مواضيع اليوم

خطاب العرش الأردني .... تكريس لمفهوم الإستبداد...

علي المطيري

2008-06-15 01:47:00

0


المعادلة السياسية , مفهوم له دلالاته الواضحة في مجموعة المفاهيم القيمية التي تسود المجتمع برمته, وتعد من الركائز الأساسية لديمومته , وهذه المعادلة ينبغي أن تكون محررة من كل القيود الحاضرة والمحتملة , لئلا يقع القابضين على خيوطها في فخ التجاذبات المتنوعة , وبالتالي تنحرف عن مسارها الصحيح, مخلفتا ورائها كما هائلا من الموروث العقدي في وعي المجتمع , لذا ينبغي أن تكون حالة الشرعية الحكمية, منوطة بتلك المعادلة التي تحقق إنتقال الحاكمية بطريقة سهلة وتناوبية , من هنا, على المجتمع ان يرفض كل حالات الإستبداد السياسي والعنف الحكومي , وبالتالي كل أشكال النعوت والتوصيفات للحاكم المستبد والأبدي .

لقد إعتاد العرب على إطلاق بعض من هذه الأوصاف على كل من تسيد عليهم ,مثل القائد الضرورة ,الأب القائد , الملك المفدى , الأمير المفدى , جلالة الملك ,الوارث للعرش ,صاحب العرش السامي , خادم اللأمة ,خادم الحرمين ,أمير المؤمنين,حادي الركب , صانع الأمجاد ,محرر الأوطان , الى آخر هذه السفسطات المرعبة , التي بدورها تكرس حالة من الارهاب الممنهج والمموه, والتي تسلط الضوء على الفرد الواحد, ملغيتا بذلك كل المجاميع التي لولاها لما تمكن هذا المغوار أو ذاك من أن يحقق شئ يذكر, وهذا نابع في الأصل, من حالة الوعي المجتمعي المتجذرة في عمق الوجود العربي, وكذلك مرده الى القاعدة المنتشرة بين العوام ( السفينة التي ليس لها ربان تغرق ويغرق معها الركاب ) , هذا النوع من الوعي الجمعي, لايمكن له ان ينتهي أو على الأقل يتلاشى, دون تعويضه بوعي آخر, يحمل بين طياته مفاهيما تشاورية ومنفتحة, تسعى الى خلق حالة من الإبداع لدى العقل العربي , مما يسهل عليه عملية الإمساك بخيوط تلك المعادلة السياسية, والإنتقال الى الضفة الأخرى من تسيير الحياة .

نعتقد وبرأينا المتواضع أن ,الإبتعاد الجماعي بل الإقلاع تماما ونهائيا عن هذه الأوصاف آنفة الذكر , ستلغي دور الفرد أولا ,وستضع الحاكم تحت طائلة المسوؤلية الكبرى , ومن ثم الإيحاء له أن الساحة تتسع للجميع , وبالتالي ستنكسر والى الأبد حالة الخوف والرعب, التي هي نتاج تلك الأوصاف ,وكما انها تخلق حالة من الحوار المتبادل بين الحاكم والمحكوم, والأخذ بجدية كل الرؤئ والتصورات التي تطرح , كي يصار الى آلية معينة لكتابة دستور ثابت, يؤمن الأطر العليا للمصالح العامة للفرد المحكوم , ومن ثم تشريع القوانين والأنظمة التي تضمن العيش الكريم والحرية والتناوب على السلطات والمناصب والمراكز , في حين أن الدستور ينبغي ان يكرس الى مفهوم أساسي هو ان , السلطة والمسؤولية هي تكليف إنساني محض, فوض من خلاله المحكوم الحاكم, على إدارة دفة الحكم, بما يضمن العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات, وعلى قدر يضمن كرامة الجميع ,وبالتساوي .

ونعتقد أيضا أن إنعتاق المجتمع المحكوم, من هذه الأوصاف ثقافيا وتعليميا, هو الحل الناجع برأينا لتلك الحالة المستحكمة في وعيه , على أن هذه الثقافة الجديدة والتي تتبنى أسس علمية في التعاطي مع كل مامن شأنه رفعة المجتمع ورقيه ,وتسهم إسهاما فاعلا في جذبه الى ماهو أكثر تحضرا وتمدنا ,هي التي تمكنه من القدرة على الإندماج مع ( أس ) المعادلة السياسية المشار إليها في أعلاه,وهذا أيضا سيكون له الدافع المؤكد, من أن يحقق كما قلنا أهدافه في التناوب على السلطة , ويمنع إستشراء حالة الإستبداد , وينتهي بالحاكم المنتخب من قبل الشعب الى زوال حقبته الحكمية وبطريقة سلمية وحضارية , وبالتالي سيحضى بطرق عديدة وأساليب متنوعة من التعاطي في الشأن الحكومي , وذلك لضخ دماء جديدة في القنوات الحكومية العامة , وهذا من شأنه, أن يتطلع الجدد الى إثراء العمل الحكومي العام, برؤئ وتصورات تخدم الصالح العام, وترفع من مؤشرات التنمية السياسية أولا , ومن ثم تصاعد النمو في كل الميادين .

كذلك نعتقد وحسبما هو معروف وعلى قاعدة العقاب والثواب, فإن الحاكم المنتخب والحكومة المشكلة بموجب الدستور , هي قطعا تحت طائلة المسؤولية كما قلنا ,وعرضة للحساب والمحاسبة من قبل ممثلي الشعب المنتخبين, هم أيضا وعلى أساس مايمتلكونه من قدرات علمية كل حسب إختصاصه معرضون للمسائلة القصوى , على إعتبار أنهم وخلال الإنتخابات كانوا قد قدموا مشاريعهم الإنتخابية, والتي هي تلقائيا تصب في مصلحة المنتخب ,وهذا يفرض عليهم, تنفيذ وعودهم التي إشترطوها على أنفسهم, دون أي ضغط من أحد , إلا اللهم شعورهم بالمسوؤلية إتجاه شعبهم ليس إلا ,وإن أي حاكم وحكومة, ومن أي نوع وشكل كانا, إذا لم يبتعدا عن فرض أوصاف إستبدادية على فترة حكمهما, ويرفضا المراقبة والمحاسبة , وهما مبدءان لايمكن التسامح بهما أو التهاون أو التفريط , وهما بالتالي عنوان بقائهما في سدة الحكم ,ينبغي حيئذ أن تتخذ خطوات جريئة وشجاعة بحقهما , ومعروف لدينا, وإستنادا الى المنهج السلمي الخالي من الدماء ودوي القنابل والرصاص .

الذي قرأ الخطاب الذ ي ألقاه الحاكم المستبد الوارث للسلطة المغتصب لحق غيره الضارب على وتر الإرث القبلي , عبد الله حسين طلال , في منطقة صحراء بلاد الشام ( الأردن ), وينبغي هنا أن تكون قرائته سياسية بإمتياز , فإنه سيجد أعلى حالات الإستبداد والتسلط في المنهجية المتبعة للخطاب , وتكريس لمفهوم العائلة الحاكمة , أو إشاعة مفهوم جديد من الحكم الشمولي, عن طريق الخيوط المنتشرة ضمن العمل الحكومي, ومن التابعين الأذلاء الى رأس الحكم ,وبهذا يتخلص من نقمة الشعب , إذا ماعانى قساوة العيش وفقدان الحرية وتعرضه الى الضغوط السياسية إثر عملية التسلط عليه , والمعروف أن الدستورية الملكية, تنأى بنفسها عن كل مايجري في منطقة حكمها, لكنها تمارس في أكثر الأحيان, وبشكل ليس مرئيا حكما دكتاتوريا شموليا, لايسقط من يدها مهما تغيرت الحكومات, والتي عادة مايكون لها الرأي الأول في إختيار وزرائها .

