تعهد العقيد معمر القذافي، الزعيم الليبي، لوفد شعبي عراقي بأن يكون هو صوت العراق في القمة العربية، التي ستنطلق أعمالها في مدينة سرت الليبية، تحت رئاسته، يوم السبت المقبل.
واقترح القذافي على الحاضرين الاهتمام بـ4 ملفات، هي: الاحتلال، والإبادة الجماعية، وسجن أبو غريب، وإعدام أسرى الحرب، وعلى رأسهم الرئيس الأسبق صدام حسين. وطلب القذافي منهم تشكيل ملفات لهذه القضايا الأربع، وأن تكون وراء تلك الملفات غرف عمل، وفريق قانوني وسياسي على مستوى العالم، وقال: «ستجدون الكثير من الناس الذين يؤيدونكم في جميع أنحاء العالم، من شخصيات طبيعية واعتبارية، وستجدون أفرادا وجمعيات ومؤسسات وقوى كثيرة في العالم تؤيدكم في هذا».
وأضاف أنه سيتبنى كل توصيات الوفد بشأن القمة العربية، لاقتناعه التام بها، وشدد على تبنيه الشخصي لتلك المواقف، وقال: «لو كان القرار في يدي لعرفتم كيف سيكون، لكن القرار سيكون قرار القادة العرب كلهم».
وتابع: «سأبذل جهدا لإقناعهم بتبني هذه القضايا التي طرحتموها، والتي تخص الشعب العراقي ومأساته، والتي جاءت في خطاباتكم وكتاباتكم هذه، ونحن محتفظون بها كلها».
نقلا عن جريدة الشرق الأوسط
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو أن مرض السيطرة الذي يتملك القذافي أشتد عليه في الآونة الأخيرة..فالقذافي لم يعد يكتفي بحصر الكلام بأسم الشعب الليبي بنفسه وبنظامه الدكتاتوري القمعي لكنه يسعى اليوم الى مصادرة الصوت العراقي أيضا مستغلا بعض النكرات والفارين من وجه العدالة وبعض ضعاف النفوس ممن نبذهم العراقيون..فالعراقيون ليسوا بحاجة الى طاغية مهووس بالسلطة وبالأعلام لأن يكون صوتهم لافي قمة الدول العربية ولا في غيرها من المحافل..وهنا لابد من تذكير العقيد بأن للعراقيين حكومة منتخبة - رغم كل أشكالاتنا عليها- بطريقة لاعهد له بها وهي وحدها من له حق تمثيل العراق في أي محفل رسمي..
وأنا أقرأ الخبر شعرت بالسوء لحال الأخوة الليبيين الذين سيتم تبديد جزء آخر من ثروات بلادهم في دعم شرذمة البعث تلك من أجل تشكيل لجان القذافي الأربع ومن أجل شراء الذمم لها..
وكما لايجد العقيد حرجا في تبديد أموال شعبه على قضايا تافهة ومنظمات أرهابية منبوذة فأنه لايجد حرجا أيضا في طرح أفكاره اللاعقلانية ونظرياته المضحكة وكلامه الغير مترابط الأجزاء...
"
أقول لكم إنكم رغم الآلام ، تعيشون أياما مجيدة لأنكم تقاومون الطغاة والاستكبار الدولي والاستعمار العالمي ، وبكل شجاعة تواجهون أعتى قوة فوق الأرض ، وتقدمون بسخاء قوافل من الشهداء في كل يوم .
هذا فخر لكم ولنا ، وهو مجد .
كل الناس تموت ولكن أنتم تموتون بشرف ، فالمتخاذلون أو العملاء سيموتون ولكنهم يموتون بخزي وبعار ."
هذا الأسلوب ليس بالغريب علينا فقد صدأت آذاننا لكثر ماتكرر علينا لكن الغريب أنه يصدر عن دكتاتور خضع بشكل مخزي لتلك القوى "الأستعمارية" ففكك برنامجه النووي بذله..ودفع التعويضات تلو التعويضات وهو صاغر منصاع لكل مايأمر به "الأستعمار العالمي"..ثم فتح ساحات الأستثمار الحيوية في بلاده لكبرى شركات تلك القوى وألأسس المتينة لأقتصادها..
ترى اليس هذا تخاذلا أيها العقيد؟؟
أم أنك نسيت في النهاية ستموت أيضا؟؟
مادام في الأمر فخر ومجد ومادامت هناك أيام مجيدة لتعاش ومادامت "قوافل الشهداء" شئ مفرح بالنسبة لك لماذا لا تتفضل على العرب وتزيد فخرهم فخرا بأن تدخل حربا مع الأستعمار؟؟
لماذا لاتواجه أنت أيضا اعتى قوة على الأرض؟؟
ولماذا لاتقدم قوافل شهداء بل وتتقدمهم حتى؟؟
لماذا على العراقيين دوما أن يدفعوا ضريبة هوسكم وأحلامكم السخيفة التي ماعادت تقنع حتى الأطفال؟؟
أن العراقين لاينتظرون حضرة العقيد النصيحة والمشورة من أحد خصوصا من فشل حتى بتربية أبناءه (ومشاكل هانيبعل وفضائح عائشة وعلاقات سيف الأسلام خير دليل على مانقول)..
