مواضيع اليوم

خطاب مفتوح إلى رئيس قاتل!

كادتْ حبالُ صوتـِـنا تتمزق لسنوات طويلة من جراء تحذيرنا للبسطاء بأن التيارات الدينية لا علاقة لها بالدين، فجئت أنتَ لتثبت لنا أن الدين هو الوسيلة التي تسلكونها للوصول إلى سلطة باغية، ظالمة، فاشية لا تتوانى لحظة واحدة عن تدمير مصر من أجل خلافتها الوهمية!
كنا نترقب بفزع شديد نتائج التربية الدينية غير الصحيحة على مدار أعوام، فجاء عهدك الأغبر ليكشف عن حقيقة غابت ردحاً طويلا من الزمن وهي أنكم صنعتم من الدعاة بلطجية، ومن التسامح في الإسلام قسوة وكراهية وغلظة، ومن المساواة تمييزاً يعتبركم أسياداً في عالم من العبيد والجواري وليس المواطنين.
كنا نردد على مسامع مواطنينا أن يرتابوا إذا تحدث شخص في الدين بدون أن ندعوه، وأن الدين إذا دخل القصر، خرجت الرحمة منه، وإذا زعم زعيم أنه سيستعين بالسماء لتساعده فأغلب الظن أنه سيحيل الأرض إلى جحيم، فلما رأيناك تترك ملفات وهموم الوطن وأمواله المنهوبة وأبناءه المعتقلين وتسيح في الأرض مُصـَـلـيـّـاً في مساجدها تحيط بك مواكب وحراسات تنفق عليها من أموال شعبنا تأكدنا أن الأمر لا يعدو أن يكون سُلطة استبداية مخلوطة ببهارات دينية.
كل القرائن كانت تؤكد أنك كاذب حتى النخاع، وأنك ماهر فقط في حشو خـُـطبك بخواءات وفراغات ينفر منها العقل السليم، ومع ذلك فمثقفونا وإعلاميونا قادوا حركة تغييب الشعب واقناعه أن شريعة الإخوان والسلفية هي شريعة الإسلام وتلك أكثر كذبة في تاريخ مصر الحديث.
الحمقى والطيبون كانوا يظنون أنك أرقَّ من أن ترى نقطة دم في إصبعٍ مجروح، فإذا بكَ كأقرانك من السلفيين والإخوان تستطيعون أن تُغرقوا مصرَ في بحر من الدماء دون أن يرف لأحدكم جفن، فلتذهب مصرُ إلى الجحيم فخيرت الشاطر سيقف حارساً لئلا يخرج مصري واحد منه، أي من الجحيم!
شكرا لك لأنك بغبائك قمت بتوحيد مسلمي وأقباط مصر على هموم مشتركة، فقد اكتشف المسلمون والأقباط أن تراب وطنهم المشترك مِلكية واحدة لا تفرق بين الهلال والصليب، وأن استتباب الأمر لكم يعني في المستقبل زنزانة لكل مصري يتوهم أن مصر بلده وليست بلد الاخوان والسلفيين فقط!
شكراً لك لأنك بهروبك من قصر الاتحادية ورفضك مواجهة منتقديك وهم بالملايين قزّمت نفسك حتى بدوت كبينوكيو اخواني يولــّـي مناهضيه الدُبرَ من الباب الخلفي إذا اقتربوا من الأمامي!
شكرا لكَ فقد أسقطتْ حماقاتك أوهامَ الخلافة إلى الأبد، وأظهرت طاووسيتك في احتقار شعبك ذئاباً كانت مختبئة في سراويل الشاطر وبديع والعريان والبلتاجي والكتاتني.
حتى لو تفاوض معك عمرو موسى وصباحي والبرادعي وأيمن نور ومنحوك فرصة العودة للقصر رئيساً شريطة تغيير بعض المواد، فالحقيقة التي لا مــِـراء فيها أن جماعة الإخوان المسلمين ظهرت أنيابها الفاشية أمام أعين البسطاء الذين كانوا يقيسون كفاءة الفرد بحجم زببية الصلاة، وعبقريتــَـه بعدد مرات التسبيح الجهري أمامهم، فأغلبية الشعب الآن تعيد قراءة عهد جمال عبد الناصر.
كل الصفات الشريرة يغفرها الشعب لديكتاتوره إلا الجُبن فهو الذي يخسف بسيد القصر، ويمرمط كرامته في الأرض.
وعندما أصرَّ المخلوع اللعين أن يخفي وجهه، وينام أمام قضاء مشكوك في نزاهته، وعشرات الملايين يتابعون جبنه وهو لا ينبس ببنت شفة مدافعا كعسكري وقائد سابق عن كرامته، كانت سقطته أعنف من رحيله في الحادي عشر من فبراير 2011.
وكنت أنتَ واحداً من أجبن زعماء مصر في تاريخها الحديث، ربما لأن خيرت الشاطر يشد أذنك اليمنى، ويمسك الأخرى المرشد بديع، والغريب أنك تخلط الجبن بالكذب وتضيف إليهما النكث بالوعد، ولم تُعلـّـمك الجماعة أن في الخصام نبلاً وفروسية وشجاعة.
أتابع خُطبك من يومك الأول كرئيس خدعنا به صندوق الانتخاب، وغرقتْ اللغة فوق لسانك، وتداخلت الخطبة في الخطاب فكان الثلاثاء يوم جمعة، وكان عيد الأضحى قبل الحج بوقت طويل، ولم يفهم الشعب غير عبقريتك في معرفة موسم حصاد القمح وأسعار المانجو، أما الباقي فأصفار في أصفار لا علاقة لها بالحُكم إلا إذا افترضنا أنه حُكم قرية مجهولة على ضفاف ترعة التصق سطح مائها بقاعها!
