الناصرة ـ القدس العربي: يُعتبر المحلل للشؤون الإستراتيجيّة في صحيفة هآرتس العبريّة، يوسي ميلمان، من أبرز الخبراء في الإعلام العبريّ في كل ما يتعلق بقضايا الجاسوسيّة وأجهزة المخابرات في إسرائيل وخارجها، نظرا لكونه مقربا جدا من دوائر صنع القرار في الأجهزة الأمنيّة، وأمس نشر ميلمان تقريرًا مطولاً عن الإدعاء الأمريكيّ بأنّ إيران حاولت اغتيال السفير السعوديّ في واشنطن، عادل الجبير، حيث شكك بالرواية الأمريكية، المتعلقة بما وصف بأنّه مؤامرة إيرانية، لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وضرب السفارتين الإسرائيليتين في واشنطن وبوينيس إيريس في الأرجنتين.
وقال ميلمان في تقريره إنّ التفاصيل القليلة التي كشفت عن الموضوع، تشير بوضوح إلى أنّ تخطيط العمليات يفتقر إلى التنظيم والخبرة الأمر الذي يزيد من عدم الثقة بالإعلان الأمريكيّ الذي ادعى أن إيران تقف من وراء المؤامرة المفترضة، وتابع الخبير الإسرائيليّ قائلاً إنّ خبراء في الشأن الإيراني غالبيتهم يلتفون حول طاقم الانترنت (جولف 2000)، الذي يديره غيري سيك، شككوا، في الرواية الرسمية الأمريكية، مشددًا إلى أنّ قسمًا منهم ذهب إلى حد القول إنّ إدارة الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، بدعم أجهزة مخابراتها، قامت بفبركة القصة بهدف إدانة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وذلك في إطار تهيئة الرأي العام لضربة عسكرية قادمة توجهها ضدها، على حد تعبيرهم.
علاوة على ذلك، أشار الخبير الإسرائيليّ أيضًا إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكيّة تقوم بممارسة الضغوطات على وكالة الطاقة الدوليّة، لكي تقوم الأخيرة بنشر دلائل حصلت عليها مؤخرًا، حول البرنامج النووي الإيراني، دلائل حسب ما أفادت صحيفة (نيويورك تايمز)، تستند إلى معلومات استخبارية تفيد بأنّ طهران تقوم بإجراء تجارب بواسطة تقنيات معدة لإنتاج السلاح النووي.
واستطرد الخبير الإسرائيليّ قائلاً إنّ هذه القضية التي تُشغل الرأي العام الأمريكيّ من الممكن جدًا أنْ تُلقي بظلالها على منطقة الشرق الأوسط برمتها، ويضيف بأنّ هناك من يحاول اتهام الموساد الإسرائيلي (الاستخبارات الخارجيّة)، بأنّه يقف من وراء تلك القصة بهدف قرع طبول الحرب ضد إيران، مستذكرين دور إسرائيل في بلورة الدلائل التي أدت إلى الحرب الأمريكية ضد نظام صدام حسين في العراق. ولكن، تابع ميلمان، بغض النظر عن أولئك الذين يتبنون نظرية المؤامرة، فإنّ الشعب الأمريكيّ والعالم قاطبة يذكرون جيدًا أن الرئيس الأمريكيّ السابق، جورج بوش الابن، قد استعان بمعلومات استخبارية خاطئة حول الخطط المزعومة لصدام حسين، لإنتاج السلاح النووي أو الكيماوي والبيولوجي، استعان بهذه المعلومات لتبرير اجتياح العراق سنة 2003. وبالتالي، يضيف الخبير الإسرائيليّ، فإنّ الأمريكيين يقولون، إذا كانت استخبارات واشنطن مستعدة لملاءمة المعلومات والتقديرات الاستخبارية لأغراض القيادة السياسية، في حينه، فما الذي يضمن أن لا يقوموا بفعل ذلك مرّة أخرى.
واشار ميلمان إلى أنّ وزير القضاء الأمريكي، أريك هولدر ورئيس الـاف بي آي، روبرط مولر، كانا قد كشفا في الأسبوع الفائت، أن أمريكيا من أصل إيراني، يدعى منصور ارببسيار من مدينة كوربوس كريستي، في ولاية تكساس، قد قام هو وقريب له من مجموعة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني بالتوجه إلى أحد الأشخاص للحصول على وسائل قتالية، من شبكة تجارة مخدرات، وأن الشخص الذي توجه إليه، تبين لاحقًا أنه عميل لوكالة مكافحة المخدرات.
جدير بالذكر أنّ التوجه المذكور، قال الخبير الإسرائيليّ، كان في شهر حزيران (يونيو) الماضي، حيث خضع المذكور للرقابة طيلة الفترة الماضية، إلى أن تمّ اعتقاله مؤخرا وقدمت ضده لائحة اتهام، في حين تمكن الشخص الآخر المدعو غلام شكوري والذي ينتمي، حسب لائحة الاتهام إلى تنظيم القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني من الهرب.
وأشارت الصحيفة العبريّة إلى أنه على الرغم من أنّ الإعلام الأمريكيّ تحدث بإسهاب عن محاولة اغتيال السفير الإسرائيليّ في واشنطن، مايكل أورين، ومحاولة تفجير سفارة تل أبيب في العاصمة الأرجنتينيّة، إلا أنّ لائحة الاتهام التي قدّمتها النيابة العامّة الأمريكيّة، لا تذكر لا من قريب ولا من بعيد هاتين المحاولتين.
كما رأى ميلمان أنّه من الصعب التصديق بأنّ الجمهوريّة الإسلاميّة التي وقفت وراء عمليات إرهابية، منظمة وجريئة، والتي تمتلك قدرات استخبارية وعملياتية بهذا الحجم، تلقي بمهمة على هذه الدرجة من الأهمية، على عاتق مواطن أمريكي إيراني، تبيّن بعد إلقاء القبض عليه، أن مشروبه المفضل هو الويسكي، ناهيك عن أنّ المرة الأخيرة التي تورطت فيها إيران، بحسب الصحيفة العبريّة، في عملية داخل أراضي الولايات المتحدة الأمريكيّة كانت في العام 1980، عندما استأجرت خدمات، دافيد تيودور بلفيلد وهو أفريقي أمريكي، كان قد اعتنق الإسلام لتصفية علي أكبر طبطباي، الملحق الصحافي السابق في السفارة الإيرانية في واشنطن في عهد الشاه. بلفيلد، الذي أصبح اسمه لاحقا داوود صلاح الدين وهرب إلى كندا قبل عودته إلى إيران، قال في مقابلة أجراها معه موقع (كريستيان ساينس مونيتور) قبل فترة وجيزة إنّه يستبعد استنادًا إلى تجربته ومعرفته بالمخابرات الإيرانية تورطها بالمؤامرة المذكورة، على حد قوله.
وخلص الخبير الإسرائيلي إلى القول إنّه على الرغم من أنّ إسرائيل الرسميّة حافظت على الصمت المطبق حول المحاولة الإيرانيّة الأخيرة، فإنّ صنّاع القرار في تل أبيب، شدد ميلمان، على علم وعلى دراية بأنّ إيران تملك القوّة والقدرات لتنفيذ عمليات من هذا القبيل، وأكثر من ذلك، تقول المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة، فإنّ الإيرانيين يُخططون لإخراج عمليات من هذا القبيل إلى حيّز التنفيذ، بالتنسيق مع حزب الله، هذا التنسيق، الذي ازداد كثيرًا بعد اغتيال القائد العسكريّ في حزب الله، عماد مغنية، على حد قول المصادر الإسرائيليّة.
التعليقات (0)