خطاب شلح::
تصحيح لمداخلة عجولة ام تصويب وطني ..؟
التاريخ : 31/10/2009
تقرير إخباري : حشدت حركة الجهاد الإسلامي مئة ألف أو يزيدون في الساحة العامة التي شهدت المليون قبل سنتين وهم يحيون ذكرى الشهيد الرئيس ياسر عرفات ، في نفس المنطقة الجغرافية ، عززت حركة حماس وجسدت الانقسام بقمعها لمهرجان الذكرى الاول ، وبقتلها سبعة أبرياء جاؤوا تعبيرا لوفاء خزنته عقلوهم ورتبته قلوبهم لرمز فلسطيني لا ينساه من عداه .
ليس نبشا في حدث مؤلم عمق الانقسام وزاد من تعقيده ، ولكن تطابقا لمهرجان حركة الجهاد في ذكرى مؤسسها الشهيد فتحي الشقاقي ، واقامته على نفس البقعة تلك ، وربما كان أكثر الشخصيات حضورا في المهرجان ، الذين سفكت دماءهم على أرض المهرجان قبل عامين ، وربما أرواحهم صفقت للدكتور رمضان شلح أمين عام حركة الجهاد ، عندما نصرهم بقوله مخاطبا حركة حماس: إذا كنتم تظنون أن إدارة غزة في ظل الحصار والانقسام هو إنجاز للمشروع الإسلامي، فهذا أيضاً وهمٌ يجب أن نتحرر منه ، وربما تجاوز الاحياء بجملته هذه ، مداخلته الهمس في أذن خالد مشعل قبل أيام وهو يلقنه عبارة لا تخدم المصالحة الوطنية بل تزيد في تعميق الانقسام وهي قل سلطة دايتون.. في اشارة منه أن سلطة الرئيس عباس وفياض مدارة من قبل الجنرال الامريكي دايتون ، ولم يوفق رأس حركة الجهاد الاسلامي يومها في ظل اجواء معكرة وتراجع مؤلم عن توقيع الورقة المصرية والتي تبشر بقرب انهاء حالة الانقسام والدخول في المصالحة الوطنية ، شلح اجج مشعل ، رغم أن الأخير لم ينتبه لتذكير شلح ولم ينطق بما اراده شلح ، ولكن الموقف اظهر جليا أن شلح ينافق مشعل أمام الاعلام ، ولكنه يتوجع بل ينزف منه على ارض غزة ، بسبب مضايقات عناصر أمن حماس لـعناصر حركة الجهاد ، وتجربة الجهاد المؤلمة مع أجهزة أمن حماس ، التي وصلت الى درجة الاشتباكات المسلحة والتسبب في مقتل عناصر من الجهاد ، تجربة مرت بها حركة الجهاد مع السلطة الوطنية واجهزتها الأمنية سابقا بحالة او حالتين منفردة ، وتم تعريض منفذها الى محاكمة بقرار الرئيس الشهيد ياسر عرفات أنذاك ، وخرجت حركة الجهاد ومعها الكثير من ابناء شعبنا بمن فيهم عناصر من الأجهزة الأمنية في تشييع جنازة المغدورين أيمن الرزاينة وعمار الاعرج ، اللذان قضيا نحبهما قبل لحظات الافطار في شهر رمضان بعملية اقتحام مؤسفة من قبل جهاز أمني ، تجاوز حدوده ، والشاهد في الحادث أن هذه العملية بقية حتى في سجلات الاجهزة الأمنية نقطة سوداء كبيرة ، ومدانة على رقعة واسعة ، حتى من قبل رأس السلطة وسيد شرعيتها الشهيد الرئيس ياسر عرفات ، وعودة الى جنازة الشهيدين التي جابت بغضب شديد شوارع مدينة غزة ، عبر كل من فيها عن رفضه لسلوك العسكرة الامنية ، وربما حتى قبيل انقلاب حركة حماس على السلطة واجهزتها لم تكرر العملية ، ولكن ما حدث من عناصر أمن حماس وقتلهم عنصرين من حركة الجهاد الاسلامي في منطقة الزيتون في غزة وغيرهما في رفح ، لم نشهد لهؤلاء جنازة عارمة وغاضبة كما شهدنا في جنازة الرزاينة والاعرج ، كما لم نسمع استنكارا من رأس حركة حماس ولا حتى من ذيلها فيما جرى ، وتجرعت حركة الجهاد مصيبتها ، ومازالت تتجرع ألمها دون استطاعة منها حتى في التعبير عن ما يعتريها ، والسائل يسأل وليس دفاعا عن السلطة الوطنية التي تعاملت مع حدث الرزاينة والاعرج كسلطة لكل فلسطيني الداخل في غزة والضفة ، وتحملت مسئولية تجاوز نفر في اجهزتها الأمنية ، ولكن حركة حماس تتعامل مع الجميع من منظور انها حركة لا تخطيء والصواب دوما معها ، والرصاصة في بيت نار أقل عنصر فيها هي بقرار مشعل وهنية ، ولا تعترف بالتصويب ولا التصحيح لمسار لا يتلاءم وتضحيات شعبنا .
