ماهر حسين.
خريطة فلسطين ..تلك الخريطة التي يحفظها الآباء والأجداد ويتعلمها الأبناء ...خريطة فلسطين التي تُمثل الأرض التي عاش عليها شعب فلسطين منذ عقود .. فلسطين بقراها ومدنها وحواضرها وباديتهـــا ..فلسطين الجميلة والرائعة التي نُحبها ونعشقُهــــا ونراها دوما" بتلك الخريطة الماثلة بذهني الآن وأنا اكتب هذا المقــــــال .
خريطة فلسطين واحدة ومحدده ومعروفه ....نراها ونتخيلها ونتعلمها ولا خلاف عليها بالنسبة لنـــــا فهي الخريطة التي يفهمها الفلسطيني بغض النظر عن أصوله ...فلا 67 ولا 48 ولا مخيمات ...الأصل في الخريطة والاستثناء هو تقسيمات الــ67 والـــ48 والمخيمات .
فلو لم يكن هناك احتلال لما كان هناك أراضي محتله ولما كان هناك( عرب إسرائيل) أو (مخيمات فلسطينية )ولما كنت من أهل الــــ67 ولما كان غيري من أهل الــ48 .....ومن هنا فإن الخريطة التي تتجاوز كل ما سبق هي خريطة فلسطين التي نعرفها.
من هنــــا فنحن فلسطينيا" لسنا بوارد الاختلاف على (خريطة فلسطين ) ولكن علينــــا أن نعتاد (خريطة الدولة الفلسطينية) .
ولأكون أكثر وضوحا" فأن فلسطين التاريخية لا خلاف عليهــــا ...فلسطين الٌمقدسة للديانات الثلاث لا اختلاف على مكانها أو على حدودهــــا ..فلسطين (الجرح الدامي) وفلسطين (النهر للبحر) وفلسطين (الكرامة العربية) لا يوجد خلاف على خارطتهــــا، ومع كل ذلك فهناك فلسطين التاريخ- فلسطين الحق – فلسطين الأصل وهي فلسطين الخارطة التي نعرفهـــا وبالمقابل هنـــاك فلسطين الدولة – فلسطين المفاوضات والقرارات الدولية – فلسطين المبادرة العربية ....علينا أن نقبل الأمر وعلينا أن نعي حقيقة واضحة لا كذب ولا تضليل بهـــا .... بأننا لا نتحدث عن تحرير اللد والرملة وحيفا ويافا ...وعلينا أن نعترف بان المشروع الوطني الفلسطيني الجامع للكل الآن هو مشروع الدولة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967 ...وبالتالي فعلينا قبول اختلاف (خريطة الدولة) عن (خريطة فلسطين ).
في قطر ...أمام العالم ...وبمشاهدة الجميع ...تم عرض خارطة (فلسطين الدولة) ...في قطر وبحضور الرئيس الفلسطيني أبو مازن تم عرض خريطة (فلسطين الدولة) فلسطين التي تحتلها إسرائيل ..فلسطين التي تقدمنا للأمم المتحدة من اجل منحها العضوية الكاملة ..لم تٌعرض (خريطة فلسطين) وإنما عرضت (خريطة الدولة الفلسطينية) ...فما العيب !!!!!ولماذا لا نقبل الواقع !!!!!وهنا سأفرض جدلا" بأن منتخب فلسطين تأهل لكأس العالم في قطر أو أن منتخب إسرائيل تأهل لكأس العالم في قطر !!!!!
فهل بحال تأهلنا ستعرض قطر أمام العالم (خارطة فلسطين) أم (خارطة الدولة) !!!!!
وهل بحال تأهل إسرائيل هل سترفع قطر علم إسرائيل أم لا وهل تستطيع قطر أن تمنع إسرائيل من المشــــاركة باعتبار احتلالها للأراضي الفلسطينية !!!!
علينا أن نعي بان هناك أصول للصراع وأصول للاختلاف وأن العالم المتداخل والمصالح المشتركة ووسائل الاتصال الحديثة فرضت نفسهـــا على كل حدث حتى ولو كان بالدوحة وحتى ولو كان عربيا"..... وبالنسبة لي وبوضوح لا أرى عيبا" بعرض خريطة (فلسطين الدولة ) وإن كنت أرى بأنه وفي ظل التعنت الإسرائيلي وفي ظل تعطٌل عملية السلام نتيجة لتعنت حكومة إسرائيل ورفضها لمبادرة السلام العربية كان من الأجدى عرض خارطة فلسطين ....ولكنني لا أجد ما يعيب (فلسطين الدولة ) ففلسطين الدولة تحظى بإجماع فلسطيني وآخر من انضم لمؤيدين فلسطين الدولة هي حمـــــاس !!!!
