قال الدكتور نادر الفرجاني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الانترنت أصبحت أداة قوية يمكن أن يستخدمها الناشطون في المطالبة بضرورة سيادة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في مواجهة استبداد الحكومات ورقابتها المستمرة على المعلومات وناشطي حقوق الإنسان وفي مقدمتهم المدونون حيث فتحت الانترنت الباب على مصرعيه للمطالبة بحقوق المواطنين وعرض مشكلاتهم.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها الشكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تحت عنوان "دور الانترنت في حركة المطالبة بالديمقراطية في مصر والعالم العربي" مساء الأربعاء بمبنى نقابة الصحفيين ، وحاضر فيها الدكتور نادر فرجاني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وخبير تقارير التنمية البشرية العربية ، وحسام الحملاوى مدير الموقع الالكتروني باللغة الإنجليزية لجريدة "المصري اليوم" ، وجمال عيد المدير التنفيذي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان .
وناقشت الورشة الأشكال المختلفة للشبكات الاجتماعية بداية من المنتديات والمدونات والفيس بوك والدور الاجتماعي والسياسي لها ، وهل يؤدى اختلاف أشكالها إلى تباين دورها الاجتماعي والسياسي في كل دولة ومدى مساهمة شبكة الإنترنت بوجه عام في دعم المطالبين بالديمقراطية وتوفير أدوات تتيح لأصحاب الرأي أيا كان ، متنفسا لطرح أرائهم ، بعيدا عن السيطرة التقليدية من الحكومات على الإعلام التقليدي.
وأضاف فرجاني أن للانترنت دور متعاظم في الحياة السياسية في البلدان التي تتميز ببنية سياسية ديمقراطية خاصة المتقدمة منها بما يسمح بتوافر تقنيات المعلوماتية والاتصال الحديث ضاربا المثل بفلندا حيث تقترن المشاركة السياسية للفاعلين المؤسسين ومنظمات المجتمع المدني وحتى المواطنين الأفراد بتوظيف تقنيات المعلومات والاتصال الحديثة .
وتابع انه على النقيض فقد تعاظم دور تقنيات المعلومات في الدولة الاستبدادية كوسيلة للتغير والإصلاح ومعارضة هذه النظم ، مشيرا إلى ضرورة إدراك أن هذه الوسائل لا تولد التغير بل تعمل على إتاحة البيئة التي تمكن من حدوثه ومن ثم تمكين العنصر البشري من أن يلعب دوره المحوري في إحداث هذا التغير .
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى وجود بعض المعوقات تحول دون التوظيف الأمثل في الدول البلدان العربية منها الأمية خاصة بين النساء والتي تمثل 60% ولا يتوقف عند الأمية الأبجدية بل تتعدي إلى الأمية الرقمية ، والفجوة الرقمية المتمثلة في قلة من يمكنهم استخدام وسائل الاتصال الحديثة خاصة الانترنت ، إضافة إلي معوق استشراء البطش البوليسي ونفاذه إلي الانترنت في غالبية الدول العربية "حيث تحول جهاز الأمن من حماية امن المواطنين إلي حماية امن الدولة ، وأصبحت الحكومات تتلذذ البطش بنشطاء الانترنت" على حد قوله.
وأوضح الفرجاني إلى أن استخدام التقنيات المعلوماتية ظهر بوضوح في يمصر في حركة كفاية حيث استخدام شكات التليفون المحمول في التعبئة والحشد ، وفي حركة شباب "6 ابريل" .
وأدان الفرجاني في ختام حديثه التوتر بين المدونين والدولة حتى وصل عدد النشطاء الذين تعرضوا لمضايقات أمنية وحبس وضرب واعتقال حوالي 500 ناشط الكتروني بين مدونين ومستخدمي لشبكة الانترنت ، مشيدا في الوقت ذاته بقدرة المدونات على كسر احتكار الدولة للمعلومات خاصة في دولة البحرين.
بدوره ، عبر جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عن تحول الإنترنت والشبكات الاجتماعية إلى شوكة في حلق الحكومات التي تعتمد القمع وسيلة ضد النشطاء والحركات المطالبة بالديمقراطية وهو ما طرحه تقرير الشبكة لعام 2009 والذي جاء تحت عنوان " شبكة اجتماعية واحدة ، ذات رسالة متمردة" ، رغم أن عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في مجال دعم الديمقراطية والمطالبة بها لا يتجاوز عددهم الآلاف مقارنة بنحو 58مليون مستخدم للانترنت في العالم العربي.