كان من المفترض أن يتذكر شلح ما مر بعناصر جناحه المسلح في غزة قبل أن يحابي مشعل ويوقد نارا لم تطفأ أصلا منذ سنين ، وبدلا من الهمس في أذنه لزيادة منسوب العداء بين حماس والسلطة ، والايحاء بأن الجهاد قلبا وقالبا مع حركة حماس حتى لو قتلت وسفكت دماء عناصرها وطاردتهم ومنعتهم من ممارسة حقهم الاستراتيجي الذي انطلقوا من اجله وهو مقاومة الاحتلال ، بغض النظر عن فلسفة حماس المستحدثة والتي تعتبرها في هذه المرحلة تكتيكا بعد أن رفضت نفس التكتيك من ابو عمار وابو مازن بنفس الصورة والواقعية ، واقصد وقف اطلاق النار مع العدو ، كان على شلح أن يتذكر الشهيد المؤسس ابو ابراهيم الشقاقي وهو يرسل نداءه المتواصل الى حملة السلاح في الارض المحتلة ، على أن يتوحدوا في الخنادق ولا يتنازعوا على حطام الدنيا ومناصبها ، وأن يكونوا مخلصين لشعبهم وقضيته العادلة ، بمستوى خطاب الشهيد القائد خليل الوزير أنذاك الذي كان يرسل توجيهاته للجميع المقاوم على رص الصفوف ومبايعة الوطن لا الفصيل والحزب ، كان على شلح أن يفهم رسائل هؤلاء القادة الكبار في حركة النضال الوطني ، وربما رسائل شلح وغيره يجب أن تكون اليوم اكثر مسئولية واشد حرصا على وحدة الشعب ونضاله ، وتقريب فئاته وألوانه السياسية واخرجه من بئر الانقسام ..
الذين سمعوا شلح في مهرجان الجمعة أمس وقفوا عند مراجعته لنفسه لما بدر منه من همس غرد خارج سياق المصلحة الوطنية العليا ، وربما أدرك الرجل أنه لم يكن قائدا وطنيا بهمسه ، بل ذلة يجب أن يكّفر عنها بما يسترجع له مكانته كأمين عام لفصيل مقاوم أنشغل بالاحتلال ولم يشغل نفسه بالخلافات الداخلية ، وربما شلح عاد ولو خطوة واحدة نحو الطريق الصحيح ، خطوة واحدة فقط لأنه مازال في خطواته المتراجعة عن ما وصل اليه الشهيد الشقاقي ودور حركة الجهاد الاسلامي ، عبر تاريخ نضالها ، وخطوة قد لا تكون واثقة الثبات ما دام شلح يدرك تماما أن حركة حماس هي من رفضت التوقيع على ورقة المصالحة ويعلم تماما أن حركة فتح وقعت وذهبت الى القاهرة ودللت على أنها مع المصالحة واقعا لا اعلاما ، رغم ذلك يضع الحركتين في ميزان واحد ويحملهما نفس درجة المسئولية ، دون أن يقول الواقع ويثبت الحق للجميع الوطني ، كان عليه أن يمارس السير بجدية اكثر نحو الكشف عن مسبب الانقسام ومعززه وناشر ثقافة الاستعداء للذات الوطني وهو يخاطب مئة ألف من مؤيدي ومنتسبي حركة الجهاد الاسلامي وهم فوق بقعة أرض شربت من دماء شهداء كانوا عزل ، رصدتهم رصاصة حماس واخرست بيعتهم للوطن ورمزه العالي .
التعليقات (0)