وأنه يؤسس لمنظومة يجب أن تحمي الأجيال القادمة من أطماع أنفسهم ومن وساوس شياطينهم ، فيُغَلّب الحكمة على الطمع، ويُغَلب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ذلك لأن انهيار البلاد فى المستقبل -لا قدر الله- معناه هلاك الجميع غني وفقير، و تقدم البلاد – بإذن الله- معناه أن ينعم الجميع غنى وفقير.
أما الخطوة الثالثة فسوف تأتي وحدها بشكل أوتوماتيكي، فلن يبقى أمامنا إلا رأس الدولة، وهو الرئيس، وليس من المنطقي فى مثل هذا التوقيت بالذات أن نطالب بانتخابات رئاسية لنعود إلى مضمار السباق أو بمعنى أدق الصراع مرة أخرى، بل يجب اعتبار هذه الفترة تحديدا من تاريخ البلاد “مرحلة انتقالية لمدة خمسة اعوام”.. نوكل فيها الحكم إلى من اختاره أغلبية الشعب، ليتولى قيادة البلاد خلال الفترة الانتقالية، على أن نطالبه جميعا _المؤيد له قبل المعارض_ بأن يؤسس لدولة مدنية قوية قائمة على دستور لا رجوع فيه ،دستورلا يصنع ديكتاتور في المستقبل، ودولة قوية قادرة على مواجهة أطماع الطامعين ومعاول الفاسدين، وان يوجه إخلاصه ووطنيته وقبلهم ثقة المواطنين فيه إلى سد الثغرات وترميم كيان الدولة المتهالك، ليقف أي رئيس فاسد او خائن يقوده الحظ السيئ إلى سدة الحكم عاجزا أمام الدستور والقانون، وان يرسي مبادئ كالسيف تبقى أبد الدهر فوق رقبة كل فاسد تسول له نفسه العبث بمقدرات الدولة، فيستثمر ثقتنا فيه وتأييدنا له إلى ما يرضي الله فينا إلى يوم الدين، فنغادر هذه الدنيا جميعا بما فينا الرئيس مطمئنين على أرضنا وعرضنا وأولادنا وأحفادنا، مرتاحين البال والضمير لأننا جاهدنا وقاومنا الفساد ومن قبله أنفسنا فأسسنا دولة قوية سلمناها إلى أولادنا وأحفادنا أبيَّة عفية إلى أن يشاء الله .
وأخيرا: أعلم جيدا أنى سوف أهاجم من فريق المتعصبين، واني سوف أتهم ربما بالخرف أو بالحلم بالمدينة الفاضلة، لكن هذا لا يهم، كل ما أريده وأتمناه، أن يسأل كل متعصب لرأيه نفسه ولو لدقيقتين فقط، وماذا بعد؟.. إلى متى سوف نظل في هذا الصراع؟.. إلى متى سيظل يولد كل يوم إرهابي جديد ؟ إلى متى سيظل كلا الطرفين يلعن ويسب الأخر بكل تعصب و يصف تعصب الآخر بالإرهاب!!.
فكروا في مستقبل أبنائكم.. واعملوا على ان تورثوهم كيانا وطنىا قوىا يحمل السلام والوئام الاجتماعي للجميع، بدلا من ان تورثوهم كيانا متهالكا لا يحمل سوى الكره والإرهاب والتعصب الذي لن ينتهى ولن يثمر عن شيء مهما طال زمنه، ولن يجني كلا الفريقين منه إلا الخسارة.. خسارة الحاضر والمستقبل …بلا مقابل.. وفى النهاية يجب أيتذكر كلا الطرفين شيئا هاما ..أنه فى المقام الاول والاخير ..مصريا
التعليقات (3)
1 - محايد اخر
وانا ايضا محايد نظيف ومبارك - 2013-10-26 11:05:09
كونك محايد نظيف، وخارج من العبثيه، لم تسطع ان التمييزبين من المسوءل عن ضياع مصر وشعب مصر وتاريخ مصر، وادخالها هذا النفق المظلم، ولقد كانت تسير قبل الغباء ال cc, معافاة وفي طريق الامان، مثل كل شعوب الارض الذكية بدون بلطجه وحنكشه، انت تضيع الوقت بل واسواء من الCC, انت ياشاطر مضيع وقت بكتابه جميله لا تخدم وطن، اصحى..