إذن حالة الإستبداد المستشرية في البلاد العربية خاصة والإسلامية عامة , هي نتاج حالة الوعي الجمعي التي أشرنا إليها سلفا , وقلنا لابد للمجتمع التخلص منها وإستبدالها من جهة , والعمل على توظيف البدائل , بطريقة سلمية وحضارية ,تقوم على نشر المفاهيم الدستورية والتشريعية والقانونية من جهة أخرى, كي يتسنى للجميع معرفة نوع الحكم وماهية الحكومة , وبالتالي الحقوق التي ضمنها الدستور , والواجبات التي عليه القيام بها إتجاه بلده , بغير الثقافة القانونية والمعرفة العامة لسياقات الحكم ,لايمكن للمجتمع ان ينهض بنفسه, وينأئ بها عن الإستبداد والحكم الشمولي الدكتاتوري الممنهج .

من هنا نرى ونعتقد أن المسوؤلية الكبرى تقع على عاتق رجال القانون أولا , والنخب الثقافية العليا , ومنظمات المجتمع المدني غير المرتبطة بأي نوع وشكل , وفي الآخر, الأحزاب المختلفة والقادرة على إيجاد حالة متطورة من التنمية السياسية, التي فعلا تمتلك من خلالها أن تقدم المشاريع ذات الرؤية الإنسانية , بعيدا عن تحقيق مطامع شخصية أو فئوية أو دينية .....إلخ,وكذلك نوجه دعوتنا الى كافة الشعب المسلم, أن يتخلص من كل أنواع الحكم الإستبدادي, مهما كانت قوته وسيطرته على الأمور , والتخلص من العوائل الحاكمة , وعدم تصديقهم أن هذا من هذا أو ذاك من ذاك , الكل يكذب ويدجل ويحتال ومستعد أن يبيع أغلى مايملك من أجل البقاء في سدة الحكم , وبنظرة بسيطة لواقع الأنظمة العربية والإسلامية سنجد أن ( حسين بن طلال في الأردن ) مدة حكمه 47 سنة وتولى الحكم وهو لم يبلغ السن القانوني , حسن بن محمد في المغرب المسلم , مدة حكمه 38 سنة , الحبيب بورقيبة في تونس 30 سنة  , محمد حسني مبارك في مصر 27 سنة , علي عبد الله صالح في اليمن22 سنة ,العقيد معمر القذافي في ليبيا 39 سنة ,سوهارتو في أندونيسيا 33 سنة وأخيرا صدام حسين مجيد في العراق 35 سنة ...؟!!!!! .

من خلال هذه الأرقام المرعبة والتي تدخل ضمن سني وحياة المواطن المسلم المسكين , والتي لايشعر بها وهي تمر كالسحاب, وهو يعيش تحت وطاة الذل والجوع والعنف والإرهاب والتسلط وفقدان الحرية وإهدار الكرامات وأحيانا حتى الشرف لم يسلم عليه ,؟!,ياترى كيف تسنى لهؤلاء الأوباش الإرهابيين من البقاء كل هذه السنين دون ان نشعر بهم , ؟! إنهم أذكياء ومهرة في صناعة الوعي الجمعي لدى العامة , الذي من خلاله زرعوا فينا التأليه لهم مرة , والتقديس مرة , والإجلال مرة , وهذا ليس من طبيعة الأشياء, ولا يقره ناموس الطبيعة بالمطلق , لكنهم تمكنوا من نقشه في منظومتنا التوعوية والثقافية , فأصبحنا نزاول هذه الطقوس دونما شعور بخطيئتها , هذا من جهة , أما من الجهة الثانية , فمارسوا أبشع وأقسى حالات التخوين والتخويف والرعب والعنف المنظم, من اجل أن نتقبل الوضع الذي رسموه لنا , ويبدو أنهم من خلال قرائتهم للتأريخ, وجدوا ان هناك من إستطاع أن يتملك الناس بطرق شتى , وهو يعتبر من الإرث المعيب الذي ورثناه من السلف الهمجي , حيث أن التأريخ يذكر أن ( معاوية بن أبي سفيان ) أول حاكم أموي بعد إنهيار مفهوم الخلافة الإسلامية , قد خاطب أهل العراق بعد ان إستتب له الأمر بقوله (:: إن السلطة هبة من الله ,فهل تروني إني قاتلتكم على الصيام والصلاة والزكاة ؟!! ,كلا ,وإنما قاتلتكم على أن أتأمر عليكم ,وقد أمرني الله عليكم , إنما أنا خازن من خزان الله , أعطي من أعطاه الله , وأمنع من منعه الله ..؟!!!!! :::.)

