خرافة نـــَـســـْـخ الثورة!
الثورة فكرة قبل أن تكون دعوة، والتمرد غضب داخلي يخرج بعدما دخل وتخمــَــر!
ثورة 25 يناير 2011 لا يمكن أن تُستنسخ مرة أخرى، فالعصيان، والغضب الشعبي، والمظاهرات، واللقاءات الموسعة والتمرد يمكن أن تنسخ منها عدداً لا نهائيا، أما الثورة فهي كائن حيّ، فيه روح وأحلام وآمال ومشهد مستقبلي لا يشاهده بوضوح إلا المعلــَّـقون بالوطن، سواء كانوا فيه أو .. مهاجرين.
...
تضعف أحلام الشعوب عندما تتمزق إلى كيانات متفرقة ولو كانت ملتحمة، ومقطــَّــعة ولو كانت ملتصقة، فإذا تسلل اليأس إليها، تحولت الأحلام إلى كوابيس.
السماء تنزل إلى الأرض مرة في كل جيل فتستأذنه لتجديد حياته، والأرض تصعد في كل جيل لأنها لا تحتمل التغيير، وتضيق بالنهضة، وترفض الحرية، وتُقبــِّـح الجــَـمال!
خلال ثورة 25 يناير نضج المصريون ثلاثين عاما في ثمانية عشرة يوماً، وهرم الطاغية، ولكن قوىَ الفساد والطغيان والنهب والنفاق والمزايدة الدينية ترددت بين أمرين: أنْ تطيح بالطاغية نهائياً أو تقبض على الشعب إلى حين!
الثوار الشباب انتظروا مصر الحديثة فجاء الاخوان بمصر الخلافة. مبارك يحتاج إلى وقت حتى يستتب أمر السرقات والمنهوبات وضمان الحرية وشراء الضمائر. المشير طنطاوي منحه بسخاء الفرصة لعدة أشهر في شرم الشيخ حتى يُحاكـــَــم أمام القضاء. عام ونصف العام ثم يأتي حُكم مرسي وخيال المرشد، لتنبت ذقون المريدين، وكلهم يُقسمون أن الله معهم، ففي صفحات الكتب المقدسة يتبادلون أماكنهم، ولو أرادوا أن يجعلوا من كارل ماركس أو حسن البنا أو كل الجنرالات رُسلا بدون رسالة، وأنبياء بغير وحيّ، فالرعية تقف على أهبة الاستعداد للركوع، والسجود، وتقبيل الأيدي.
ثورة 25 يناير 2011 كانت حالة خاصة في التاريخ المصري، ومن أراد تكرارها بعد خمس سنوات من اندلاعها فهو يحتاج إلى دراسة تاريخ الثورات من النقطة صفر.
الحمقىَ الذين يحتلون شاشات الفضائيات يلطخون صورتها الجميلة والمبهجة والنورانية، ولا يعرفون أن مبارك وكلابه كانوا يدهسون وجوه الإعلاميين لثلاثين عاماً أو يزيد، والشعب يكره طلعتهم، والفلولي كالاخواني كالسلفي كالحزبي.
الدعوة لــ25 يناير 2016 انتحار بدون ثمن، والداعون ليس لديهم سند إلا في الدوحة واسطنبول ولندن ، ومكملوهم(!) في (الشرق ) و( الجزيرة ) يخوضون حرب التزييف، كأن 25 يناير الحقيقي سيعيد الزمن وأصحابه وشبابه وشهداءه وأهدافه.
الثورة الوحيدة التي يمكن أن تنجح في مصر الآن ينبغي أن تكون بقيادة مصطفى بكري والمستشار الزند وأحمد موسى ومرتضى منصور وتامر أمين ومحمد حسان وعمرو أديب ورانيا محمود ياسين والقرموطي وأماني الخياط ... فهم القوة الجديدة في مصر التي أجمع عليها شعبنا، قبولا أو رفضا، لأنهم امتداد لكل السلطات في مصر، الحرة والمعتقلة!
إنني أدعو الثوار المزيفين أن يذهبوا إلى السينما يوم 25 يناير 2016 مهما كانت توجهاتهم، فأصحاب الثورة الحقيقية هم الذين يملكون مفاتيحها، لكنها اختلطت بمفاتيح الزنازين!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 14 يناير 2016
التعليقات (0)