وأضاف أن التقرير تناول حالة التضييق الشديدة التي تفرضها أغلب الحكومات العربية على مستخدمي الإنترنت ، وكذلك الانتهاكات التي تمارسها ضدهم ، والتي تراوحت ما بين الاختطاف و التعذيب والاعتقال بموجب حالة الطوارئ كما في مصر أو سوريا ، موضحا أن أصحاب الصحافة الشعبية مثل المدونون وناشطي الفيس بوك هم الأكثر عرضة للانتهاكات من قبل الحكومة وأجهزة الأمن .
ومن جانبه ، أشاد المدون والناشط حسام الحملاوي مدير الموقع الالكتروني باللغة الإنجليزية لجريدة المصري اليوم بالمدونات وقدرتها علي كسر حاجز احتكار الحكومة للمعلومات وقدرتها علي نقل الكثير من المعلومات المسكوت عنها والتي تعجز عض الصحف في نقلها لسياستها التحريرية أو المصالح التي تحكمها .
وأضاف أن طابع المدونات السياسي ظهر بوضوح بعد يوم أحداث يوم إجراء الاستفتاء على التعديل الدستوري والذي شهد تجاوزات في حق الكثير من الناشطات فقام المدونون بنقل هذا الأحداث على مدوناتهم وهو ماوجه بقمع شديد من قبل الحكومة التي أصبح الاعتقال والتعذيب لغة الحوار السائدة مع نشطاء الانترنت .
وأشار إلى أن الانترنت شهد تطورا أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتقاضة الأقصى" التي انطلقت عام 2000، حيث استخدام القوائم البريدية في حشد الجماهير والتعبئة والدعوة إلي المظاهرات والتجمعات ضد الإحتلال الإسرائيلي، وكذلك في ظل الاستخدام الكبير للمدونات ومواقع التواصل الاجتماعي وعلي رأسها الفيس بوك .
وأوضح أن المدونات تعتبر الآن المصدر الوحيد المستقل للأخبار في العالم العربي لأنه لا يوجد عليه أي نوع من الضغوط الموجودة في الصحف حتى المستقلة منها ، فالمدون قادر علي التعبير علي ما يري دون رقابة عليه اللهم إلا رقابته الذاتية وخوفه من البطش به من قبل أجهزة الأمن .
وقد اصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان تقريرها السنوي نهاية الشهر الماضي تحت عنوان "شبكة اجتماعية واحدة.. ذات رسالة متمردة"، والذي أكد زيادة عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي وتضاعفهم في ثلاث سنوات، قد واكبه زيادة في حدة القمع والتحرش بمستخدميه ، حتى في بعض البلدان التي عرفت سابقا باعتدالها مثل المغرب والإمارات، وفي حين ظلت دول مثل السعودية وتونس وسوريا على رأس الدول التي تمارس الحجب الصارم لمواقع الإنترنت، فإن مصر التي توقفت عن سياسة حجب المواقع منذ خمس سنوات، أصبحت الدولة العربية الأشد قمعا لنشطاء الإنترنت والمدونين.
ووصف التقرير العالم العربي بأنه من أسوأ المناطق في العالم ممارسة للرقابة على الإنترنت واعتقال المدونين والناشطين ومحاكمتهم، كما تعد الدول العربية ضيفا دائما على قائمة أعداء الإنترنت التي أعدتها منظمة مراسلون بلا حدود، والتي ضمت 12 دولة على مستوى العالم لعام 2009 جاء منها أربع دول عربية هي مصر والسعودية وتونس وسوريا.
وأكد تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن المدونين المصريين حملوا لواء المبادرة، واستطاعوا رفع هامش حرية التعبير، عبر تسليط الضوء على قضايا سياسية واجتماعية ،كما استطاعوا كسر حاجز الخوف لدى قطاع كبير من مستخدمي الإنترنت معظمهم من الشباب وتشجيعهم على المشاركة السياسية الإيجابية.
المصدر: شبكة محيط الإخبارية
التعليقات (0)