وعلى قاعدة هذا التكتيك نوقشت في يناير 2002 وقبل غزو العراق بحوالي عام صفقة كشف عنها الخبير الفرنسي ألكسندر أدلير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والعالم الإسلامي في حوار للقناة التلفزيونية الفرنسية TV5 قائلا أنه يجري في أمريكا الإعداد لصفقة سياسية مثيرة بين ما يسمى بـ "الحمائم" و"الصقور" داخل الإدارة الأمريكية، وترتكز على طرفي معادلة: الأولى، تتعلق بالموقف من العراق، والطرف الثاني، الأراضي الفلسطينية. وحسب ما ذكر أدلير فإن "الحمائم" وعلى رأسهم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول يريدون تغييرا عميقا في السياسة الأمريكية تجاه الكيان الصهيوني، أما "الصقور" فيفكرون في التنازل عن بعض مواقفهم تجاه الكيان الصهيوني مقابل تغيير في موقف "الحمائم" تجاه العراق.
وعليه فإن باول يوافق على إحداث تغيير عميق– بالقوة - داخل العراق، ومقابل الإطاحة بنظام صدام، فإن الولايات المتحدة تفرض على شارون الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. ويضيف الخبير الفرنسي أن الأفكار الأمريكية الجديدة قد تفسر الحديث مجددا عن أسلحة العراق، وضرورة تغيير نظام صدام من جهة، ومن جهة أخرى الحديث عن إقامة دولة فلسطينية.
وقد أثار هذا الطرح قضية الفصل والوصل بين القضايا السياسية المختلفة، والمنطق الذي يحكمه، وهو ما يضع النخبة السياسية العربية ومؤسسات الديبلوماسية العربية أمام تحد كبير لبلورة موقف عربي من العلاقة بين القضايا المختلفة وجدوى الوصل والفصل بينها.
والسؤال عن القاعدة الصحيحة للفصل والوصل بين القضايا يعاد طرحه بعد التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي "حذرت" فيها إسرائيل من أن رفض الحكومة الإسرائيلية الجديدة قيام دولة فلسطينية سيؤدي إلى فقدان "التأييد العربي" في الملف الإيراني!
وبعد فك شفرة الخطاب الديبلوماسي المنمق نصبح أمام صفقة معروضة – على الأرجح مما يسمى "محور الاعتدال العربي" – خلاصتها: "خذوا إيران وأعطونا فلسطين". وإذا صح هذا فإن معناه العرب انتقلوا من مرحلة: "الأرض مقابل السلام"، التي كانوا يرفضونها ثم اضطروا إلى تبنيها، ثم مرحلة "السلام مقابل السلام" التي حاول الصهاينة فرضها ورفضها العرب، وأصبحوا هم يعرضون مبدأ جديدا أسوأ من سابقيه وهو: "الأرض مقابل المصالح الأمنية الاستراتيجية لأمريكا وإسرائيل"!
فهل تبلور موقف عربي يعرض البعض بمقتضاه هذه الصفقة؟ وهل قبلت أميركا مبدئيا وبدأت عملية "تليين" الموقف الإسرائيلي؟ ربما. لكن المؤكد أن حروبا أخرى قادمة في الشرق الأوسط المنكوب.
التعليقات (0)