توقع خبراء غربيون "وفاة" اللغة العربية مستقبلا، وبرروا توقعهم ذاك بضعف الإقبال عليها من مستخدميها من جهة، وضعف الاستثمارات العربية في قطاع التعليم، وعدم مواكبة القائمين عليها على التقدم التكنولوجي والعلمي وتوافر المصطلحات اليومية.
ويبقى هذا التوقع مثيرا في وقت تحتل فيه اللغة العربية اليوم الرتبة الخامسة من حيث عدد الناطقين بها عالمياً، إلا أنه يمكن تسجيل تراجع استعمال لغة القرآن الكريم في التداولات العمومية وفي الأماكن العامة، ويقتصر وجودها على شاشات التلفزة أو الصحف بالإضافة إلى الكتب.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أشارت مجلة الإيكونوميست البريطانية في تحليلها لهذه الظاهرة إلى أن ظاهرة الضعف في اللغة العربية وصلت إلى جيل القادة الجدد في المنطقة، مشيرة إلى أن فيديو رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وهو يعاني من صعوبات جمة أثناء قراءة خطاب تكليفه رئاسة الوزارة في لبنان، الأمر الذي دعا رئيس البرلمان نبيه بري عرض المساعدة على الرئيس الشاب.
ويبدي الخبراء ملاحظاتهم على "دلائل قوية" تقول إن اللغة العربية هي لغة في طريقها إلى الاختفاء، بالقول إن استخدام اللغة العربية الفصحى في الإعلام أو التربية، أو في خطابات المناسبات العامة بين فترة وأخرى لا يعني أنها اللغة الأم للمتحدث بها، خصوصاً في دول خليجية مثل قطر والإمارات التي تعتمد على اللغة الإنكليزية بقوة، في كل المجالات الاقتصادية والتجارية وحتى على صعيد الحياة العامة وشراء الاحتياجات العائلية اليومية.
ويعلق أستاذ اللغة العربية في جامعة أوكسفورد "كليف هولز" بالقول إن "غالبية الطلبة العرب يعتقدون أن تعلم اللغة العربية شيء غير منطقي، ولا يمت للواقع العملي بصلة، خصوصاً في الأجواء العالمية المتاحة حالياً، حيث يتم تفضيل الإنكليزية".
وما يزيد من صعوبة الأمر، أن تعلم اللغة العربية نفسها، يعد مهمة مستحيلة لدى غالبية هؤلاء الطلبة لصعوبتها من ناحية، وقلة وجود استثمارات عربية في التعليم، تزيد من كفاءة وتقدم وسائل التعليم في المنطقة التي تتحدث بها. ويقول هولز إن "قلة استثمار الحكومات العربية يعني أن تعليم اللغة سيكون سيئاً، دون أن ننسى أن في دول الخليج عدد الغربيين والآسيويين يفوق بكثير عدد الناطقين باللغة العربية".
لكن اللغة العربية برأي هولز، ما زالت قوية، بظهور مسابقات تشهد إقبالاً شديداً مثل "شاعر المليون" الذي بنتج في العاصمة الإماراتية أبوظبي، رغم أنها عاجزة على التعامل مع كلمات مثل "Zip" التي تستخدم دائماً باعتبارها إحدى الاصطلاحات التي تشير إلى ضغط الملفات لإرسالها كوحدة واحدة بدل إرسالها مجموعة مقسمة على ملفات منفردة.
في المقابل قال تقرير صحفي نشر في أبوظبي إن عدد المنتمين إلى قسم اللغة العربية في جامعة الإمارات خلال العام الحالي بلغ خمسة أشخاص فقط، في رقم هو الأقل في تاريخ الجامعة، ووصف التقرير ذلك أنه "يعكس واحداً من أهم المخاوف التي تعيشها الأمة" بحسب توم هاندلي في صحيفة ناشونال الإنجليزية.
وعلق أستاذ الأدب العربي في الجامعة الأمريكية في دبي كمال عبد الملك بالقول: "في هذه المناطق يمكن القول أن اللغة العربية في خطر، إنها أزمة فعلية لأن اللغة العربية هي أداة مرتبطة بالثقافة وبيئة المنطقة، فإذا كانت الإداة غير فعالة، كيف يمكننا أن نقدم شيئاً ذي قيمة".
ويبدو وضع اللغة العربية في باقي المنطقة العربية مربكاً، ففي كردستان العراق يتم منع تدريس اللغة العربية، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات على من ينطق بها، بينما تنتشر اللغتان الإنجليزية والفرنسية في لبنان بقوة، وفي الأردن فإن رمز البلاد الملك عبد الله الثاني يعتبر أبرز مثال للشخصية الناجحة التي تتقن اللغة الإنجليزية، وفي مصر تنتشر الدعوات لاستخدام اللغة المصرية حتى تم اعتمادها ونشرها عبر موقع ويكيبديا الشهير، فيما تهيمن اللغة الفرنسية على السنة سكان المغرب العربي.
وهو ما دعا خبراء فيها إلى ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لتتعامل مع هذا الأمر حفاظاً على الهوية الوطنية لبلدان المنطقة، وهذا بحسب عبد الملك لا يتم بفرض قوانين "نحن لا نريد أن ينتهي بنا الأمر مع شرطة متخصصة في اللغة، القانون لا يستطيع الحفاظ على حيوية اللغة".
التعليقات (0)