2 - لا للإنقلاب
أسامة من مصر - 2013-10-26 13:49:46
الإخوان مصريين وطنيين شرفاء ومرسي الرئيس الشرعي لمصر رغم أنف الإنقلابيين الخونة
3 - النصابين
أيمن شرف - 2013-10-27 11:47:13
أعلن عدلى منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، في كلمته التي بثها التليفزيون المصري، السبت 5 أكتوبر 2013، بمناسبة احتفالات نصر أكتوبر،، عن البدء فى تدشين أولى خطوات مشروع إنشاء محطات نووية للاستخدامات السلمية، منها استخراج الطاقة، على أن تكون منطقة الضبعة أول المواقع المقترحة للدراسة!!! لماذا نشترى مفاعل نووى تزيد تكلفته على 5.52 مليار إيرو ، و 300 من مراوح توليد طاقة الرياح تنتج ما يعادل مفاعل نووى و تتكلف 900 مليون إيرو فقط؟!!! و بعد نهاية خدمة المفاعل النووى يلزم تفكيكه و تخزينه وهذا يتكلف حوالى 600 مليون إيرو.... ستنتج مصر بعد كل الفرقعة الاعلامية والتكلفة الباهظة 4000 ميجاوات فقط لا غير من خلال 4 مفاعلات نووية .. فى حين أن ألمانيا تنتج حاليا 20 ألف ميجاوات من الكهرباء من الطاقة الشمسية ، و هو ما يعادل أنتاج 20 من المفاعلات النووية وإيضا تنتج 31 ألف ميجاوات، من طاقة الرياح. فى تصريحات صحفية فى إبريل 2011 يقول د.فاروق الباز ، مدير مركز أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية ، أن توليد الكهرباء بأستخدام الطاقة النووية تنتج عنه مواد مشعة فشلت كبرى دول العالم في التخلص منها، و أنه يمكننا تطوير الطاقة الشمسية فى الصحراء الغربية لتحقيق جميع أحتياجاتنا فى وادى النيل، كما أنه يمكن الأعتماد فى منطقة البحر الأحمر على طاقة الرياح ، و\" أن المرحلة الحالية تتطلب تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية والأستفادة منها \". من المنتظر أن يستغرق العمل 40 سنة لأزالة الأنقاض ، تكاليف تعويضات ضحايا الكارثة النووية فى فوكوشيما وأعمال إزالة المخلفات 100 مليار إيرو، قاع البحر أمام فوكوشيما سيتم تغطيته بالخرسانة ، و بتكلفة قدرها 10 مليار إيرو ، وهناك تقديرات بأصابة حوالى 100 ألف طفل بأمراض سرطانية نتيجة كارثة فوكوشيما..\" و تقول إيفا جلفشنيج ، رئيسة حزب الخضر فى النمسا، تكنولوجيا المفاعلات النووية لا يمكن التحكم بها. وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل : \"إن الأحداث التي وقعت في اليابان تبين لنا أنه حتى الأشياء التي تبدو مستحيلة من الناحية العلمية قد تحدث.\" ألمانيا و بلجيكا و سويسرا يقرروا إنهاء الطاقة النووية و أغلاق مفاعلاتهم النووية تدريجيا ، و إيطاليا تظل خالية من الطاقة النووية، هو قرار الإيطاليين فى أستفتاء شعبى و الذى صوت بنسبة 95 % ضد الطاقة النووية. علما بأن النمسا و الفلبين بعد بناء مفاعل نووى على أرضهم لم يتم تشغيله و أصبح مزارا للسياح ..... مزيـــد من التفاصيل و قراءة المقالات ( كارت أحمر ، حدث فى اليابان ، أرجوك لا تعطنى هذا السرطان ، البحث عن الشمس ) بالرابط التالى www.ouregypt.us نرجو من السادة القراء العقلاء و الوطنيين قراءة هذه الموضوعات التى تناقش موضوع النووى السلمى من الألف إلى الياء و التى اتفق كل الخبراء على أن عيوبه أكثر من مزاياه.