طلب َ الكافرين من النبي الاكرم محمد عليه السلام بأن ياتيهم باية كونية كالايات الكونية التي اتاها الله تعالى للرسل السابقين عليهم السلام ... نقصد بآية كونيه مصدقة للمنهج وللرساله المبعوثه .. مثل آية عصا موسى التي كانت معجزة مؤيده ومصدقة لرسالة موسى ... ومثل آية احياء الموتى وإبراء الأكمة والابرص لعيسى التي اعجزت الناس ان يأتو بمثلها.... او مثل آية العمر الطويل لنوح (950 سنه ) الذي لم ولن يتكرر ....هذا الطلب يجيب ُ الله تعالى عليه بقوله :
(بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ..مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ)
الكافرون قالوا :
(فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ)
وهذا يحتمل ايه كونية كانشقاق القمر... فماذا كانت اجابة الله تعالى على طلبهم هذه ..كانت الاجابة قول الله تعالى :
(مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) ولننظر جيدا الى العبارة الاستفهامية أفهم يؤمنون ؟؟؟؟؟
ألم يبين الله تعالى لنا في كتابه الكريم انه لم يؤيد منهج الرسالة الخاتمة بمعجزة كونية كما ايد مناهج الرسالات السابقة , بسبب تكذيب اصحاب تلك الرسالات بالمعجزات الكونية التي ايد بها رسلهم عليهم السلام ... يقول تعالى ...
(وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ) ...
ألم يبين الله تعالى لنا ان اقتراب الوعد الحق الذي هو اقتراب الساعة سيكون بعد ان تفتح يأجوج ومأجوج ... يقول تعالى
(وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ.. حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ . وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) .
ألم يبين الله تعالى ان انشقاق القمر سيكون عند اقتراب الساعة , كآية من ايات اقتراب الساعة..
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) .
بعد كل هذا البيان الالهي الواضح , نرى احاديث تصور لنا انشقاق القمر حادثة ً في عصر الرسول عليه السلام وكأنها معجزة مؤيد لمنهج الرسالة الخاتمة ومصدقه له, ونتيجة طلب الكافرين لها ...
لننظر الى البخاري :
(عن انس بن مالك رضي الله عنه انه حدثهم ان اهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يريهم ايه فأراهم اشقاق القمر )
ثم الى مسلم :
( ان اهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يريهم اية فاراهم انشقاق القمر مرتين)
هذا الفكر التراثي الجمعي الذي لا ينصاع لأي منهج تدبري , لا سبيل عند اتباعه في محاججة الاخرين الا بالتفكير والأخراج من الملة , وهذا ديدنهم في كل جيل ...
لننظر في كتاب صحيح مسلم بشرح النووي فيما يخص هذا الحديث , لنرى كيف ان المتدبر لكتاب الله تعالى و لقوانين الكون يوصف بانه بأنه ملحد و اعمى القلب و مخالف للملة ...
(( قال القاضي : انشقاق القمر من امهات معجزات نبينا صلى الله عليهم و سلم, وقد رواها عدة من الصحابة – رضي الله عنهم – مع ظاهر الاية الكريمة و سياقها , قال الزجاج : وقد انكرها بعض المبتدعة المضاهين المخالفين للملة , و ذلك لما اعمى الله قلبه , ولا انكار للعقل فيها : لأن القمر مخلوق لله تعالى يفعل فيه ما يشاء , كما يفنيه ويكوره في اخر امره . واما قول بعض الملاحدة : لو وقع هذا لنقل متواترا , واشترك اهل الارض كلهم في معرفته , ولم يختص بها اهل مكة , فاجاب العلماء بأن هذا الانشقاق حصل بالليل , ومعظم الناس نيام غافلون , والابواب مغلقة , وهم متغطون بثيابهم , فقل من يتفكر في السماء او ينظر اليها الا الشاذ النادر ))
... اذا ... حتى يستقيم التأويل الفاسد لا بد من ان ننوم معظم الناس , ولا بد ان نغلق الابواب عليهم , ولا بد ان نغطيهم بثيابهم , ولا بد ان نحظر عليهم النظر الى السماء .. والأهم من كل ذلك لا بد ان تطلق عقولنا معرضين عن حقيقة دلالات كتاب تعالى .. وألأ كيف بنا ان نفهم تأويلهم (( فأجاب العلماء بأن هذا الانشقاق حصل في الليل , ومعظم الناس نيام غافلون , و الابواب مغلقة , وهم متغطون بثيابهم , فقل من يتفكر في السماء او ينظر اليها الشاذ النادر ))
اخيرا :
الاية الوحيده التي جائت مصدقة لرسالة النبي الخاتم محمد عليه السلام هو هذا القران العظيم
(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
فهو اية كونيه فوق التأريخ وهو آية غير متزمنة بزمن او مكمنة بمكان فيها اعجاز بلاغي وعلمي وفلكي وعددي..!!
وعند اي جيل وبكل عصر وكلما ارتقى السلم المعرفي وارتفعت الدرجة الحضارية للوعي البشري وتميزت بميزة حضارية معينه مثل الفلك او العلم او البلاغة يأتي القران العظيم دائما فيعجزهم بالسبق البلاغي والعلمي والعددي والفلكي .....!
والله لو رأيت بأم عيني اموات يرجعون الى الحياة لما زاد عندي شئ فالقران كمعجزة اكبر من هذا بكثير ... !!
ولو رأيت عصا موسى تفلق البحر بأم عيني لما زدت شيئا فالقران الكريم اعظم واكبر واعلى وأجل من ذاك بكثير ..... ولكن اكثر الناس لا يعلمون ...!!
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )
التعليقات (0)