مواضيع اليوم

خرافة قتل اليهود للأنبياء..النبي يحيى نموذجا

اسرائيل .

2009-07-16 17:26:53

0

خرافة قتل اليهود للأنبياء..النبي يحيى نموذجا

ان القصص التي أقرأها عن قتل اليهود للأنبياء في المراجع الاسلامية قد فاقت في الكثير من الاحيان قصص ليالي شهرزاد في رونقها وشطحاتها وخيالاتها.. حتى ان المرء يحتار احيانا فيما اذا كان يطالع قصة شيقة وجميلة ام يشاهد فيلما مشوقا من افلام الخيال العلمي حافلا بالاثارة والمفاجآت.. وأخوض في الموضوع مدار البحث مباشرة حيث سأنقل بعض الفقرات من كتاب البداية والنهاية لإبن كثير تتناول قصة مقتل النبي يحيى وأتبعها بسيرة الشاب اليهودي يوحانان (النبي يحيى) في التاريخ اليهودي..

بيان سبب قتل يحيى حسبما ورد في البداية والنهاية لابن كثير، الجزء الثاني، باب ذكر جماعة من أنبياء بني اسرائيل :
"وذكروا في قتله أسباباً من أشهرها‏:‏ أن بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق، كان يريد أن يتزوج ببعض محارمه، أو من لا يحل له تزويجها، فنهاه يحيى عليه السلام عن ذلك، فبقي في نفسها منه، فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها، استوهبت منه دم يحيى فوهبه لها، فبعثت إليه من قتله، وجاء برأسه ودمه في طشت إلى عندها، فيقال‏:‏ إنها هلكت من فورها وساعتها‏.‏ وقيل‏:‏ بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها، فلما يئست منه تحيلت في أن استوهبته من الملك، فتمنع عليها الملك، ثم أجابها إلى ذلك، فبعث من قتله وأحضر إليها رأسه ودمه في طشت‏ ................... عن ابن عباس أن رسول الله ليلة أسري به رأى زكريا في السماء، فسلم عليه وقال له‏:‏ يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان، ولم قتلك بنو إسرائيل‏؟‏ ................. فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي، وأنا إلى جانبه أصلي، قال‏:‏ فذبح في طشت وحمل رأسه ودمه إليها ......... فلما حمل رأسه إليها، فوضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك، وأهل بيته وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل‏:‏ قد غضب إله زكريا لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا‏ ................ قال‏:‏ فخرجوا في طلبي ليقتلوني، وجاءني النذير فهربت منهم، وإبليس أمامهم يدلهم علي، فلما تخوفت أن لا أعجزهم، عرضت لي شجرة فنادتني وقالت‏:‏ إليّ إليّ، وانصدعت لي ودخلت فيها‏ ........... قال‏:‏ وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجاً من الشجرة، وجاءت بنو إسرائيل فقال إبليس‏:‏ أما رأيتموه دخل هذه الشجرة، هذا طرف ردائه دخلها بسحره، فقالوا‏:‏ نحرق هذه الشجرة، فقال إبليس‏:‏ شقوه بالمنشار شقاً‏.‏ قال‏:‏ فشققت مع الشجرة بالمنشار ........ ثم اختلف في مقتل يحيى بن زكريا، هل كان في المسجد الأقصى أم بغيره على قولين‏؟‏ فقال الثوري، عن الأعمش، عن شمر بن عطية قال‏:‏ قتل على الصخرة التي ببيت المقدس سبعون نبيا، منهم يحيى بن زكريا .......... قال‏:‏ قدم بخت نصر دمشق، فإذا هو بدم يحيى بن زكريا يغلي، فسأل عنه فأخبروه، فقتل على دمه سبعين ألفا فسكن‏.‏ وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب، وهو يقتضي أنه قتل بدمشق، وإن قصة بخت نصر كانت بعد المسيح ......... قال‏:‏ رأيت رأس يحيى بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة الذي يلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير، وفي رواية كأنما قتل الساعة .......... قال‏:‏ وكان قد حلف بطلاقها ثلاثا، ثم أنه أراد مراجعتها، فاستفتى يحيى بن زكريا فقال‏:‏ لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، فحقدت عليه وسألت من الملك رأس يحيى بن زكريا، وذلك بإشارة أمها، فأبى عليها ثم أجابها إلى ذلك، وبعث إليه وهو قائم يصلي بمسجد جيرون من أتاه برأسه في صينية، فجعل الرأس يقول له‏:‏ لا تحل له، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره‏.‏ فأخذت المرأة الطبق فحملته على رأسها، وأتت به أمها وهو يقول كذلك، فلما تمثلت بين يدي أمها خسف بها إلى قدميها، ثم إلى حقويها، وجعلت أمها تولول والجواري يصرخن، ويلطمن وجوههن، ثم خسف بها إلى منكبيها، فأمرت أمها السياف أن يضرب عنقها، لتتسلى برأسها ففعل، فلفظت الأرض جثتها عند ذلك، ووقعوا في الذل والفناء‏.‏ ولم يزل دم يحيى يفور، حتى قدم بخت نصر فقتل عليه خمسة وسبعين ألفا‏ ......."