وفي عصر آخر من عصور القهر و الظلام التي مرت علينا ونحن نأن من الآلام وكثرة الأحزان , وهذه قولة أحدهم ممن تأمروا علينا وكنا لهم كالحمير يركبونا كيفما أرادوا وحيثما شاؤوا, وهو الحاكم الثاني من حكام الدولة العباسية البائدة ( أبو جعفر المنصور ) الذي خاطب المسلمين في موسم الحج (::: أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه , أسوسكم بتوفيقه وتسديده ,وتأييده وتبصيره ,خازنه على فيئه ,أعمل بمشيئته ,وأقسمه بإرادته ,وأعطيه بإذنه , قد جعلني عليه قفلا ,إذا شاء يفتحني لإعطائكم وقسم أرزاقكم فتحني , وإذا شاء أنة يقفلني عليها إقفلني :::) هذا تراثنا الذي يعتد به حكام اليوم ,وعليه هم سائرون , وكأنهم هذا الخلف لذلك السلف, أو أبناءا بررة لأؤلاءك الآباء الفجرة .

اليوم والعالم قد تغير ومعه كل شئ , لابد أن يعرف هؤلاء, أن الشعوب وأن هدأت يوما ما , فهذا لايعني السكون والسكوت , وهم قريبون من التأريخ الحديث , ففي عام 79 قامت أرقى ثورة في العالم الحديث, وعلى أعتى دكتاتور في ذلك الحين, ومدعوما من نصف العالم إن لم نقل كله , وهي الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة , التي أرجعت الكرامة الإسلامية الحقيقية للعالم الإسلامي , وقدمت الكثير من الشهداء الأبرار , وكنا نتابع صولاتهم الشجاعة وهم يرمون بأنفسهم امام الآليات المتنوعة, التي كان يزج بها النظام آن ذاك من اجل قمع الثوار , وهم يرمون عليهم الزهور والورود ويرشون عليهم ماء الورد , حتى تحولوا الى صفوفهم واداروا فوهاتهم نحو قمقم الشاه , وانتهى الأمر بأسياده بالطلب منه المغادرة , ليس حبا به , بل كي لايفتضح امرهم , من خلال الوثائق التي تدينهم في عمليات الذبح والقتل التي كانوا يمارسونها بحق الشعب الإيراني البطل .

نقول لشعوبنا في كل العالم الإسلامي , إن هؤلاء زمر متسلطون, يأتمرون بأوامر اعداء الإسلام والمسلمين , ولا يخفى على كل عاقل ما يجري الآن من تنفيذ لمشاريع بني صهيون المجرمين , فلسطين السليبة , العراق المستحمر , أفغانستان المرعوبة المستباحة , الصومال المنهوب المقهور , والقائمة لاتنتهي وتطول ,لاتغرنكم خطبهم , ولا دموع بعظهم , ولا زياراتهم التي يسمونها تفقدية , ولا تبرعاتهم لمشاريع وهمية من أجل الدعاية فحسب , كلها ضحك علينا وكسب الوقت لكي يعيشوا على أكتافنا وينهبوا ثرواتنا , نحن نعيش الويل والثبور , وهم ينعموا بخيراتنا والقصور ......سحقا لهكذا حكام , وتبا لهكذا شعوب .......

علي المطيري
25 / 5 / 2008




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !