خطاب الرئيس الشهيد صدام حسين بمناسبة تاسيس الجيش العراقي 6كانون 98
بسم الله الرحمن الرحيم
(ربنا افرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين)
صدق الله العظيم
أيها الشعب العظيم..
أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة.. يا أبناء أمتنا العربية المجيدة..
السلام عليكم..
اليوم هو يوم السادس من كانون الثاني، وقد أعتاد رجال القوات المسلحة في العراق، ومعهم أبناء شعبنا العظيم، أن يحتفلوا ويحتفوا بهذه المناسبة، فلماذا نحتفل بهذه المناسبة الآن؟ وقبل الآن؟ وبعد ذلك!؟ يعلن، عادة، عن يوم البداية للجيوش، والحكومات، وحالات وعناوين أخرى، في الدول والمجتمعات، ومثلما يعرف يوم بدايتها، ليؤرخ في سجله، يعرف بعد ذلك، أيضا، ما يضاف إلى يوم البداية من زمن. وقد لا يجلب اهتمام التأريخ والشعوب والأمم، عندما لا يكون ألا زمنا بين تأريخين: تأريخ البداية، أو ما أصطلح عليه الولادة، وتاريخ النهاية، أو الانتهاء . وأن جاء، بين التأريخين، ذكر لشئ فأنه ليس غير زمن مجرد، والفعل فيه ليس غير فعل تقليدي، لا يرقى لان يكون استثناء في وسطه، وكل على قاعدة حاله.. وهكذا، أيضا، هو خط بداية الأشخاص في الحياة . وعلى هذا، لن يكون خط بدايتهم ذا قيمة، ولا يستوقف أحدهم المؤخرين، أو يجعلهم ينتبهون اليه، عندما يكون عمره طويلاً، أو قصيراً، ومن ذلك نجد أن تأريخ بعض المعمرين ليس ألا عدد سنوات عمره، وما قام به ككائن حي، سواء بالغريزة، أو بفعل سياقي تقليدي متناسب مع فكره وقدراته الأخرى، أو نجد ان كثرا من العلماء، وفق القياس النظري العام للعلم، على أساس اختصاصهم، يبدأون وينتهون، من غير أن يسجلوا قمة تطل على الطريق، أو مثابات ذات قيمة في المسار، وهكذا هو شأن سياسيين، وأحزاب، وتنظيمات، ونشاطات أخرى. لذلك، فأن ما نقصده، عندما نستذكر، بوقفة تأمل، محتفين، ومحتفلين، بيوم السادس من كانون الثاني في كل عام، ليس ذلك اليوم الكانوني المجرد من عام 1921 فحسب.. لهذا اليوم ليس هو الذي يثير فينا كل تداعيات ومعاني ما يوجب الاحتفال، والاحتفاء، ووقفة التأمل، والتقدير، والمحبة، وإنما ما جاء بعد ذلك اليوم على وجه التحديد: انه السفر الخالد لجيشنا الباسل، وسجله المشّرف العظيم .. أيها الاخوة .. كثيرة هي الأمم التي أعزتها جيوشها، وسجّل لها ما يشار إليه باعتزاز كبير منها، وأمم أخرى أضناها الطريق، وعجّزتها المشقة، وأعياها المسار، فكانت عثراتها وسقوطها هو ما يشار إليه، ولكن، في كل الأحوال، ليس ثمة سفر خالد، دون موقف يستأهل الخلود، سواء على مستوى القيادة، أو الشعب، أو القوات المسلحة، في الفكر، والموقف، والمنهج، ومستوى الأداء والتضحية، وجميعا، الشعب والجيش والقيادة، باتجاه واحد. وإذا كان المستوى الجديد الأعلى يولد من أحداثه، ونوع الاستعداد، وقبول درجة لا بد منها من التضحية، فإن الأحداث من غير قيادة، أو أي شعب، من غير مستوى رؤية وموقف القيادة، ليسا بقادرين على أن يحققا بأي جيش، في أي حقبة من الزمن، موقفا بطوليا جميعا، وسفراً خالداً . وهكذا، فكان التفاعل، والتلازم، والولادة بين قواتنا المسلحة الباسلة، والشعب العظيم، ومعهما، وفي مقدمة الفعل الواعي لهما، ووسطهما، قيادة ولدت من رحم الشعب والأمة، هي إرادة حزبكم العظيم، أيها الفرسان والمجاهدون، إرادة حزب البعث العربي الاشتراكي، وعلى أساس منهجه وتطلعه في إحياء، وخلق، وتلاقي طرفي الزمن في معانيهما العالية، للماضي والحاضر، وفي عملية خلق جديد لامة، كان ماضيها في إشراقه، ومعانيه العالية، وثواب المواقف، ومستوى المجد فيها، ارجح من كل