اكتفي بهذا القدر من كتاب البداية والنهاية فمن رغب بالاستفاضة والمتعة فالقصة متاحة على الشبكة.. واستعرض فيما يلي سيرة يحيى في التاريخ اليهودي :

سيرة يحيى في التاريخ اليهودي

ولد الشاب اليهودي يوحانان، المعروف بإسمه يحيى اسلاميا، ويوحنا المعمدان مسيحيا، لعائلة كهنة عريقة، في احدى قرى يهودا مع مطلع القرن الاول الميلادي.. والده زكريا بن يسرائيل كان يعمل كاهنا في بيت المقدس في اورشليم "القدس".. وفي شبابه طفق يوحانان يدعو بني قومه للعودة الى الله محذرا ان يوم الدين قد اقترب والساعة قد دنت، وداعيا اليهود الراغبين في النجاة من عقاب الآخرة الى التطهر من الذنوب واعلان التوبة.. ودعا كل من اعترف بذنوبه الى التطهر بالماء طبقا للشريعة اليهودية مضيفا اليها مقصدا جديدا حيث رأى ان التطهر بالماء يغسل البدن من الذنوب فيما تضمن التوبة طهارة النفس.. وكان الشاب اليهودي يشوع، المعروف اسلاميا بالمسيح عيسى بن مريم، فيما يعرف مسيحيا بالسيد المسيح "يسوع"، احد الذين لبوا نداء يوحانان (يحيى) فتطهر على يدي يوحانان في مياه نهر الاردن معلنا على الملأ انه المسيح المنتظر الذي جاء ليطهر بني البشر من ذنوبهم..

وقد آمن خلق كثير من اليهود في ذلك الزمان بنبوة يحيى (يوحانان) معتبرين انه يجسد دور النبي الياهو، المعروف بإسمه الياس اسلاميا، كمبشر بظهور المسيح اليهودي المنتظر.. وقد أصدر الحاكم اليهودي لمنطقة الجليل، هوردوس أنطيباس، حكما بالاعدام على يوحانان وتم تنفيذ الحكم بعد ان انكر يوحانان على انتيباس زواجه من امرأة تعتبر محرمة عليه حسب الشريعة اليهودية بعد ان انجبت طفلة لأخيه هوردوس قبل ان تتطلق منه وتتزوج من انتيباس.. فيما آمن اتباع يوحانان انه قام من الأموات بعد مقتله..

هذا ويذكر المؤرخ اليهودي الشهير يوسف بن متتياهو المتوفي في القرن الاول للميلاد والمعروف عالميا بلقبه اليوناني يوسيفوس فلافيوس، ان مخاوف انتيباس بدأت تتزايد بفعل الشعبية العالية التي كان يحظى بها يوحانان في اوساط الشعب، وخشيته من المواعظ والخطب والمواقف الشجاعة التي أبداها يوحانان فيما اعتبر بنظر انتيباس بأنه تحريض على السلطة، بينما اعتبرت مواقفه هذه بنظر الشعب على انها قول كلمة حق في حضرة سلطان جائر في ظل المعارضة الشعبية لزواج انتيباس من هيروديا..

الى هنا سيرة يوحانان (النبي يحيى) في التاريخ اليهودي.. وهي سيرة موثقة في كتابات المؤرخ يوسيف بن متتياهو وفي كتاب النصارى "العهد الجديد".. لا ادري كيف أصبح اليهود جميعا قتلة انبياء بنظر المسلمين بسبب مقتل يوحانان بأيدي حاكم جائر وماجن.. هب ان احد الحكام المسلمين او احد جلاوزته أشهر مسدسه وأطلق الرصاص على عالم دين مسلم وارداه قتيلا بفعل كلمة حق جريئة قالها العالم في حضرته.. هل يصبح المسلمون جميعا في هذه الحالة قتلة علماء!؟ علما ان الاسلام يمجد قول الحق في وجه السلاطين والحكام ويثني على العلماء المسلمين الأفذاذ الذين ضحوا بحياتهم وحريتهم ثمنا لمواقفهم الجريئة ضد سلطان ضال ومتجبر.. ولا ننفك نسمع ان المسلمين لا يؤخذوا بجريرة حكامهم.. وان تصرفات الحكام ليست حجة على المسلمين.. وان الاسلام حجة على المسلمين وليس العكس.. بل إن احدى القواعد الذهبية المثيرة للاعجاب في الاسلام تقول "لا تزر وازرة وزر اخرى".. فكيف يجرم شعب بأكمله بجريرة وأوزار حاكم مستبد.. خصوصا وان بني اسرائيل في ذلك الزمان أظهروا تضامنا واسعا مع مواقف يوحانان ومعارضة جارفة للحكم الذي صدر في حقه....

أفــيدونا من فضلكم ..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات