اشارة عابرة في عرض الكلام.. تتحدث عن حكام رحلوا وآخرين في طريقهم الى الرحيل كانت اكثر من كافية لكي تجعل فرائص من هم في الطريق ترتعد وتصطك فرقا من يوم حساب طويل امام الشعب الثائر وما من امريكا لتذب عنهم سوء المصير..
اشارة عابرة..وقد تكون مهملة ..وردت في اول خطاب يوجهه الرئيس الامريكي باراك اوباما الى الشعوب العربية حول التطورات الكبرى التي شهدتها وتشهدها المنطقة ..ولكنها جاءت لتثبت واقع جديد وارض جديدة جهدت دوائر القرار الرسمية العربية على التعامي عنه ودفنه في رمال الزيف والتضليل بالحاح وجلد ومثابرة تستحق الملاحظة والتقييم..
واقع يدل على نهاية مأساوية للمقايضة التي اسرف السلطان في المراهنة عليها من خلال مبادلة الحرث والنسل والمقدرات والقرار الوطني بسنوات قد تطول او تقصر على كرسي الملك العقيم..
مقايضة قد تبدو متطرفة بعض الشئ ومتقاطعة مع شعارات المواجهة والممانعة ولكنها كانت تتقافز بصورة مذلة ومهينة ما بين كلمات وايماءات وتلميحات القادة العرب ومن بين سطور البيانات التي تصدر عن بعض المقربين وخصوصا من يعدوا من ضمن العائلة الحاكمة..بيانات وكلمات كانت تسفح الوعود والعقود والعقود برهن البلاد والعباد والمال والبنون طوع يمين الاخ الغربي الاكبر مقابل الرضا المتمثل بغض النظر وصم الاذان عن عمليات القمع والتنكيل وممارسات قهر الشعوب وكسر ارادتها..او الاكتفاء ببيانات القلق او كل ما يعد من اضعف الايمان..
مقايضة قد يكون تردد الولايات المتحدة هو الدافع على التفكير بها ..او قد يكون ازدواجية المعايير والمواقف تجاه الثورات العربية هو من شجع الحكم العربي على الرهان على جدواها..ولكن الخطاب الاخير جاء ليعلي من حقيقة ان الزمن قد تجاوز المنظومة الرسمية العربية المستبدة الى القدر الذي اصبح من غير المجدي التغاضي عن عدم امكانية اصلاحها..
خطاب لم يكن الا نوع من الاعتراف والاقرار بتأخر الولايات المتحدة عن اللحاق بنبض الشارع العربي الثائر..وليس الا محاولة للاتيان بخطوات واسعة تتيح للادارة الامريكية مواكبة الايقاع السريع للانتفاضات الشعبية في المنطقة..ومعبرا عن رغبة في تخليق اليات فهم جديد لطبيعة العلاقات المستقبلية ما بين الغرب والشعوب العربية تتجاوز التبعية والالحاق وتعتمد على سياسة اساسها الاحترام العميق لحق الشعب في الحرية والتعبير والتداول السلمي للسلطة ودعم الخيارات الديمقراطية والتقاطع مع السياسة التقليدية المبنية على دعم الانظمة القمعية مقابل الاستقرار ومحاربة الارهاب..تلك السياسة التي استمرت لعقود دفع من خلالها الشعبين العربي والامريكي الكثير من الالم والمعاناة والدماء واشاعة الكراهية والبغضاء وضرب المصالح الحيوية لدول المنطقة..
خطاب جاء يدعو بندية وتكافؤ الى سياسة تعترف بالوضع الجديد الذي نحتت ملامحه قوى الثورات الشعبية وتشكل على ايقاع الشوارع المنتفضة المنادية بالعدالة والحرية والمساواة..
واقع مبشر بنهاية لعلاقات اتباع وارتهان السياسات الوطنية للغرب مقابل التواطؤ في مشاريع ومتبنيات الحكم العائلي المغلق والمنغلق والذي اسفر عن سنوات طويلة من الاستلاب وضياع الفرص الكبرى في التنمية والبناء وتحقيق المجتمع الديمقراطي الحر..واقع قد يكون من المبالغة التهليل له في هذه المرحلة التي قد تكون ميدانا حقيقيا لاختبار النوايا والمصداقية التي من الممكن الاعتماد عليها في بناء اسس العلاقة المتوازنة ما بين الديمقراطيات العربية الناشئة والعالم الحر..ولكن الوضع المزري المنتظر للحكم العربي في هكذا معادلة يكفي وحده لكي يتفائل الشعب بمبشراتها..
التعليقات (0)