ذنب، أو غفلة، أو إغفاءة ضعف، أو مرض، في غير وقتها المناسب، أو نسب إليها، وكان حنينها وتطلعها إلى الدور والموقف يعادل معاني الشرف الذي حملته، وما هو كفؤها في الإيمان، والقدرة، والاحتمال، والصبر، وما يمكن لكل هذا أن يلعبه من دور، كمهماز عظيم لتطلعها وصيرورتها الجديدتين، وهكذا كان، حيث تقاربت الفواصل الإنسانية، حتى تلاشت في سلمها الدرجي، واندمجت من حيث نوعها، وطبيعتها، والهمة، حتى كادت ان تكون حالة واحدة في مسيرة النهوض، والموقف، والاستعداد للتضحية، ألا ما ينسب لكل عنوان بعينه منها، من درجة على نفس القاعدة، وباتجاه ذات الأهداف، بغض النظر عمن بدأ الخطوة الأولى، ومن هو حادي النخوة، والخطوة، والفكرة الأولى، أو فكرة كيف، ومن أين البداية، فكانت البداية واحدة، بمجدها العظيم، وكانت مشقة الطريق الطويل، الذي كلما كانت الخطوات فيه اكثر ثباتا باتجاه استحقاق النفوس الأبية، عظم وازدان بتضحياته السخية ... وهكذا كان المخاض الممتد منذ السادس من كانون الثاني عام 1921 مروراً بالثورة الوطنية ضد الإنكليز عام1941، وثورات الشعب والقوات المسلحة في الرابع عشر من تموز عام 1958، والرابع عشر من رمضان عام 1963، والموقف ضد الكيان الصهيوني، وفي ساحات المنازلة معه، وفي السابع عشر - الثلاثين من تموز عام 1968، تاج الثورات، وسندان كل المطارق التي استهدفت الشعب، والنبع الجامع لكل التمنيات، فكانت منها وفيها الولادة العافية لجيش العراق الباسل، مثلما كانت ولادة جديدة لشعب العراق العظيم.
وانقطع المخاض بمجئ الولادة، وبدأ سفر خالد جليل في القادسية المجيدة، وأم المعارك الخالدة.. وسجل سفر القوات المسلحة، وجيشها الباسل، وسجل الشعب العظيم معانيه الخالدة فيها ... وكان الشعب، والجيش، والقيادة، حالة واحدة، فثبت الثواب على قمته، وقامت القدرة على معانيها الجديدة، وانفتحت بوابة الفرصة العظيمة بمواقف، وتضحيات، شهدائنا الأبرار، الذين ارتفعوا إلى عليين، عند ربهم يرزقون، شهداء الشعب والحزب والجيش والأحياء، الذين كانوا، دائما، مشاريع الشهادة والموقف، وما بدلوا تبديلا، ولاذ بالفرار من غير رجعة، أي فعل سوء يريد أن يطفئ نور الشمس الجديدة، ويعيد الظلام، ولاذت بالفرار، أيضا، فلول الاستعمارين القديم والجديد، ودمعت كل عين كانت تنظر للعراق وقواته المسلحة الباسلة شزرا بمنظار الطمع، والاستصغار، وانهزمت نواميس الشر، وتصلبت دعامات الخير، وتفجرت قدرات الإشعاع والمجد فيه، فملأت شموع المولد الجديد، من هذا التأريخ المجيد، بيوتنا وساحاتنا، ومدارسنا، وانهارنا، ومصانعنا، وحقولنا، وبيوت العبادة في بلادنا، وارتفعت عاليا، ترفرف على ساريتها، راية (الله اكبر)..
أيها الرفاق في العقيدة والسلاح.
أيها الشعب العظيم.
هذا هو معنى الولادة التي تستحقون، وهذا هو ما يجعل الحال مختلفا، نوعا وروحا، تأريخا وحضارة، عن أي ولادة أخرى. وهكذا، بل ليس دون هذا، يكون ليوم البداية معنى ذو دلالة يستحقها الشعب العظيم .. وهذا هو معنى السادس من كانون الثاني لهذا العام، ولكل الأعوام السابقة واللاحقة، إن شاء الله، حيث الولادة الجديدة، وسفرها الخالد، وحيث استحقاقها في الاحتفال المهيب بها.
فكل عام وانتم بخير.
والرحمة والخلود، والمعاني العالية، لشهداء جيش العراق الباسل، جيش العروبة، والجهاد..
والرحمة على شهداء جيوش الامة العربية، وأبنائها المجاهدين في ساحاتها الغراء كلها..
وعاشت امتنا المجيدة، ورسالتها الخالدة.
وعاش العراق..
وعاشت فلسطين حرة عربية..
والله اكبر..
الله اكبر..
وليخسأ الخاسئون
بغداد ٦ / ١ / ١٩٩٨
التعليقات (0)