نعم حمــــاس ...حماس وعلى لسان السيد خالد مشعل حددت مطالب شعبنا بدولة على الضفة وغزة والقدس ...إنها الخريطة التي عرضتها قطر ....صحيح بان الزهار وأمثاله من قيادات الانقسام الحمساوية سارعت للنفي ولكن الحقيقة ظاهره ومواقف حركة الإخوان واضحة وظاهره للجميع الآن وهي داعمة لتوجهــــات حماس ...فلا (جهاد) ولا (تحرير) ولا (أرض وقف) أو (فلسطين من النهر للبحر ) ولا( جهاد الفرض) ولا( فرض عين) وسيرى العالم بان إخوان مصر ببرلمان مصر لن يمسوا بالاتفاق ولن يُشرعوا أبواب الجهــــاد .... ومثلهم كمثل باقي حركات الإخوان بتونس والمغرب والأردن وغيرها من دول ...وقد يستغرب البعض من هذا في ضوء الخطاب السابق للإخوان المسلمين ولكن تجربة حماس ماثله أمام الجميع.... فحماس ضبطت الأمن في غزة وحافظت على الهدنة مع الاحتلال وتجاوزت كل المصاعب للحفاظ على الهدنة بما فاق قدرة السلطة الوطنية على الحفاظ على الأمن والهدنة ....وحماس لا تجد مشكلة بعرض قطر لـــ(خريطة الدولة ) ولم تنتقد ولم تعترض والشيخ القرضاوي لا يجد خيانة بعرض (خريطة الدولة الفلسطينية ) ولا يجد الأمر كفرا" أو بهتانا" ...وبل أن أبناء حماس بكل مكان ومعهم الاخوانجية لم يعترضوا على التنازل (عن أرض الوقف) ولم يطالبوا قيادتهم بأخذ موقف من (خريطة الدولة ) !!!!!!وأخيرا" أقول للقارئ الكريم ...فلسطين هي فلسطين ولكن الدولة تختلف فهي أصغر مساحة باعتبارها جزء من فلسطين التاريخية .... ولكنها الدولة التي يمكن لنا أن نحصل عليهــــا لنعيش وعلينا أن نعتاد الأمر .....وسأنقل هنا نصا" جزء من خطاب الرئيس أبو مازن في الأمم المتحدة لعله يكون بمثابة الحل للتناقض الحاصل بين العقل الفلسطيني والضمير.... بين فلسطين والدولة حيث يقول السيد الرئيس أبو مازن :
(في عام 1984 خاطب الرئيس عرفات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اجتمعت في جنيف للاستماع إليه حيث طرح برنامج السلام الفلسطيني الذي أقره المجلس الوطني المنعقد في تلك السنة بالجزائر .
وعندما اعتمدنا ذلك البرنامج فقد كنا نقدم على خطوه مؤلمة وبالغة الصعوبة بالنسبة لنا جميعا" وخاصة أولئك وأنا منهم الذين اجبروا على ترك منازلهم في مدنهم وقراهم نحمل بعضا" من متاعنــــا وأحزاننا وذكرياتنا ومفاتيح بيوتنا إلى مخيمات المنافي والشتات خلال النكبة في عام 1948 في واحدة من أبشع علميات الاقتلاع والتدمير والاستئصال لمجتمع ناهض متماسك كان يسهم بدور ريادي وبقسط بارز في نهضة الشرق العربي الثقافية والتعليمية والاقتصادية .
ولكن لأننا نؤمن بالسلام ولأننا نحرص على التواؤم مع الشرعية الدولية ولأننا امتلكنا الشجاعة لاتخاذ القرار الصعب ومن اجل شعبنا وفي ظل غياب العدل المطلق فقد اعتمدنا طريق العدل النسبي ،العدل الممكن والقادر على تصحيح جانب من الظلم التاريخي الفادح الذي أرتكب بحق شعبنا
فصادقنــــا على إقامة دولة فلسطين فوق 22 % فقط من أراضي فلسطين التاريخية أي فوق كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 وقد كنا بذلك نقدم تنازلا" هائلا" من اجل تحقيق التسوية التاريخية التي تسمح بصنع اللام على أرض السلام .
نعم سيادة الرئيس ...نعم أيها القارئ العزيز ...هي خريطة (التواؤم مع الشرعية الدولية ) هي (الخريطة المؤلمة والبالغة الصعوبة ) هي (خريطة العدل النسبي ) و(العدل الممكن ) هي (خريطة الـــ22% ) من فلسطين ..نعم هي خريطة فلسطين المحتلة عام الـــ1967 ...هي الخريطة التي صمت عنها القرضاوي وصمتت عنها حمــــاس .
التعليقات (0)