محمد جمعة اثناء متابعتي للتلفاز خلال اوقات فراغي القليلة ,عرضت احدى القنوات الفضائية تقرير استهواني كثيرا ,وشدني اليه رغم النعاس,حيث تناول التقريرطريقة تحضير الديك الرومي, وما يحتاجه لطبخ وجبة لذيذة تستحق العناء, لتجتمع حولها العائلة,في ليلة رأس السنة الميلادية, وما لفت انتباهي في ذلك التقرير, ان سعر الديك الرومي في الولايات المتحدة الامريكية يصل قرابة المائة دولار او اكثر بقليل على ما اتذكر, بيد انه يباع بنصف السعر خلال ايام اعياد رأس السنة الميلادية ! والسبب في ذلك ؟ ان اغلب العوائل يزداد اقبالها على شراء الديك الرومي ,للاحتفاء بذلك اليوم ,وهنالك عوائل كثيرة لا تقوى على شراءه بهذا السعر,مما يدفع اصحاب المحال الغذائية لبيعه بنصف السعر, لاضفاء الفرحة والبهجة والسرور على تلك العوائل الفقيرة, لقد اثارني هذا الموقف, وهزني من الاعماق, وراح يلقي بي في رحاب الذهول والاستغراب والحسرة,ما استوجب علي هذا الموقف الانساني النبيل عقد مقارنة سريعة مع المناسبات التي نحتفي بها, المحزنة منها والمفرحة, وبما ان كفة ميزان المناسبات المحزنة ترجح كثيرا على المفرحة,وحتى لا اكون من المتشائمين والنكوديين لنذكر شيأ مفرحا عله يضفي ابتسامة صغيرة على شفاهنا , ويجعل قلوبنا النابضة ببطء, تسرع في دقاتها توقا للمسرات, وتلهفا للاخبار السعيدة, فانباء زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين, تدخل السرور على هذه الشريحة,ولكن للاسف ,لا يدوم السرور الا قليلا, فبمجرد سماع هكذا اخبار تشتعل حرائق زيادة الاسعار مما يفسد فرحة تلك الزيادة ان كانت حقيقية وليس مجرد كلام, ولايقف الامر عند هذا الحد بل نرى اسعار المواد الغذائية تتضاعف خصوصا عند حلول شهر رمضان, شهر المغفرة والرحمة والالفة, وفيه تاخذ كروش التجار الجشعين بالتمدد على حساب البسطاء والفقراء, اما في مناسبة عيد الاضحى المبارك,الذي تنحر فيه الاضاحي قربانا وثوابا للموتى,فيعمل البعض من اصحاب النفوس الضعيفة الى رفع اسعار الاغنام,الى درجة الضعف,وعندها يضطر الكثير من الفقراء بالاكتفاء بقراءة سورة الفاتحة على ارواح موتاهم, والبعض الاخريلجأ الى اقتراض المال لغرض الشراء,وما اضحكني في هذا الموقف: ان احد ابناء الجيران ذهب ليشتري خروفا لنحره في الذكرى السنوية الاولى لرحيل والده,فوجد الاسعار قد ارتفعت جدا بسبب الطلب الكبير على الاغنام , فما كان منه الا ان يعود الى البيت للاستدانة من احد اقاربه,لان المبلغ الذي لديه لا يكفي, وعندها التقيته, لالقي عليه التحية وعبارات المعايدة , واذا به يتأفأف ! سألته :لمَ هذه الافأفة في صباح اليوم الاول من العيد؟ فقال : كيف لا اتأفأف واسعار الخرفان قد احرقت قلبي؟متى ارتاح من ابي؟ فها هو يتعبني حتى وهو في القبر, ساضطر لاقتراض المال لشراء الخروف الذي ستنهشه افواه الاقارب بعد ذلك, ضحكت بصوت عال وقلت له : عندما تشتري الخروف وتذبحه لا تنسى ان تدعوني على وجبة الغداء كي اشارك مع اقاربك في عملية نهش الخروف الذي اتمناه ان يكون سمينا !
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=2707
التعليقات (0)