مصعب الهلالي:
خطاب أوباما في القاهرة
"حـَـامـِـضْ حِـلـُــو"
إذن قال باراك جسين المنتظر كلمته التي جاء معظمها عبارة عن استعراض ذهني لكمية مقدرة من معلومات عامة عن الحضارة الاسلامية من تلك التي اعتدنا على سماعها في برنامجي (من سيربح المليون) و (وزنك ذهب) ...
ولا أدري لماذا الإطناب ؟ وهل كان أوباما يوجه خطابه لنا ويبيع الماء في حارة السقايين أم أنه كان يوجه خطابه للعالم أجمع مستلهما في ذلك الوفاء لأرواح أجداده المسلمين ومتقمصا أو بالأحرى متبرعا بلعب دور عمرو خالد الداعية تارة .. ودور رجل العلاقات العامة والمروج للحضارة الإسلامية تارة أخرى وسط غير المسلمين في كافة أركان وزوايا الكرة الأرضية الذين نتوقع أنهم تابعوا خطابه هذا واهتموا على الأقل بسماع جزء منه بوصفه رئيس أقوى وأغنى دولة في العالم الحاضر ....
على اية حال وعلى الرغم من أن الإسلام ليس في حاجة إلى مزايدة لكنني لا أريد رد الفضل وفق ما ذهب إليه البعض من منتقدي خطاب أوباما حين رفضوا أن يتقبلوا منه مدحه للإسلام والحضارة الاسلامية ودورها المشهود والمعترف به في تنوير العالم على اعتبار أن الاسلام ليس في حاجة إلى تعاطف الآخرين وأن المسلمين بشهادة المولى عز وجل كانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ....
من وجهة نظري المتواضعة لا أرى في مدح أوباما للاسلام والحضارة الإسلامية ما يقدح في سمو الاسلام فليس شرطا أن يقتصر مدح الإسلام على أتباعه فقط .. كما أن كلمة أوباما بوصفه رئيسا للولايات المتحدة تجد متابعة واهتماما من معظم شعوب العالم وأغلبهم ليس بمسلم .. والأهم من كل هذا فإن في كلماته تلك "تثبيتا" لأفئدة بعض المتهالكين والمضعضعين من أتباع الاسلام الذين لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك .. وإنما مجرد مسلمين بالوراثة.
لكن والحق يقال كان لانتقاد أوباما لقرار فرنسا وقوانينها الجائرة والمقيدة للحريات عبر فرض الأزياء النسائية على من يعيشون في داخل حدود أراضيها .. كان له وقع مريح وصدى واسع يحسب له لاسيما وأن الديك الفرنسي الذي يعتلي ظهره هذه الأيام سيركوزي ... كان ولا يزال يتجول ويتسكع وسط الدول العربية الغنية في الخليج وأفريقيا وهو يزعم أنه قد بات الحليف الأقوى للولايات المتحدة. .وبالتالي يرغب في أن يحل محل بريطانيا العجوز في مناطق نفوذها التقليدية ... ويبدو أن باراك حسين بهجومه الضمني اللاذع هذا على (العلمانية المتخلفة) و (الحرية ذات الوجهين) في فرنسا إنما يرغب بذلك في إيضاح أنه وخلال فترة رئاسته سيركز على تكوين تحالفات (نـظـيفة) ، على العكس من عديد رؤساء سبقوه إلى البيت الأبيض وإلى عهد بوش الصغير ما كانوا يبالون أو يأبهون بمدى ودرجة قذارة حلفائهم طالما كانوا يتهافتون إلى لحس أحذيتهم بالسرعة المطلوبة قبل وأثناء غزوهم لفيتنام ثم أفغانستان والعراق.
ومن ناحية أخرى جرى الرصد في خطاب أوباما أنه نسب الشعر العربي إلى الحضارة الإسلامية .. وهو ما يؤكد جهله بأن الشعر العربي ليس وليدا للحضارة الاسلامية وإنما هو سابق لها . وأنه نتاج ثقافي عربي محض .... بل وأن كون العرب أهل شعر وفصاحة فقد جاء القرآن الكريم في بعض من أوجه معجزاته تحدي يستحيل مجاراته وإنتقاده وإعجاز لغوي لهذا النبوغ والفصاحة العربية المتأصلة. لاسيما عند قوله عز وجل "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" - 2 البقرة.
يتبقى بعد ذلك حقيقة واحدة ينبغي للعرب جميعا الاهتمام بها والتركيز عليها في خطاب أوباما وهي قوله "الصلات القوية بين أمريكا وإسرائيل معروفة لايمكن زعزعتها" ........ أو بمعنى آخر .... "قضي الأمر الذي فيه تستفتيان"..... وقطعت جهيزة قول كل خطيب.
إذن بات جليا أنه لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . وأن على العرب أن يكفوا عن الاستطراد في أحلامهم بشأن قدرة الولايات المتحدة في رد الحقوق العربية المغتصبة لهم هكذا على طبق مجاني من ذهب عيار 24 قيراط.
التعليقات (0)