مواضيع اليوم

خروف يؤكد للمجنون أنه ضحية!

حسن توفيق

2009-04-16 19:00:16

0

خروف يؤكد للمجنون أنه ضحية.. ومجلس الأمن قد ينظر في القضية

 من مقامات مجنون العرب



   قبل أن يدق عيد الأضحى على الأبواب.. ليقوم بتحريض الأولاد والشباب.. على
ارتداء أفخر الثياب.. خرج المجنون في المساء كي يتجول.. وبين بيوت فريج
السد في الدوحة أخذ يتمهل.. حيث اندهش وهو يلاحظ حركات غريبة.. تدعو للشك
والريبة.. فقد رأى رجالا كثيرين.. يتحركون متباهين.. بما يحملونه من سكاكين..

وقد ارتدوا أحذية مستطيلة.. وكأنهم يتأهبون لحرب طويلة.. تتدفق خلالها
شلالات الدماء.. بعد أن يتغلب الأقوياء على الضعفاء.
اقترب المجنون من مجلس صديقه محمد بن خليفة العطية.. وهو شاعر يكتب قصائد
كالأزهار البهية.. لكن طبيعته السخية.. تدفعه دوما لتقديم ضحية تلو ضحية..
ورأى المجنون بعينيه عدة خرفان.. تحاول التسلل من أحد الجدران.. بينما خلع
خروف مرتعد وملهوف.. ما يكتسي به من الصوف.. حتى يكون الهروب بشكل أسرع..
إذا أحس بأنه قد يُخدع.. وبينما كان المجنون يتابع الموقف بعينيه.. تسللت
فجأة إلى أذنيه.. أغنية جميلة من أغاني محمد عبدالوهاب.. فيها حنين
واشتياق للأحباب.. بعد أن تركوه يشرب من كأس السراب.. لكن المجنون لاحظ أن
الكلمات.. قد تغيرت عما كانت عليه في الزمن الذي فات.. وهكذا ترقرقت كلمات
«عندما يأتي المساء» .. وترددت ألحانها في الفضاء:

«عندما يأتي المساءْ»
وفريج السد يسهرْ
تهربُ الخرفانُ خوفاً
من أيادٍ تتنمرْ
تخلع الصوفَ وتجري
بقرون تتكسرْ
مَأْمآتٌُ تتلاشي
وضحايا تتكوَّرْ
ليَّةٌُ تسكبُ دمعاً
بين سكينٍ وخنجرْ
بعد أن عاشتْ زماناً
في المراعي تتبخترْ
تمضغ العشبَ وتبقى
في اجترارٍ يتكررْ
وتظنُّ العيشَ لهواً
ومياهَ البئر كوثر
فجأةً يقبلُ يومٌُ
فيه تنقاد لِتُنْحر
ولهذا يتبارى
كلُّ جزارٍ تشمَّرْ
آهِ من سهمِ مواشي
عندما يعلو ويزأرْ

قرر المجنون أن يعود من حيث جاء.. بعد ان تمهل ليستمع إلى «عندما يأتي
المساء» .. لكنه فوجىء باقتراب خروف.. يمأمىء بصوت متهدج وملهوف:
=  لماذا تعتبروننا دائماً ضحايا.. وتحاصرون أجسادنا في كل الزوايا.. حيث
نتعرض للنحر وللقتل.. قل لي.. أيرضيك هذا الفعل؟
- يا سيدي الخروف.. هذا أمر مألوف.. يتعرض له جميع الضعفاء.. من جانب
المتجبرين الأقوياء.. ولا فرق في هذه الحالة بين بني الإنسان.. وحشود الأرانب
والدجاج والخرفان.
=  لماذا إذن تقولون بأصوات مزهوة.. إن الحق فوق القوة؟
- هذا مجرد كلام.. أيها الخروف الهمام!
=  ألا يحق لخروف مثلي أن يعترض؟
- لا يحق لك حتى أن تمتعض.
= ولماذا لا تقنعون بأكل النباتات.. حتي تنعم بالحياة كل الحيوانات..
ويعيش الكل في سلام.. وهم يتغنون بالأخوة والوئام؟
- ألا تعلم أيها الخروف أن القمح لم يعد يكفي البشرية.. وأنه يكاد يصبح
كالعملة النادرة الأثرية؟
=  وماذنبي أنا وسائر الإخوان.. من حشود الخرفان؟
- لستم وحدكم الذين تحل بكم الفواجع.. فهناك من يأكلون الضفادع.. وهناك من
يحبون «الباجة» و«الكوارع» .. وهناك من يأكلون القرود والكلاب.. والأمر لا
يدعو لأي استغراب.
= أليست هناك منظمات للدفاع عن حقوق الحيوان؟
- هناك منظمات لحقوق الإنسان.. وهو كما تعلم من جنس الحيوان.
= أنت تغالط أيها المجنون.. وقبل أن أتعرض لسكين مسنون.. أريد التحدث مع
مجلس الأمن بالتليفون.. لكي أحتج على هذا الأمر.. عسانا ننجو من الذبح
والنحر.
- صدقني أني متعاطف معك.. لكني لا أريد أن أخدعك.. إن كثيرين من الناس..
من مختلف العقائد والأجناس.. يحبون لحم الضأن.. ومن بينهم أعضاء مجلس
الأمن.. ولهذا فإن شكواك لن تفيد.. فضلا عن أن التليفونات على امتداد الفضاء المديد ..
تبدو مكسوة بالصدأ والصديد !

انصرف المجنون وهو مشغول البال.. بعد أن تأثر بشكوى الخروف من الأهوال..
وأحس بوخز في الضمير.. لأن الخروف الذي اشتكى له قد يتعرض لسوء المصير..
وهكذا قرر المجنون إرسال رسالة.. دون استفاضة أو إطالة.. وعلى الفور انطلقت
الرسالة لصديقه الشاعر.. لأنه - بِكرمه - يشارك في ارتكاب المجازر:


يا محمدْ  - بن خليفةْ -  العطيةّ
كيف تسعدْ - دون خيفةْ - بالضحية
ها هي الخرفان  تشكوك  إليَّهْ
جاء  جزارونَ   كُثرٌُ في العشية
أبعدوها عن  مراعٍ  سندسية
نحروها  بسكاكين   قويَّة
وشووها فوق نارٍ في العشية
فاستحالتْ  لفتاتيت  طريَّة
مع مكبوسٍ وأطباق  شهية
وغدتْ في مجلس الأمن قضية




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !