انتقلت مخاوف النخبة والرأي العام في مصر من تفتح القاهرة في حكم الإخوان على إيران دون حدود، بلغ حد الترخيص بالنشاط السياحي الإيراني في مصر، من المعارضة والسلفيين إلى شيخ الإخوان، يوسف القرضاوي. وذهبت عدة صحف مصرية، مثل "اليوم السابع"، "الوفد" "المشهد"، و"الموجز"، إلى الحديث عن نشوب خلاف عميق بين الشيخ وإخوان مصر، وعلى رأسهم الرئيس محمد مرسي، في تقدير خطر المد الشيعي مقارنة بما يدره النشاط السياحي من مداخيل للخزينة العمومية، فضلا عن سعي بعض الإخوان لتعيين القرضاوي رئيسا لمشيخة الأزهر، وهو ما رفضه القرضاوي شخصيا، وعامة علماء ومشايخ مصر.
جريدة "اليوم السابع" المصرية، لم تقبع في مفترق الطرق أمام هذا المشهد، بل قالت صراحة إن العلاقة الكبيرة التي تجمع بين الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وبين جماعة الإخوان "تعرضت لتدهور ولعدة اهتزازات خلال الأيام الماضية"، واستندت في قراءتها إلى رفض القرضاوي نفسه، للسياح الشيعة خشية نشر مذهبهم "الشيعى" داخل المجتمع المصري، زيادة على تسريبات تفيد برغبة الإخوان في "تنصيب" القرضاوي شيخا للأزهر.
وإن الدكتور كمال الهلباوى، أحد الرموز الناشطة فى مجال التقريب بين المذاهب، غير قلق من خطر الشيعة، وقال: إنه من الخبل ظن البعض أنه بإمكان المذهب الشيعى تحطيم مذاهب أهل السنة والجماعة"، ندد الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية، بفتح المجال أمام السياحة الإيرانية، وقال: ".. أن يدخل الشيعة مصر وينشرون أفكارهم اليهودية المجوسية فهذا مرفوض"، وحمل مرسي المسؤولية قائلا: ".. وعندما سألنا الدكتور محمد مرسى قبل توليه الرئاسة عن الشيعة قال أنا أعلم الخطر القادم على مصر وأستطيع حمايتها وقد دعمناه، ولكنه خيب ظننا ونقض عهده الذى عاهدنا به".
وبعدما استأنس بموقف الشيخ القرضاوي الرافض للتشيع في بلاد السنة، هدد الشحات قائلا: "سوف نحشد المليونيات ولن يرهبنا دخان القنابل، وسوف ندافع عن عرض أم المؤمنين السيدة عائشة، وعن كتاب الله، ورسوله، فهم يصفون الله بالجهالة ويكفرون الصحابة إلا سبعة"، مشيرا إلى "مخطط لنشر الشيعة فى لبنان وسوريا وقطر والبحرين وإعادة الميراث الفاطمى، كما يزعمون من مصر".
من جهته، قال الشيخ أحمد فريد، أحد قيادات الدعوة السلفية، إن الشيعة يستغلون مرور مصر بأزمة اقتصادية لنشر أفكارهم الرذيلة، ومنها نكاح المتعة وهو أكبر أنواع الإباحية، وشدد قائلا: "ما يفعله مرسى خيانة للدين وهذه ليست موازانات سياسية كما يزعمون فهو يعرض الدين الإسلامى للخطر".
وفي قضية مشيخة الأزهر، أكد الشيخ محمد عبد الله نصر، خطيب ميدان التحرير، خلال خطبته الجمعة أن جماعة الإخوان تريد أخونة الأزهر بتعيين الدكتور يوسف القرضاوى شيخا للأزهر، مضيفًا أنه لو حدث هذا فستكون أول فتوى للقرضاوي هى قتل الثوار.
وأمام هذا التواتر حول فضية السياحة الإيرانية في مصر والأزهر الشريف، أطلق القرضاوى، الثلاثاء الماضى، تصريحات مناقضة لقرار الرئيس مرسي وحكومته وامتداده في مؤسسة الأخوان، قال فيها: "كنت قديما من دعاة التقريب، وظللت لسنوات أحضر مؤتمرات التقريب فى الرباط وسوريا والبحرين وقطر، وقمت بزيارة إيران فى ظل فترة ولاية الرئيس محمد خاتمى، وعدد من المراجع الشيعية هناك، لكني فى الحقيقة وجدت أن الشيعة هم من يستفيد من التقريب.. وأن الشيعة لديهم أموال طائلة، ورجالهم لديهم القدرة على غزو بلاد السنة، ونشر المذهب الشيعى فى إفريقيا وآسيا".
وقال القرضاوي متحفظا: ".. ويكفى أن الشيعة يخالفوننا فى القرآن وأمهات المؤمنين والصحابة، الشيعة لديهم مليارات وعلى استعداد لإفساد مذهب أهل السنة فى جميع الدول، ويجب أن يقوم العلماء بدورهم فى توعية الناس بحقائق المذهب الشيعى"، وأضاف: "لا أقبل أن يغزو الشيعة مصر بلد السنة".
كما اعتبر "القرضاوى" أن الحديث عن ترشيح جماعة الإخوان المسلمين له لمنصب شيخ الأزهر، كبديل للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالى، "أوهام" لا أساس لها من الصحة، وقال: "... الحديث عن ترشيحى بديلا له ـ أحمد الطيب ـ هي أسئلة ما أنزل الله بها من سلطان، وما قام عليها من سطان، وأسأل الله أن يهيئ الظروف الطيبة لأخينا الطيب التى تساعده على عمله، نحن زملاؤه وشركاؤه فى تحمل المسئولية".
وكملاحظ ومتتبع، يذكر الباحث المختص في الحركات الإسلامية، علي عبد العالي، أن الحديث عن "تدهور" للعلاقة بين تنظيم الإخوان والشيخ يوسف القرضاوي، "أمر فيه بعض التهويل"، والأصح بحسب عبد العال "أن هنالك بعض التباين فقط في الرؤى بين الرجل والتنظيم".
ويقول عبد العال، لـ "الشروق"، إن الحديث عن اضطراب للعلاقة تتناقله بكثرة المراجع الإعلامية ذات التوجه الليبيرالي، لكن الواقع أن هنالك آراء للجماعة قد يختلف معها الشيخ يوسف القرضاوي كما هو الحال مع الشيعة"، وسبق للقرضاوي أن تراجع عن التقارب مع الشيعة وأعلن مخاطرها على الإسلام والمسلمين.
ويقر الباحث علي عبد العال في حديثه بوجود اختلاف بين الإخوان والقرضاوي حول الشيعة، الأمر الذي يصنفه في "خانة الطبيعي"، ويقول: "نعم في بعض الأحيان يكون للقرضاوي رأي مخالف للجماعة، حتى وإن كان مرتبطا حميميا بالتنظيم، فإنه لا يلتزم وفي كثير من الأحيان بما تقرره الجماعة".
وبخصوص سعي الإخوان فرض القرضاوي شيخا للأزهر، يقول علي عبد العال: "لقد أكد الشيخ القرضاوي أنه لن يترشح للمنصب، كما أن عمره الذي ناهز 90 سنة لن يسمح له، كما أن الحرية التي يعيشها في قطر لن تجعله يغادرها للإقامة في مصر".
التعليقات (0)