فعلى أرضنا أن نسيت (أو لم تعرف على الأرجح) أنطلقت أول حرب تحرير شعبية عرفها التاريخ منذ مايزيد عن أربعة الآف عام قادها ملك عراقي سومري أسمه أوتو- حيكال..فلسنا بحاجة أيها الزعيم العربي الى من يعلمنا الأباء والشموخ والكرامة..
ونحن أيضا لسنا بحاجة عصابات الملثمين المتعددة التسميات لكي نشعر بالفخر ونرفع رؤوسنا..نحن نشعر بالفخر لأننا أول شعب يمارس حريته وحقه بالتصويت من ضمن ماتسمونه أنتم بالمنظومة العربية...ونحن نشعر بالفخر لأن أنتخاباتنا يشيد بها العدو قبل الصديق..أيضا نحن نشعر بالفخر لأن لامعتوه يمكنه التحدث بأسمنا وتبديد ثروتنا..
القذافي في حديثه أيضا تباكى على الأيام الخوالي حينما كان العرب يستطيعون أن يرسلوا جيوشهم للقتال مجتمعة (والخروج مهزومة بعد ذلك بطبيعة الحال) حيث يقول "
الآن لو تتطوع للعراق تُعتبر مجرما وإرهابيا وتؤيد في الإرهاب ، وأنك لازم تبتعد عن العراقيين وتتبرأ منهم !!.
أنا أرى لو أن معركة العراق ، وقعت في تلك السنوات الماضية لكان التطوع على أشده ، والتبرع والمشاركة في القتال ، أما الآن فإن حتى الذي يتطوع .. يتطوع سراً ، والذي يتبرع .. يتبرع سراً "
العقيد مستاء من واقع الأمة أذن..وسبب أستيائه هو أنها تتبرع وتتطوع لقتل العراقيين بالسر وليس لأنها تتبرع وتتطوع لقتل العراقيين..فالعراقيون وكما نعرف ليسوا بالرقم المهم في حسابات العقيد أو غيره من الزعماء العرب..المهم هو أن تفشل التجربة العراقية لكي لاتنتقل العدوى الى الشعوب الأخرى..الغريب في كلام العقيد "الثائر المتحدي للأمبريالية" أنه لايخفي خوفه من الأمريكان فهو يخشى التبرع والتطوع لأنه سيتهم بالأرهاب..أذن فهو يدعونا الى الصمود والتحدي ولكنه يخشى مساعدتنا في ذلك لأنه سيوصف بالأرهاب وهو يعرف عواقب ذلك جيدا...هو يعرف أن الأمر معناه أنه لن يسلم على كرسيه وبالتالي لن يستطيع توريثه لأحد أولياء عهده(من ذوي الأخلاق الرفيعة)..
العقيد بالطبع لايضيع فرصة وجود مستمعين له من دون أن يطرح نظرياته الغريبة والعجيبة..فهو يقول أن أمريكا خططت لغزو سوريا وأيران وأماكن أخرى بعد العراق من أجل أن تطوق الأتحاد السوفياتي والذي كان موجودا في ذلك الوقت برأي العقيد وهنا يجب وضع علامة أستفهام كبيرة حول سلامة العقيد العقلية فمن يخلط بين عامي 1990 و2003 أما أنه يتنقل بكثرة عبر الزمن (رغم أن الأمر غير مثبت علميا الا أن أمكانات العقيد الذهنية قد تكون توصلت الى أثبات على هذه المسألة) أو أنه يعاني من بدايات مرض الزهايمر(الخرف)..فما معنى ربط تحرير العراق بتطويق الأتحاد السوفياتي الذي أنهار رسميا منذ عام 1990 وفعليا قبل ذلك بعقد من الزمن؟؟أن كان العقيد يقصد بالأتحاد السوفياتي روسيا الحالية(رغم أن كلامه لايدل على ذلك) فهو واهم أيضا فليست روسيا بالخصم المخيف لأحد خاصة مع أزماتها الداخلية وتقادم مؤسساتها(ومنها الجيش) وبالتالي لاحاجة لأحد لأن يطوقها لامن الجنوب ولا من الشمال..القذافي الذي لازال أسيرا للعقلية العسكرية القديمة والتي تقضي بأن تنشر قواتك في كل مكان لتحافظ على مصالحك..في الواقع من يفكر اليوم بهذه العقلية لايستحق أن يقود كتيبة جنود حتى فكيف بمن يقود دولة؟؟
القذافي أيضا لايود أن ينتهي الحديث دون أن يعطي توجيهاته السديدة لوفد المتسولين..والمضحك من بين كل التوجيهات هو النصح بتهيئة ملف لأنتهاكات حقوق الأنسان والأبادة الجماعية..تخيلوا هذا..أصحاب الأيدي الملوثة البعثيون والقذافي يعدون سجلا عن أنتهاكات حقوق الأنسان والأبادة الجماعية..هل في الكون ما يضحك أكثر؟؟ولاينسى العقيد أن يعرج بحديثه الى سيرة صدام وأعدامه..فبرأيه صدام أسير حرب أعتقل "لشل فاعليته القتالية" ولا ندري أي فاعلية قتالية لصدام وهو مختبئ في جحره..أسير الحرب هو من يعتقل أثناء الحرب وصدام أعتقل هاربا من الحرب وبالتالي فأن قانونه الذي أعدم بموجبه الوف من العراقيين لأنهم أنسحبوا (ولم يهربوا) ينص على أن يعدم هو فور أعتقاله لأنه فر من ميدان المعركة وتخلف عن قتال عدوه..رغم ذلك حظي هذا الدكتاتور الدموي بمحاكمة عادلة وسمح له بالتعليق وطرح رأيه (بل وحتى الخروج عن الموضوع أحيانا) وقد أقر في أكثر من موضع بجرائمه كما حظي بفريق بل قل فرق من محامي الدفاع الذين عينوا بأموال ضحايا صدام التي سرقت طوال سنوات حكمه..رغم كل هذا يطعن القذافي بالأعدام لأن من أعدم صدام كان ملثما..طيب ياسيادة الرئيس هاتنا حكم أعدم نفذه نظامك محترما به كل القوانين الدولية وسبقته محاكمة عادلة وعلنية لتوضح لنا وجهة نظرك (للعلم سنتغاضى عن آلية تنفيذ الحكم أن تمكنت من الأتيان بمحكوم نال محاكمة عادلة)..أيضا أطلب من مرتزقتك أن يذكرونا بالمحاكمات العادلة التي كانوا يقيمونها للمعارضين قبل أن يعدموهم..وعليه أيضا أن يبين للعالم مصير سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين في ليبيا قبل أن يطالب القمة العربية بمناقشة ملف حقوق الأنسان في العراق..
لقد أثبتت القمم العربية المتتالية عدم جدواها وأنعدام فائدتها للعراق ولشعبه فكيف بقمة يترأسها الدكتاتور الليبي؟؟
ماذا نتوقع من نتائج لهذه القمة ومن هذا المهرج؟؟
كان الأجدر بالحكومة العراقية أن تقاطع أجتماع القمة أو أن تقلل التمثيل الدبلوماسي للعراق الى أقل ما يمكن..فحتى التمثيل بوزير الخارجية يعطي للقمة - التي لن تقدم أو تؤخر- أكبر من حجمها..
أيضا على الحكومة أن تتهيأ لأي تصعيد كلامي ليبي أثناء الأجتماع لابطريقة الأنسحاب بل بتهيئة رد مسبق يلقم هذا المهرج حجرا ويتبع بالأنسحاب من القمة.فالقذافي قد تجاوز على العراق كثيرا وتغاضي المسؤولين العراقيين عنه (اثناء المؤتمرات السابقة) جعله يتمادى أكثر.
لنتهم سادتي بالأبتعاد عن العرب لكن لنحفظ كرامتنا ولنحفظ شأننا الداخلي من تدخلات هذا المختل.فشرعية نظامنا ليست بحاجة لشهادة من لفيف من الطغاة ومنتهكي حقوق الأنسان والفارين من القانون الدولي..بل لماذا لانرد على القذافي بالمثل ونهيئ نحن ملفا لأنتهاكات حقوق الأنسان والتضييق على الحريات في ليبيا ونقدمه للقمة لمناقشته وأعتقد أننا سنجد مادة دسمة لأعداد هكذا تقارير كما أستطيع الجزم أن ماركيز مستعد لأن يحرق روايته "خريف البطريرك" (التي تتحدث عن حكام أمريكا اللاتينية الدكتاتوريين) تواضعا أمام رواية "يستلهمها" أديب عربي ما عن سيرة القذافي الذي لا أملك الا الدعاء لشعبه بالصبر وقرب الخلاص من عصر هذا المهرج الخرف الذي عليه أن يوجه أهتماماته الى تربية أبناءه الذين سببوا له (وبالتالي لليبيا) الكثير من الأزمات ليس آخرها الأزمة مع سويسرا..
التعليقات (0)