الدماء أمامنا، والدماء خلفنا، والاخوان يتوعدوننا، والسلفيون يعّدون للجهاد ضد المصريين، والأسلحة التي رفضتَ أنت جمعها وعرفتْ طريقها إلى سيناء تستعد ليحملها أغراب مصريون وإخوان غير مصريين، وكلهم يرفعون شعار حسن البنا، وقلوبهم مع هولاكو!
إذا دخل مصرَ أغرابٌ يحملون الجميل لكم والفضل لمساندتكم إياهم والسلاح لتصويبه في صدور المصريين من مناهضيك فقد خسروا قضيتهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسيرقص أعداؤهم ومحتلوهم حتى في يوم السبت الحرام أو يوم كيبور، فالغفران مسدودة الطرق أمامه لقلوب المصريين الطيبة، لذا أحذرك أن تستعين على قتل أبناء شعبنا ( وهم غير عشيرتك وأهلك) بجيراننا، فأنت في هذه الحالة تنهي إلى غير رجعة كلمة الاخوان المسلمين وستجعلها كالنازية والفاشية والماسونية، لا يسمعها المرء إلا في غرفة مظلمة بسرداب تحت الأرض.
أيامك أو أسابيعك معدودة، وإذا أمرت أو أمرك الشاطر بمذبحة يزعم أن قتلاكم شهداء تنتظر كل واحد منهم سبعون من الحور العين، فلن يرفع إخوانيٌّ صوته أبداً إلا مع زوجته في غرفة النوم.
لا أظنك واحداً من الشعب الذي هربتَ منه، أما الذين قمتَ بتهريبهم من السجون وهم إرهابيون ولم تعترض دولة غربية على هذا العمل الدنيء ، فسيعودون مُجدّداً إلى مكانهم الطبيعي، عندما تحكم الثورة بشبابها مصر من جديد.
أنتَ قاتل بدرجة إمتياز، تقف خلفك وحوش كاسرة حتى لو ظهرت على جباههم مئة زبيبة صلاة، ولو كان حسن البنا معكم الآن للطم وجهه تكذيبا لمشهد لم يتخيله: شعب بكامله، إلا من أعمى اللهُ بصيرته فظن أن دينه يدعوه لكراهية وطنه فخسر الاثنين معاً، يريد أن يختفي الاخوان المسلمون والسلفيون وكل التيارات الدينية خلف حجاب أو تحت الأرض.
لقد جعلتم المسلمين يبحثون عن دين آخر، ويزداد بغض كارهينا لديننا، فأنتم دود الأرض ولو سبَّحت كل دودة بحمد الــله فلن نـُصَدّقكم.
لقد تحرر شعبنا وعرف أن الحديث عن الإسلام لا يعني أن الداعية مسلم أو مؤمن، بل ربما يكون أشدّ الدعاة تحمُساً هم أكثر المسلمين كراهية للإسلام.
ستتحرر مصر بإذن الله منكم، وسنقف اجلالا للعــَـلــَـم المصري، ولن نسمع صوتاً كاذباً يزعم أن النشيد الوطني حرام، ولن يزايد أحد على هموم مصر باعتبارها إخوانية أو سلفية.
لقد نجحتَ في رفع القداسة عن المجرمين وسيعرف الشعب، إنْ عاجلا أو آجلا، أنكم كنت السند الرئيس للطاغية مبارك، والمحاورين خلف الأبواب مع المجلس العسكري، وأنكم سارقو الثورة، ولولا التيارات الدينية ما بقي مبارك اللعين.. ولي الأمر الواجبة طاعته يمتص دم شعبنا لثلاثة عقود.
المشهد الجحيمي يشي بمذابح في طول مصر وعرضها، وحمقىَ الحمقىَ يتحدثون عن شرعيتك كرئيس، وأبو الفتوح يرفع من مقامك بعدما ظن أن عُمر جماعته السابقة كعُمر نوح، عليه السلام.
شرعيتك سقطت إلى الأبد، ومعجزة الله في خلقه هي أن يأتي الفتح المبين من حيث لا يعرف أقدر الناس على الحدس، فالإخوان المسلمون كانوا قادرين على خداع شعبنا لقرنين جديدين، فإذا بسطوتك، وعنجهيتك، ورفضك مواجهة شعبك، وسعادتك بغلبة جماعتك على المصريين، مسلميهم وأقباطهم، تعرّي الجماعة وكل التيارات الدينية ويظهر الإسلام الحقيقي المتسامح بعيداً عن الاخوان والسلف ومعاقي الفضائيات من شيوخ الهوَس، وأباطرة الفتاوى الفجّة.
إسلامنا أكبر منك ومن الجماعة ومن مرشدكم وشاطركم وسلفييكم ، فنحن نؤمن أن الإسلام دين رحمة وسلام ومحبة ومساواة، وأنتم تؤمنون أنه دين سُلطة وخلافة وقتل وبلطجة وقطع أرزاق وأعناق.
نحن نحب الإسلام ونخاف عليه منكم، وأنتم تكرهونه ولو صليتم وصمتم واعتكفتم في المساجد أو في بيوتكم.
قبل حماية مصر منكم ينبغي أن نحمي الإسلام من كل التيارات الدينية في المشهد المصري، وفي المقدمة جماعتك الفاشية المتعطشة للدم والعنف والقتل والذبح.
ما أسعد مبارك اللعين بكَ الآن، فعندما أكد أنه أو الفوضى كان يعنيك أنت وجماعتك.
والله غالب على أمره.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 6 ديسمبر 2012




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات